نيويورك تايمز تُطالب السعودية بالخروج من اليمن واللحاق بالإمارات
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن الحرب في اليمن أصبحت كارثة لا تُطاق ولا رابح فيها، معتبرة أن خفض القوات الإماراتية هناك ينبغي أن يكون مثالاً لكل مشارك فيها، وأنه قد يشكل دافعاً لإدارة الرئيس الأمريكي كي تكون جزءاً من الحل وليس المشكلة، ولحث السعودية والحكومة اليمنية والحوثيين على أن يحذوا حذوها. وأوضحت الصحيفة - في افتتاحيتها تحت عنوان “اخرجوا من اليمن على خطى الإماراتيين”- إن انسحاب الإمارات من اليمن - رغم عدم تفسيره علانية ربما خوفاً من غضب حلفائها السعوديين - اعتراف ضمني منها بأن النزاع هناك هو هدر للأرواح والموارد والمكانة الوطنية، وأنه جرعة من التعقل، نظراً للاشمئزاز العالمي من هذه الحرب التي أوجدت ما تسميها الأمم المتحدة أكبر أزمة إنسانيةفي العالم.
استئناف محادثات السلام
وأشارت نيويورك تايمز إلى ما يقوله دبلوماسيون بأن الإماراتيين أرادوا الخروج منذ فترة، وأنهم خفضوا بشكل حاد انتشار القوات والطائرات المروحية الهجومية والمدافع الثقيلة حول ميناء الحديدة على البحر الأحمر ساحة القتال الرئيسية العام الماضي. وأضافت أن وقف إطلاق النار الهش الذي توسطت فيه الأمم المتحدة بالحديدة والذي دخل حير التنفيذ في ديسمبر الماضي قدم عذراً وسبباً للانسحاب. ورأت الصحيفة أن المحادثات التي استؤنفت الأحد الماضي تقدم إطاراً محتملاً لمفاوضات سلام حقيقية إذا حذا المقاتلون الآخرون حذو الإمارات، وأهمهم السعودية قائدة التحالف الذي كان للإمارات دور قيادي فيه أيضاً.
تذمر أمريكي
وذكرت نيويورك تايمز أن التذمر الأمريكي المتضخم من الحرب وفر حافزاً إضافياً للإمارات لتنأى بنفسها عن التدخل الذي تقوده السعودية، وفي الوقت نفسه دفعت التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران الإماراتيين إلى إعادة قواتهم إلى الوطن التي ستكون هناك حاجة إليها في حالة تصاعد التوترات. وأضافت أن الانسحاب يمكن أن يكون الدافع أيضاً لإدارة البيت الأبيض للبدء في أن تكون جزءاً من حل للحرب وليس عنصر تأجيج، مما يشير إلى أن السعودية والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمتمردين الحوثيين يحذون حذوها. وختمت الصحيفة بأن المحادثات التي تمت هذا الأسبوع بين ممثلي الحوثيين والحكومة اليمنية تحت رعاية الأمم المتحدة، بالإضافة إلى جرعة الواقعية التي قدمها الإماراتيون يمكن أن تصبح بسرعة محادثات أوسع بشأن السلام الذي يحتاجه اليمن بشدة.
أكثر من ربع مليون قتيل
وخلص تقرير صدر مؤخراً عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى أن الحرب الدائرة في اليمن منذ 2014 تسببت بتراجع التنمية البشرية بمقدار 20 عاماً، وأدت إلى مقتل نحو ربع مليون شخص، وستكون لها آثار سلبية واسعة النطاق تجعله من بين أكثر النزاعات تدميراً منذ نهاية الحرب الباردة” وتطرق التقرير إلى الضغوط التي عانى منها اليمن قبل اندلاع الصراع عام 2015 بين جماعة الحوثي، والتحالف السعودي منذ 2015.
وبحسب التقرير، فإنّ اليمن كان يحتل المرتبة 153 بين دول العالم على مؤشر التنمية البشرية، كما أن التوقعات أشارت إلى أنه لم يكن ليحقق أياً من أهـداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وفق ما اتفق عليه قادة العالم، حتى لو لم يندلع الصراع. ومع نشوب الصراع، لم تتعطل التنمية البشرية في اليمن فحسب، لكنها تراجعت بالفعل سنوات إلى الوراء، وأشار أحد مسؤولي الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن إلى أنه حتى لو تحقق السلام غداً، فقد يستغرق الأمر عقوداً حتى يعود اليمن إلى مستويات التنمية ما قبل الصراع.. هذه خسارة كبيرة للشعب اليمني”.
ويستند التقرير إلى دراسة أعدّها فريقٌ من الباحثين من جامعة دنفر في الولايات المتحدة الأمريكية، تتناول بالبحث انعكاسات الصراع في اليمن على مسار تحقيق أولويات التنمية التي اعتمدتها الدول الأعضاء في خطة 2030 للتنمية المستدامة. وتقارن الدراسة بين ثلاثة سيناريوهات محتملة لنهاية الصراع في اليمن خلال أعوام 2019 أو 2022 أو 2030، وآخر رابع مضاد يقوم على فرضية عدم احتدام الصراع بعد عام 2014.
تزايد الوفيات
وتتوقع الدراسة أنّه إذا ما انتهى الصراع خلال عام 2019، سيبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية حوالي 88,8 مليار دولار، ويعني ذلك انخفاضاً قدره 2000 دولار في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي. أمّا إذا ما انتهت الحرب عام 2022، فسيبلغ معدل التراجع في مكاسب التنمية حوالي 26 عاماً، أي ما يقارب جيلاً بأكمله، وإذا ما استمرت الحرب حتى عام 2030 فسيتزايد معدل النكوص إلى أربعة عقود. وإذا استمر الصراع حتى عام 2030، تتوقع الدراسة أن يعيش 71% من السكان في فقر مدقع، فيما سيعاني 84% منهم من سوء التغذية، وسيبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية حوالي 657 مليار دولار، أي فقدان 4,600 دولار من نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي. كما ستزداد الوفيات غير المباشرة الناجمة عن نقص القدرة على شراء الأغذية ونقص الرعاية الصحية وخدمات البنية التحتية، حتى تزيد على خمسة أضعاف الوفيات المباشرة.
ارسال التعليق