نظام آل سعود؛ فساد مدمر في كل المجالات
يمكن القول وبضرس قاطع بأن آل سعود لم يدعوا مجالاً إلّا وأفسدوا فيه، وهذا الأمر موثق بالأرقام والحقائق الدامغة التي لايمكن أن تغطى بغربال لأن نتائجه الكارثية واضحة للقاصي والداني، فضلاً عن المتخصصين والمتابعين للشأن السعودي على الصعيدين الداخلي والخارجي.
والإصلاحات الاجتماعية المزعومة التي أقدم عليها النظام المتمثل في الوقت الحاضر بولي العهد "محمد بن سلمان" الذي يمسك السلطة بأساليب قمعية، ما هي إلّا زوبعة في فنجان يراد منها ذر الرماد في العيون لتحقيق أهداف متعددة في مقدمتها تقوية سلطة بن سلمان وتمهيد الأرضية له ليهيمن على مقدرات الأمور بعد وفاة والده "الملك سلمان بن عبد العزيز" الذي يعاني من المرض وكبر السن.
ومن الأهداف الأخرى التي يسعى بن سلمان لتحقيقها هي الرغبة بكسب ودّ العديد من الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا التي تدعم بن سلمان باعتباره الأقدر على تنفيذ أجنداتها في المنطقة والتي تستهدف الاستحواذ على مقدراتها والتحكم بمصيرها.
وإطلاق ما سمّاه بن سلمان بـ"الإسلام المعتدل" لتغيير بعض المظاهر في المجتمع والمؤسسات الحاكمة يراد منه هو الآخر تهيئة الظروف المواتية للتخلص من المعارضين الذين يصفهم البعض بالمتشددين لاسيّما في أوساط الحلقات الدينية التي ترفض توظيف الدين لأغراض سياسية وإعلامية .
وهنا لابدّ من التذكير بأن بن سلمان لايثق بالكفاءات الوطنية لإدارة شؤون البلاد، والمثال الواضح على ذلك هو تعيين شخصية غربية لتكون مسؤولة عن مشروع "نيوم" الاقتصادي رغم وجود الخبرات والطاقات المحلية والتي يمكنها إدارة هذا المشروع وغيره في القطاعين العام والخاص بتكاليف أقل وتحقيق نتائج أفضل لأن إبن الوطن أحرص من الأجنبي على مصالح البلاد، وهذا الأمر لا يحتاج إلى نقاش لأنه واضح وقد أثبتت التجارب صحة من اعتمده لبلوغ التطور في مختلف المجالات.
والمثال الآخر على انعدام الثقة بين السلطة السعودية والمجتمع هو استقدام المرتزقة من دول أخرى لمواصلة العدوان على اليمن، لسببين أساسيين؛ الأول أن معظم الشعب السعودي يرفض المشاركة في عدوان غاشم ضد بلد عربي ومسلم يعاني شعبه من أزمات متعددة من بينها شحّة الغذاء والدواء وانتشار الأمراض وفي مقدمتها الكوليرا، بالإضافة إلى ضعف البنى التحتية التي دمرها العدوان والذي لم يستثن حتى المستشفيات والمدارس ومحطات الطاقة الكهربائية ومخازن المياه ومستودعات الأغذية والأدوية.
والسبب الآخر يكمن في أن بن سلمان والمقربين منه لايثقون بالقوات المسلحة السعودية لأنهم يعلمون أن نسبة كبيرة من هذه القوات لاتؤمن بالحكم الذي ينتهجه آل سعود، وهو حكم قبلي قائم على مبدأ التوريث وليس على أساس الكفاءة، فضلاً عن انعدام النظام الديمقراطي الذي يتيح للجميع المشاركة في صناعة القرار السياسي وإدارة شؤون البلاد في ظل أجواء منفتحة تسودها الحرية بعيداً عن التمييز الطائفي والمناطقي.
وعلى الرغم من أن النظام السعودي يمتلك ترسانة ضخمة من مختلف أنواع الأسلحة المتطورة والحديثة والتي اشتراها من دول أخرى في مقدمتها أمريكا بمئات المليارات من الدولارات، إلّا أنه فشل في استخدام هذه الأسلحة لخدمة قضايا الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ليس هذا فحسب؛ بل سخّر هذا السلاح لقتل الأبرياء كما يحصل في اليمن منذ نحو ثلاث سنوات.
ومازال الصراع المبطن الذي تشهده السعودية بين مؤسساتها وتياراتها الدينية مستمراً وما زاده استعاراً ذلك القرار الذي خرج به الديوان الملكي المتمثل بالسماح للمرأة بقيادة السيارة وبث أغاني المطربات على شاشة التلفزيون والذي أثار حفيظة شرائح متباينة في المجتمع.
والسؤال المطروح، أين تكمن المشكلة: هل في النظام التعليمي الذي تنتهجه السعودية، أم في طريقة الحكم التي تفتقد للأسس الصحيحة والأشخاص الأكفاء الذين ينبغي أن تسند لهم المراكز المهمة والحساسة بعيداً عن المحسوبيات الضيّقة التي لن تؤدي إلّا إلى ضياع البلد، أو تحويله إلى غابة يتسيد فيها من يملك الأموال والسلطة على المواطن النزيه والمخلص الذي حرمه النظام من حقوقه المشروعة في مختلف المجالات.
الإجابة عن هذا التساؤل تبدو واضحة للغاية وهي أن عقلية النظام الذي ينفق الميزانيات الضخمة دون ثمار طيبة هو السبب في كل هذه الكوارث، لأن النوايا غير سليمة والخطط عقيمة، والأزمات التي تسبب بها النظام أنتجت أزمات أخرى في الداخل والخارج، والوقائع والحقائق الموجودة على أرض الواقع تؤكد ذلك دون أدنى ريب.
ويبدو أن الأيام ستثبت أن محمد بن سلمان الذي يلقبه البعض بـ"الأمير الصغير" سينهى حقبة آل سعود نتيجة قراراته التي حاول ويحاول إضفاء نوع من الصرامة عليها، إلى جانب المستجدات الأخيرة التي فرضت نفسها على الساحة الداخلية والتي أسهمت بشكل كبير في إعادة رسم الخارطة السياسية للبلاد في أعقاب زيادة رقعة الاضطهاد والتنكيل بكل من يفكر أن يخرج عن عباءة التأييد والولاء المطلق للنظام وقراراته.
الخلاصة
يجمع المراقبون على أن العقلية المتخلفة التي تحكم السعودية هي التي تسببت بإهدار الطاقات والأموال وأدخلت البلاد في أزمات كثيرة على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
ارسال التعليق