هجرة رؤوس الأموال تضرب اقتصادَي السعودية في مقتل
رأت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية أن إفرازات الوضع السياسي في الخليج قد ضربت الوضع الاقتصادي في كلّ من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية في مقتل، ما تسبّب بهجرة واضحة لرؤوس الأموال في كلا البلدين. وقالت «الإندبندنت» إنّ التعقيدات السياسية التي بلغت ذروتها في الضجة العالمية حول جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده، قد طغت على الطموحات الاقتصادية الخليجية التي كانت آفاقها ساطعة في يومٍ ما. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنّ المنطقة الخليجية التي كانت واحدة من أكثر المناطق الواعدة في العالم للاستثمار أصبحت منطقة «محظورة» لبعض الشركات العالمية ورجال الأعمال، مع التراجع الملحوظ في النمو الاقتصادي، وخاصة في كل من المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية. ونقلت الإندبندنت عن أحد الاستشاريين السابقين في الإمارات قوله: «الناس يغادرون، حيث أصبح الأمر مكلفاً جداً لعيش العائلات». يضيف: «في الإمارات ارتفعت الديون الحكومية من 15% من الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 20%، ومن 1.5% إلى 17% في السعودية على مدى السنوات الخمس الماضية، ما أجبر الحكومات على خفض الضرائب». وتفيد الصحيفة البريطانية بأنه إضافة إلى المتاعب فقد بدأ الأثرياء في منطقة الخليج في نقل أصولهم إلى الخارج، كما يبدو أن مشاريع مثل مدينة «نيوم» التي وقع عليها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بتكلفة 500 مليار دولار المقترحة على البحر الأحمر، قد أوقفت، حسبما ذكرت تقارير نشرتها صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية في الشهر الماضي. وقال أحد الدبلوماسيين الغربيين للصحيفة مازحاً، إن برنامج رؤية 2030 الطموح من ولي العهد السعودي لاستغناء اقتصاد المملكة عن مبيعات الهيدروكربونات وتحديث الاقتصاد في غضون عشر سنوات سيتعين تسميته «رؤية 3020». وتشير الصحيفة إلى أن بعض المشاكل تتجاوز قوة ملكيات الخليج، ومنها تراجع أسعار النفط، الأمر الذي أضرّ بالدعم الأساسي لاقتصادات شبه الجزيرة العربية، كما تسببت العقوبات الأمريكية المشدّدة على إيران في تعقيد العلاقات التجارية التي كانت مزدهرة في يوم من الأيام بين البلدين. ونقلت الصحيفة عن الخبير الاقتصادي كريستيان أولريشسن، قوله: «إنّ بيئة الاستثمار الخاصة غير النفطية في السعودية الضعيفة حالياً لا تمثل تغييراً جذرياً عن الماضي القريب، بل إنها مجرد فشل في مطابقة توقعات عالية للغاية لتحقيق مكاسب سريعة للغاية».
ونقلت الصحيفة البريطانية عن خبراء آخرون قولهم إنّ الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها البعض من دول دول الخليج خلال العامين الماضيين قد أضافت بلا مبرر إلى مشاكلها، ممَّا أدّى إلى تحطيم صورة المنطقة التي كانت تبدو مستقرة فيما مضى، حيث تحولت صناعة السياسة في المملكة العربية السعودية من نموذج الحكم القائم على الإجماع والذي يمكن التنبّؤ به إلى حد كبير إلى هيكل أكثر عمودية وعرضة للتحولات المفاجئة. وقال أحد رجال الأعمال الخليجيين: «إنّ تصرفات ولي العهد الأخيرة بتجريد العائلات من ثرواتها أجبرت جميع العائلات العربية في أنحاء المنطقة على القلق من أن أي دولة أصبحت الآن تهدّد بشكل قانوني للاستيلاء على أصولها». وخلصت الصحيفة إلى أن خنق واحتجاز وتقطيع خاشقجي في الثاني من أكتوبر الماضي في قنصلية بلاده، واعتقال الباحث والأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز من الحكومة الإماراتية حول تهم التجسس المريبة، وغضب السعودية ضد كندا بسبب تغريدة مرتبطة بحقوق الإنسان، واعتقال رجال الأعمال والأمراء من قبل ابن سلمان، أكّدت كل هذه الحوادث أنها عبارة عن نقطة تحول في المملكة العربية السعودية وشريكتها الصغرى الإمارات، والذي أزعج رجال الأعمال.
ارسال التعليق