تحالف السعودية بدأ في الانهيار والتشرذم
قالت مجلة “فورين بوليسي” إن التحالف الذي تقوده السعودية في المنطقة بدأ يشهد انهياراً وتشرذماً في صفوفه بسبب تباين وجهات النظر تجاه الملفات المختلفة بدءاً من الحرب في اليمن وصولاً للتعامل مع إيران. وفي تقريرها قالت المجلة إن إدارة ترامب “استهلّت حقبة جديدة في علاقات التعاون التي تجمعها بدول الشرق الأوسط”.
وقد اختار ترامب السعودية بأول زيارة خارجية له، واعتبرها حلفاء واشنطن في الخليج العربي بمثابة فرصة لإعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وفي مقال للباحث حسن حسن بعنوان “التحالف العربي ينهار من الداخل” نشرته المجلة الأمريكية: إنه خلال “القمة العربية الإسلامية الأمريكية” 2017، ناقش الحاضرون أجندة مُشتركة للسنوات المُقبلة في ظل القيادة السعودية، تضم إستراتيجيةً للحد من توسّع إيران، ودحر السياسات الطائفية في بعض البلدان على غرار العراق، ومكافحة التطرّف، وإحياء عملية السلام العربية الإسرائيلية، واحتواء الصراعات المُستعرة.
وأفادت المجلة بأنه عقب قمة ترامب، نشبت العديد من الأزمات، كالحصار على قطر، الذي بدأ منذ سنتين، و”الحرب الأهلية الثالثة” في ليبيا في شهر أبريل”. كما انسحبت مصر من التحالف الإستراتيجي المقترح في الشرق الأوسط “الناتو العربي”، وذلك على إثر خلاف حاد مع السعودية. ووفقاً لدبلوماسي عربي مُطلع على الاجتماعات التي سبقت الانسحاب، اعترضت القاهرة على أسلوب القيادة المُتبع في الرياض، إذ انتظر المسؤولون السعوديون أن يوافق شركاؤهم العرب على توقيع هذه الوثيقة، دون أي نقاش، قبل تقديمها رسمياً لواشنطن. وعموماً، تتنامى الاختلافات بين مصر من جهة وكل من الرياض وأبو ظبي من جهة أخرى حول مواضيع عدة، منها كيفية التعامل مع الحرب في اليمن وليبيا.
وأشار الكاتب إلى أن السعودية والإمارات، تمرّان ببعض التوترات بينهما لاسيما بشأن اليمن. ويعترف كل من مسؤولي البلدين سراً بمثل هذه الاختلافات، إذ اعترضت أبو ظبي على خطة الرياض للعمل مع الميليشيات المُرتبطة بحزب التجمّع اليمني للإصلاح الذي يُهيمن عليه الإسلاميون، وشكّلت في المقابل ميليشياتها الخاصة.
كما سعت أبو ظبي لتنحية الرئيس اليمني المدعوم من السعودية، عبد ربه، المُقيم في المملكة. ووفقاً لمصدر سعودي ذي نفوذ في الرياض، تبلور جدال جاد في المملكة خلال السنة الماضية حول ما إذا كانت سياسة المملكة الإقليمية، التي تتمثل في دعمها للانقلاب في مصر سنة 2013، وحصار قطر عام 2017، واستمرار الحرب بالوكالة في ليبيا، قد تشكّلت لخدمة المصالح الإماراتية الضيقة. وفي الواقع، يختلف النهج السعودي الحالي عما كان عليه بمطلع 2015، عندما سعت المملكة لبناء تحالف واسع النطاق يتضمّن إصلاح العلاقات مع تركيا، قبل أن تُقرِّب حرب اليمن، الرياض من أبو ظبي.
كما احتدم الخلاف داخل دولِ الكتلة التي تقودها السعودية. فعلى سبيل المثال، تعتقد دبي أن اقتصادها قد تضرّر بشكل مباشر بسبب النهج الإقليمي العدواني الذي اتبعته إمارة أبو ظبي. وتاريخياً، لطالما ركّزت دبي على تشجيع السياحة والتجارة والاستثمار الأجنبي، مع تجنّب النزاعات الإقليمية، لكنّ الحرب المُستمرة في اليمن، والحصار المفروض على قطر، والقيود المفروضة من قبل أبو ظبي على الأمن الداخلي في جميع أنحاء الإمارات، أثّرت سلباً في أعمال دبي.
وينقل الكاتب عن الأستاذ المساعد في كلية كينغز كوليدج في لندن، أندرياس كريغ، أن “وقع الحصار على قطر كان على أشده في دبي، من أكثر المتضرّرين اقتصادياً، حتى أكثر بكثير من قطر”. ورغم أن دبي لم تعلن أبداً عن سخطها تجاه السياسة الخارجية للبلاد، فإن اختلاف الإمارتَينِ حول كيفية التعامل مع النزاعات يتضح بسهولة داخل المنطقة.
وأورد الكاتب أن هذه الاختلافات المُتنامية اتضحت الشهر الماضي من خلال مُكالمة هاتفية جمعت بين رئيس الوزراء البحريني وأمير دولة قطر بمناسبة بداية شهر رمضان. وبعد انتشار أنباء المُكالمة، أكدت وكالة الأنباء الحكومية البحرينية صحّة هذا الاتصال، لكنها نقلت عن وزير شؤون مجلس الوزراء قوله إن الأمر لا يُمثل الموقف الرسمي للبحرين تجاه قطر”.
وبالنسبة للبحرين، يعتبر كثيرون أن حصار قطر هو تنفيذ لإرادة السعودية، بدلاً من أن تعكس رؤيتها الخاصة، فالبحرين تعدّ واحدة من البلدان الأكثر تضرراً من الحصار، من حيث التجارة والسياحة والاستثمار. ومن هذا المنطلق، تتحدّث هذه الديناميكية عن عيب رئيسي في التحالف العربي، وهو عدم الإيمان بالقيادة السعودية المُحتملة. وفي ظلّ تنامي فشل السياسات مع مرور الوقت، يرغب كل من الحلفاء بحماية مصالحهم ضد الآخرين، إذ أن الشيء الوحيد الذي يميلون للاتفاق عليه يتمثل في الحفاظ على التحالف الشكلي الذي يجمعهم، والذي من شأنه أن يسمح للسياسات الفاشلة والصراعات المتوقفة بمواصلة الجمود. وخلص الكاتب إلى أن الدبلوماسي العربي - الذي ورد ذكره في البداية - وصف هذه المُعضلة بأنها “مُشكلة المُحرّضين المتعدّدين”، حيث يجب الاتفاق على إنهاء الصراع في اليمن بين كل من الإمارات والسعودية. وفي المقابل، لا يمكن للسعودية وحدها إيجاد حل وسط للحصار على قطر. ويكشف هذا الوضع عن نوع الاضطرابات المُتنامية بوضوح داخل المنطقة في الوقت الراهن، حيث ينتصر الانقسام والخوف على الوحدة والاستقرار، الذي يُعد أحد تداعيات أول زيارة خارجية أدّاها ترامب منذ سنتين.
ارسال التعليق