نتنياهو يتحدث: الكيانالصهيوني والسعودية يداً واحدة!!
في تغريدة له على موقع توتير في 14/5/2018، عبّر رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو عن التطابق بين الكيان الصهيوني والمملكة السعودية، تجاه قضايا المنطقة، حيث قال، موجهاً خطابة الى الحكومات الأوربية التي رفضت قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران.."مع كل احترامي للذين يتربعون في العواصم الأوربية، إننا نتواجد هنا في عواصم الشرق الأوسط_في أورشليم والرياض وغيرها من الأماكن- بعد أن شهدنا تلك التبعات المدمرة المترتبة عن الاتفاقية الإيرانية ".
أهمية وخطورة هذا التصريح لأكبر مسئوولصهيوني، لا يكمنان في أنه يؤشر إلى تسارع وتيرة التطبيع والتحالف بين الكيان الصهيوني والأنظمة الخليجية وعلى رأسها النظامالسعودي وحسب، وإنما لأن توقيت هذا التصريح اقترن بتطورين خطيرين وفي غاية الأهمية هما:
أولاً: احتفال الكيان الصهيوني بضم القدس بعد إعلان الرئيسالأمريكي ترامب القدس عاصمة الكيان الغاصب، حيث افتتحت السفارة الأمريكية في القدس بحضور عدد من المسؤولين الأمريكان والصهاينة وعدد من السفراء الأوربيين، وقد مثل ترامب في هذا الاحتفال ابنته إيفانكا وزوجها اليهودي جاريد كوشنر، وقد شكل هذا الحدث أخطر تحدي لقضية الشعبالفلسطيني وللأمة الإسلامية بأكملها، لأنه شكل انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف الدولية ومنها قرارات الأممالمتحدة، فالولاياتالمتحدة اعترفت للعدوالصهيوني بضم القدسكاملة بما فيها من مقدسات خلافاً لقرارات مجلس الأمن التي تعترف لحد الآن باحتلال العدو للقدس الشرقية في حرب عام1967،هذا من جانب، ومن جانب آخر أن هذا الاعتراف الرسمي يعني إطلاق رصاصة الرحمة على التسوية والتي مازال فريق أوسلو الفلسطيني يراهن على استمرارها ظناً منه، انه يمكنه الوصول إلى " دولةفلسطينية عاصمتها القدس الشرقية "!! واللافت أن القدس تتعرض للمصادرة والسرقة، بينما الأنظمةالعربية تلوذ بالسكوت المطبق، حتى من بيانات خجولة أو ما شابه ذلك، وذلك أضعف الإيمان، خصوصاً بالنسبة للنظام السعودي الذي يرفع شعار"خدمة الحرمين" وينصب نفسه زعيماً وقائداً للأمة الإسلامية، ومدافعاً عن مقدساتها وعن وجودها وما إلى ذلك من الشعارات التي صدع بها رؤوسنا طيلة الفترة الماضية وما يزال، كما انه اليوم يرفع شعار الدفاع عن العرب وعن العروبة، بالإضافة إلى "زعامته الإسلامية " وإعلامه في هذه الفترة يطبل ليل نهار بهذه الشعارات، ويعتبر نفسه انه المعني الأول في الدفاع عن الدولالعربية وعن أمنها القومي، ومنع "إيران من اختراقها"،بينما نجده يلوذ بالسكوت إزاء ما يجري للقدس من مصادرة صهيونية أمريكية بغير حق، وما يتربت على ذلك من تهديد جدي للمسجد الأقصى..
