لمياء القرني.. هذه إفرازات سياسات محمد بن سلمان
انتشرت في الفترة الماضية الكثير من الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي عن فتاة تدعى لمياء القرني تنشر صوراً ومقاطع فيديو وتعليقات تنافي الحشمة والأخلاق التي يألفها مجتمعنا والأعراف التي تربى عليها، ولاقت هذه القضية الكثير من الأخذ والرد فهناك من أيد تصرفاتها وأكد على أنها تصب في خانة الحريات التي تعمل السلطة على الترويج لها، بينما هناك من استنكر وندد وشدد على ضرورة منع مثل هذا التفلت الذي بدأ يحصل في البلاد.
وسرعان ما عملت القوات الأمنية على اعتقال الفتاة المعنية واعتبار أفعالها أنها تخالف الأنظمة والقوانين وأنها ستعرض على الأجهزة المعنية بسبب مخالفاتها هذه، وبدأت وسائل الإعلام بنشر روايات متعددة منها أن القرني انتحلت هذا الاسم لتخفي حقيقتها وأن أهلها لم يكونوا على علم بذلك وغيرها من الأخبار التي لا تقدم ولا تؤخر كثيراً في القضية، والمهم ليس انحراف شخص بعينه بقدر ما هو وضع المجتمع ككل على سكة الانحراف والخطأ والرذيلة.
ممارسات السلطة وتحمل المسؤولية..
وقضية القرني تفتح الباب للتساؤلات عن المسؤول الحقيقي عما جرى ويجري في البلاد؟ وهل يمكن تحميل المسؤولية للأهل فقط أو لنفس الشخص الذي ارتكب فعلته؟ أليس هناك من مسؤوليات تلقى على عاتق السلطات في الدولة التي تعمل على الترويج للانفلات والحداثة من باب فتح المجال للحفلات الغنائية المنفلتة والصاخبة التي تدعو للرقص والمجون؟ أليس من يدفع الشباب لحضور هذه الحفلات يدفعهم إلى التمادي للسير بهذا المجال؟
الحقيقة أن السلطة السعودية وعلى رأسها المنظّر والمروج الأول لما يجري أي ولي العهد المدلل محمد بن سلمان يتحملون المسؤولية الكبرى والأولى في حرف أخلاق الناس عن الدين والقيم والأعراف في مجتمعاتنا لأنهم يريدون القول للغرب نحن لسنا بلداً متطرفاً ولا نتبع الوهابية المتشددة إنما نتبع "السلمانية الراقصة" التي تعتقد أن هذا هو التطور والانفتاح والحضارة.
لماذا نلوم فقط لمياء القرني (سواء كان الاسم حقيقياً أم مستعاراً) طالما أن ولي العهد ومن يدور في فلكه يصدر المواقف عن إمكانية حضور النساء للحفلات وحدوث اختلاط بدون ضوابط وصولاً للقول إن على المرأة إخفاء عورتها فقط وما شاكل من أمور تصطدم واعتقادات الشعب بالاضافة الى عدم تعود المجتمع عليها، وهي بالتالي ستفرز نتائج غير سوية وصوراً أبشع بكثير من لمياء القرني، وستكون هذه الفتاة وغيرها ضحايا على طريق انفتاح ولي العهد لتقديم أوراق اعتماده لواشنطن ولندن وغيرهما في سعي لتنصيبه ملكاً في مملكة آل سعود.
مشهد مفتعل أم تصرفات فردية؟!
هذا بالطبع إذا ما سرنا برواية السلطة التي تقول إن الفتاة فعلت ما فعلت بمحض إرادتها، ومن يؤكد أنها لم تكن مدفوعة للعب هذا الدور، ففي الأنظمة البوليسية والاستخبارية يمكن افتراض أن تكون الأجهزة السعودية هي من اخترعت صورة وحالة هذه الفتاة للترويج للرذيلة والخروج إلى العلن بهذه الطريقة في محاولة لكسر حاجز الخوف لدى الشيطان الكامن في نفوس البعض ولتحريض الناس على المنكر ونهيهم عن المعروف في مخطط مشبوه لضرب المجتمع من الداخل والعمل على تغيير معتقداته الفكرية والثقافية.
كما أن السلطة السعودية الماكرة قد تكون تهدف من خلال اختراع مسألة القرني هو اختبار مدى قبول وتجاوب الشارع السعودي مع مثل هذه الحالات ولا سيما من فئة الشباب وهي بالتالي ستؤسس على ما يمكن أن تراه مقبولاً أو ممكناً من أبناء هذا الشعب، فهي قد تسعى إلى تطوير هذه الحالة من الدعوة للابتعاد عن القيم والفكر والأخلاق لأن من مصلحتها أن يكون أغلب أبناء الشعب وبالتحديد الشباب لا يؤمن بمبادئ أخلاقية وإسلامية حقيقية وسليمة بل يكونوا أشبه بالهمج الرعاع الذين يميلون مع كل ريح ويتبعون كل ناعق، وبالتالي فمثل هؤلاء يسهل حكمهم والتلاعب بمصيرهم من دون جهد كبير.
سياسات ابن سلمان.. وتقسيم المجتمع
لذلك يبقى التأكيد أن الناس على دين ملوكهم وما يحصل في أي مجتمع هو نتيجة طبيعية لما يزرعه هذا ًالحاكم في ناسه وشعبه، وبالتالي من يدعو إلى الحفلات والرقص وغيره من المظاهر لا يستغرب كثيرا إن وجد من يطالب بحرية شرب الخمر وغيره من وسائل وشهوات تحتاجها الأجواء التي يرغب بها ابن سلمان لعامة الناس.
كل ذلك سيوصل بنا إلى حدوث شرخ كبير داخل المجتمع الذي سيرجح انقسامه إلى أقسام عديدة منها: من يريد البقاء على ما تربى عليه من قيم وأخلاق ودين محمدي أصيل، منهم من يتمسك بالمذهب الوهابي المتشدد والمتطرف الذي يشوه صورة الإسلام، منهم من سينحو باتجاه رغبات وآخر صرعات محمد بن سلمان، منهم من سيتطرف بالفحش والعيش في مظاهر الحياة الغربية بكل ما فيها من معايير لا تنطبق على عيشنا ومجتمعنا، وغيرهم الكثير مما ستظهرهم الأيام المقبلة ببركة مشاريع ورؤى ولي العهد الحالم بخلافة والده
ارسال التعليق