السعودية تدمر اللحظة الديمقراطية في السودان
دعا المعلق الأمريكي إيلي ليك، الولايات المتحدة استخدام نفوذها للضغط على السعودية وقف دعمها للطغمة العسكرية الحاكمة في السودان. وفي مقال نشره موقع “بلومبيرج” تحت عنوان “لا تتركوا السعودية تدمر اللحظة الديمقراطية السودانية” قال فيه إن واشنطن وحلفاءها الأوروبيين يطالبون الجنرالات الذين يسيطرون في الوقت الحالي على السودان التخلي عن السلطة والتحضير للانتخابات. وفي المقابل يدعم حلفاء أمريكا في مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة الجنرالات. وتحول المأزق في الاثنين الماضي إلى مجزرة، وذلك عندما قامت ميليشيا عسكرية مرتبطة بالمجلس العسكري الانتقالي بالهجوم على اعتصام سلمي في الخرطوم. ووصل عدد القتلى الآن إلى أكثر من 100 شخص حسب اللجنة المركزية للأطباء في السودان من بينها 40 جثة عثر عليها في النيل. ويعلق ليك أن الهجوم كان السياق الذي أصدرت من خلاله الحكومة السعودية بيانًا يوم الأربعاء وقالت فيه إنها “تابعت وبقلق شديد التطورات في جمهورية السودان الشقيق” وقدمت الحكومة تعازيها لعائلات الضحايا وعبرت عن أملها في “اختيار كل الأطراف الحكمة والحوار البناء” وعبرت عن دعمها المطلق للشعب السوداني.
وبعبارات أخرى: “نأسف لسقوط عدد كبير من الناس ولكننا لن نتخلى عن دعم الطغمة العسكرية التي أصدرت أمرًا بالمذبحة، وهي نفسها الساعية لتدمير اللحظة الديمقراطية السودانية. وكما قال جاد ديفرمونت، مدير برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فالبيان هو مجرد محاولة لوقف الأزمة المتصاعدة”. وبدأت الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة تعبّر علنا عن عدم رضاها من الموقف السعودي في السودان. ففي يوم الأربعاء نشرت وزارة الخارجية ملخصًا لمكالمة بين مساعد وزير الخارجية ديفيد هيل ووزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان. وجاء فيها تأكيد هيل على “أهمية الانتقال من المجلس العسكري الانتقالي إلى حكومة بقيادة مدنية تعبر عن إرادة الشعب السوداني”. ويقول الكاتب إن إدارة دونالد ترامب تتجنب في العادة التعبير عن نقدها للسعوديين علنا وتكتفي بالنقد أثناء المقابلات والاتصالات الخاصة. ويقول ليك إن السعودية والإمارات استثمر كليهما بشكل كبير في السودان، وسيكون لهما النفوذ على أية حكومة ستشكل في مرحلة ما بعد البشير. ويقول ديفرمونت إن السعودية “غيرت من رسالتها في محاولة لكبح جماح حلفائها السودانيين الذين أساءوا التعامل مع عملية انتقال السلطة”.
ولاحظ ديفرمونت أن المملكة أقامت علاقات قوية مع المؤسسة العسكرية التي قدمت الجنود للحرب في اليمن و”تريد الحفاظ على التأثير في الجانب الآخر من البحر الأحمر”. ومن هنا فمكالمة من مساعد لوزير الخارجية وإن كانت مزعجة إلا أنها لن تؤدي إلى وقف الثورة المضادة والتدخل السعودي في السودان. فالسعوديون والإماراتيون والمصريون لديهم مصلحة ومنع أي تحول ديمقراطي في السودان حتى لا تنتقل العدوى إلى بلدانهم. ويقول الكاتب إن على واشنطن أن تعبر عن موقف متشدد لو أرادت تغيير سلوكهم. وكما اقترح، يمكن لوزير الخارجية مايك بومبيو زيارة الخرطوم لمنح نوع من الشرعية على المدنيين الذين يقودون التظاهرات الديمقراطية. ويجب أن تكون هناك تداعيات على السعودية، تحديدًا، إن واصلت دعم الطغمة العسكرية في هذه المرحلة. فقد استخدم بومبيو قانونًا طارئًا لتجاوز الكونجرس وتمرير بيع أسلحة للرياض. وهذا لا يعني وقف التحالف الأمريكي- السعودي كما دعا عدد من النواب الديمقراطيين بعد مقتل صحافي “واشنطن بوست” جمال خاشقجي.
فالسعودية تظل حليفاً مهماً ضد الراديكالية السنية وإيران. وفي نفس الوقت، لدى السودان فرصة حقيقية للتخلص من عقود الطغيان، وما سيحدث في الأسابيع المقبلة سيشكل مستقبله في العقود القادمة. فالبيانات القوية اللهجة والتغريدات التوبيخية من الأمريكيين والأوروبيين ليست كافية، وحان الوقت لقيام الرئيس وحكومته التحرك وعزل الطغمة العسكرية التي تقوم بخنق الديمقراطية السودانية.
ارسال التعليق