وثانياً: تصاعد احتجاجات الشعب الفلسطيني المتواصلة منذ ذكرى يوم الأرض، حيث كثف أبناء غزة على وجه الخصوص من مظاهراتهم واحتجاجاتهم قرب الحدود مع الكيانالصهيوني، إلا أن الأخير أوغل من خلال قواته وقناصته في ارتكاب المزيد من الجرائم والمذابح، حيث سقط في يوم الاحتفال بافتتاح السفارةالأمريكية في القدس أكثر من خمسين شهيداً من أبناء غزة من النساء والأطفال والشباب العزل، وأكثر من ألفي جريح، ويبدو أن كل هذه الدماء لم تحرك الأمم المتحدة وبقية الأوساط الدولية، إلا من البيانات الخجولة، التي أصدرتها بعض الحكومات الأوربية والأمم المتحدة!! ما يعني كل ذلك جملة أمور في غاية الخطورة نذكر منها ما يلي:
1. إن النظام السعودي شريك أساسي في التآمر على الشعب الفلسطيني، فحينما يعترف نتنياهو بأن الصهاينة والسعوديين-آل سعود_ يقفون في خندق واحد، فمعنى ذلك أن النظام السعودي يقف بوجه حقوق وجهاد وطموحات الشعب الفلسطيني، وهذه حقيقة باتت تؤكدها التصرفات والسلوكيات والسياساتالسعودية، سيما فيما يخص تسارع وتيرة الهرولة نحو التطبيع مع العدو بشكل علني والكشف المستمر عن مشاريع التعاون والتنسيق بين آل سعود والصهاينة في مختلف المجالات، الأمنية منها والعسكرية والاقتصادية على وجه الخصوص، ففي هذا السياق أكدت مجلة (ذاهيل) الأمريكية في مقال جديد لها في 14/5/2018 حول طبيعة العلاقات الصهيونية مع بعض الدول العربية، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يعدُّ أهم وأكبر حلفاء "إسرائيل" الجدد في المنطقة.وتحدثت المجلة الأمريكية في مقالها الذي كتبه مدير دراسات الردع الاستراتيجي في معهد ميتشل لدراسات الفضاء الجوي البريطاني، بيترهيوسي، تحدثت عن رؤية بن سلمان حول القضية الفلسطينية والمتطابقة تماماً مع الرؤيتين الأمريكية والصهيونية، مشيرة إلى أن بن سلمان يطالب الفلسطينيين بتقديم التنازلات والقبول بما يقدم إليهم من عروض، وإلا فليصمتوا، لافتة -المجلة- إلى أن ولي العهد السعودي أكد أثناء لقاء سري جمعه مع ممثلي منظمات يهودية أمريكية خلال زيارته واشنطن نهاية مارس/آذار الماضي، هاجم فيها القيادة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، مؤكداً أن القضية الفلسطينية ليست الأولوية لحكومة السعودية ولا للرأي العام السعودي،وهناك قضايا أكثر أهمية وأكثر إلحاحا للتعامل معها مثل إيران. وما يؤكد ويعزز ما ذهبت إليه المجلة الأمريكية، شهادة الخبير الإعلامي الفلسطيني نشأت الاقطش أستاذ الإعلام والعلاقات العامة في جامعة بيرزيت، في حوار تلفزيوني في7/5/2018 والتي قال فيها " أن بن سلمان يتبنى مواقف متطرفة أكثر من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن " الإسرائيلي" ورئيس حزب (يسرائيل بيتينو) المتشدد افيغدورليبرمن". وأضاف الاقطش قائلاً" إن ولي العهد السعودي شاب طامح للحكم، ولكي يصل إليه، أوضح، لابد أن ترضى عنه الولايات المتحدة، التي لا تزال غير مطمئنة من أنه يمكن أن يكون البديل المناسب في حكم المملكة السعودية، وذلك على الرغم مما قدمه ولي العهد من مواقف متطرفة ومليارات الدولارات".
أكثر من ذلك، أن اصواتاً سعودية بدأت تتحدث علناً عن إقامة علاقات مع العدو، والتنسيق معه بصورة علنية، فهذا الباحث السعودي المدعو عبد الحميد الحكيم مدير معهد أبحاث الشرقالأوسط في جدة، طالب في 5/5/2018 بفتح سفارة سعودية في الأرض المحتلة وفي القدس تحديداً..ففي تغريدة له في ذلك التأريخ وجه الحكيم سؤالاً " ماذا يعني فتح سفارة "لإسرائيل" في الرياض وسفارة سعودية في القدس؟". ويُجيب الحكيم على سؤاله قائلاً "يعني شهادة وفاة المشروع الإيراني الذي نشر الفوضى عبر الإسلام السياسي الشيعي، وكذلك وفاة الإسلام السياسي السني، وخلق شرق أوسط أفضل لشعوب المنطقة"! على حد قوله وتعبيره..وتابع هذا الكويتب في تغريدته بكتابة وسماً بعنوان "نريد سفارة "لإسرائيل" بالرياض".وكان هذا الكاتب السعودي قد اعترف بالتطبيع السعودي مع العدو مبرراً ذلك بمواجهة إيران، كما كانت له مداخلة على فضائية الحرة الأمريكية في كانون الأول الماضي، أثارت جدلاً واسعاً، عندما قال فيها" نحن كعرب علينا أن نعرف ونتفهم ونعترف أن القدس هو رمز ديني لليهود مثل قداسة مكة والمدينة للمسلمين"!! على حد تعبيره. ودعا هذا السعودي حينها العقل العربي إلى التحرر مما أسماه " الموروث الناصري والإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي، الذي غرس لمصالح سياسية بحته، كراهية اليهود وإنكار حقهم التأريخي في المنطقة" بحسب ادعائه.
واستطراداً، كان وزير الثقافة السعودي عواد العواد قد أعرب في 16/4/2018 عن أمله في تبادل ثقافي بين المملكة العربية السعودية والكيان الإسرائيلي في أسرع وقت ممكن، فهذا الوزير متشوق جداً للتطبيع الثقافي مع العدو..وجاء هذا الشوق من الوزير السعودي بعيد المقابلة التي أجرتها مجلة ذا اتلانتيك الأمريكية مع بن سلمان، والتي قال فيها " أعتقد أن لكل شعب، في أي مكان، الحق في أن يعيش في وطنه بسلام. أعتقد أن للشعبين الفلسطيني و"الإسرائيلي" الحق في أن تكون لكل منهما أرضه "كما قال بن سلمان للمجلة" أن " إسرائيل" اقتصاد كبير مقارنة بحجمها واقتصادها ينمو بقوة بالطبع هناط كصالح نتقاسمها مع "إسرائيل")).ومن الجدير الإشارة إلى أن بن سلمان لم يعر أيه أهمية لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتراف ترامب بالقدس عاصمة الكيان الصهيوني، في تلك المقابلة حينما سئل عن الموضوع حيث أعطى إجابة غامضة وتهرب بشكل واضح من الإجابة الصريحة، بأنه موافق على ذلك، لكنه قالها بشكل غير مباشر من تلك الإجابة الغامضة إذ قال " نحن نحاول بوسعنا، إنني أحاول التركيز على الفرض التي أمامنا، وعلى الخطوة القادمة، وكيف تؤخذ الأمور في وضع أفضل، وليس على المجادلة بشأن أي خطأ "!
2. إن تصريحات نتنياهو وما تقدم من شهادات، وهي غيض من فيض، كل ذلك يؤكد أن النظام السعودي وبقية أنظمة الخليج المطبعة قد تجاوزت مرحلة التطبيع مع العدو، إلى مرحلة أخرى، باتت فيها المخلب الصهيوني الأمريكي في المنطقة، بتوظيف كل إمكاناتها المالية والأمنية والعسكرية في خدمة المشاريع الأمريكية الصهيونية التي تستهدف الأمة..وبالأخص قضيتها المركزية، قضية فلسطين، والقوى المقاومة لهذه المشاريع في المنطقة، ففي هذا السياق قال موقع ديفيد هو بس اي حصان داوود، الناطق باسم منظمة ايباك الصهيونية، وهي أقوى منظمة في الولايات المتحدة سياسياً " أن اجتماعاً حصل بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس أركان الجيش "الإسرائيلي" الجنرال غادي آيزانكوت في نهاية شهر آذار الماضي بحضور مدير المخابرات العامة الإسرائيلية، أي الموساد، وحضور وزير الخارجية السعودي عادل الجبير". وأشار الموقع إلى أن الاجتماع تناول القضايا الأمنية في المنطقة والأحداث الساخنة، حيث أكد الموقع أن بن سلمان أبدى استعداده للعمل في إطار الجهد المشترك مع الكيان الصهيوني في كل المجالات الأمنية منها على وجه الخصوص. والأهم من ذلك أن الموقع ذكر أن بن سلمان اتفق مع مدير جهاز الموساد الصهيوني على أنهم مقتنعون أن الحل النهائي للقضية الفلسطينية، هو إعطاء الفلسطينيين دولة، وان أي دولة يجب أن تكون مجردة من السلاح والشعب الفلسطيني لا يحق له حمل السلاح باستثناء25 ألف شرطي وان أمر القدس منتهي وهي عاصمة أبدية للكيان الصهيوني، والسعودية جاهزة للدفاع ضد أي هجوم إيراني!! يعزز هذا الكلام ما قالته مجلة فوزين بوليسي الأمريكية في عددها 31/3/2018، حيث قالت وعلى لسان كاتبيها شاي فيلدمان وتمارا كوفمان، أن قضية فلسطين لم تعد القضية الأهم التي تشغل العرب، وان الكثير من العرب باتوا يهرولون نحو "إسرائيل" في إطار العداء المتناهي والكبير لإيران!! لدرجة أن الكاتبين المذكورين تساءلاً في مقالهما هل " صارت إسرائيل حبيبة العرب".وأقولها صراحة أن الكيان الغاصب صار أكثر من حبيب للنظام السعودي، مادام يؤمن الطريق لبن سلمان للوصول إلى عرش المملكة، فالقناة الثانية الصهيونية تقول "إن تل أبيب نجحت في إقامة علاقات سرية وشبكة تحالفات مفاجئة مع عدد من الدول العربية بينها السعودية، بهدف خدمة مصالحها السياسية والعملياتية" مضيفة " أن الحديث عن التطبيع السعودي-الصهيوني، دخل مرحلة التحالف والعمل والتنسيق المشترك" كاشفة هذه القناة، أن كيان العدو "تمكن من تجنيد دول يفترض في الأحوال الطبيعية أن تشكل الخطر الأكبر على الوجود الصهيوني" وتطرقت القناة إلى " التعاون والتنسيق في المجال العسكري بين السعودية وإسرائيل" بغرض استهداف دول عربية أخرى، لا تتماشى سياستها مع سياسة تل أبيب والرياض". وأكدت القناة أيضاً أن الرياض "تساعد تل أبيب على الوقوف في وجه طهران حتى في المحافل الدولية ".
3. إن النظام السعودي ومعه النظام البحريني والنظام الإماراتي يقومون بدور فعال وأساسي في تسويق هذا الكيان الغاصب، على انه الحليف والحامي للعرب !!وتبرير التعاون والتفاعل معه، ففي هذا السياق كشفت مصادر فلسطينية رفيعة المستوى في رام الله لموقع " الخليج اون لاين" في 13/5/2018 " أن السعودية دخلت مرحلة كبيرة وجديدة في تاريخ علاقاتها مع دولة الاحتلال لم تسبق لها أي دولة عربية أو إسلامية أخرى، حيث وصلت لعقد لقاءات وسط تل أبيب مع المسؤولين الإسرائيليين بصورة علنية". وأضافت المصادر أن الرياض فتحت باب التطبيع على مصراعيه، ولا تسعى وحدها للوصول إلى هذا الهدف في توطيد علاقاتها السياسية والاقتصادية وحتى الفكرية مع الاحتلال، بل تريد أن تأخذ بيدها باقي الدول العربية للدخول من هذا الباب وفتح صفحة جديدة مع إسرائيل" وذكر الموقع أيضاً نقلاً عن تلك المصادر نفسها أنه " في سابقة هي الأولى من نوعها قادت السعودية وفداً عربياً رفيع المستوى لزيارة تل أبيب قبل أيام، للقاء المسؤولين الإسرائيليين للتباحث معهم في ملفات شائكة وساخنة تمر بها المنطقة". الموقع أوضح أن " الوفد العربي ضم مسؤولين سعوديين وإماراتيين ومصرين" والتقى خلال الزيارة التي استمرت يومين شخصيات صهيونية رفيعة تم التباحث معها بشأن فلسطين وإيران، بحسب ما ذكر الخليج اون لاين. في السياق ذاته أشار الموقع الصهيوني " المصدر" شبه الرسمي يوم 14/5/2018 إلى العلاقات بين الكيان الصهيوني والدول الخليجية، التي تتطور بسرعة، فذكر الموقع المصافحة بين نتنياهو والسفير الإماراتي في واشنطن، وكذلك المشاركة الإماراتية والبحرينية في مسابقة الدراجات الهوائية بمناسبة الذكرى السبعين لقيام الكيان المحتل ونكبة فلسطين،و العناق الحار بين عضوات منتخبي كرة السلة الإماراتي والصهيوني، وسماح السعودية بمرور الطائرات الصهيونية في الأجواء السعودية.. كل ذلك وغيره يدلك به الموقع الصهيوني على انتقال العلاقة والتعاون بين الكيان الصهيوني والدول الخليجية وعلى رأسها الدولة السعودية، إلى مرحلة جديدة متطورة وجريئة في التحرك والتنسيق والتمويل ضد مصالح الأمة الإسلامية، خصوصاً ضد مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
عبد العزيز المكي
ارسال التعليق