الإمارات انسحبت من اليمن بهدف إحراج الرياض
دخل مسار الحرب في اليمن منعطفاً جديداً بعد سحب الإمارات جزءاً من قواتها المشاركة -منذ أكثر من أربعة أعوام- في عمليات التحالف إلى جانب السعودية، مما طرح تساؤلاً عن مستقبل البلاد في ظل ما بات يعرف بصراع النفوذ والمصالح بين الرياض وأبو ظبي.
ويتساءل البعض أيضاً عن الطريقة التي ستدير بها السعودية المناطق التي يقال إن الإمارات انسحبت منها، وهل ستملأ السعودية ذلك الفراغ؟ وكيف ستتعامل الرياض مع القوات العسكرية التي شكلتها أبوظبي وتنتشر على طول المساحة الجغرافية جنوب اليمن؟
قال مسؤول يمني في حكومة منصور هادي إن هناك أزمة فعلية غير معلنة بين السعودية والإمارات فيما يتعلق بإدارة ملف الحرب، بعد أن أضرت الإمارات كثيراً بسمعة حليفتها ابتداءً بدعم ميليشيا مسلحة في الجنوب وتشكيلها.
وعن قرار الإمارات الأخير بالانسحاب من بعض المناطق اليمنية، أوضح المسؤول أن أبو ظبي أرادت من خلال ذلك إحراج السعودية والحكومة اليمنية الشرعية وإظهار الجميع كأنهم عاجزون عن القيام بأي تحرك عسكري دون الإمارات.
وفي حال قررت السعودية تسلم تلك المناطق التي انسحبت منها القوات الإماراتية، ومنها الساحل الغربي وميناء المخا ومحافظة مأرب وسط البلاد، فإنها سترث ملفاً ملغوماً وفقاً للمتحدث.
وبرر المسؤول ذلك بوجود فصائل مسلحة بالجنوب تتبنى مطالب تنادي بالانفصال عن الشمال، الأمر الذي قد يضاعف أعباء إدارة السعودية للملف اليمني ويحتاج لتكثيف الجهود مع الحكومة لتلافي ما تركته الإمارات من ألغام، حسب رأيه.
بالمقابل، يستبعد الباحث في العلاقات الدولية الدكتور عادل المسني أن تكون هناك نية حقيقية لدى الإمارات بالانسحاب الكامل من اليمن. وفي حال تم ذلك، يرى أنه من الصعب على السعودية ملء الفراغ الذي قد تتركه الإمارات بسبب تعدد الأجندات والأدوات التي تتبعها وعملت على تشكيلها جنوب اليمن منذ بداية التدخل العسكري وعاصفة الحزم.
ويضيف المسني أن الإمارات هيأت تلك الميليشيا المسلحة في الجنوب حتى باتت أيضاً هي الأخرى مصادمة لدور السعودية وغير متناسقة مع توجهاتها ولطريقة تعاملها مع الحكومة اليمنية.
وتابع أنه من الصعوبة بمكان التعاطي مع تلك الأجندة الإماراتية المتناقضة فيما بينها والموزعة بين ولاءات مناطقية مختلفة، سواء فيما يعرف بقوات النخبة بمحافظتي شبوة وحضرموت أو الحزام الأمني في عدن. ويرى المسني أن الإمارات عمدت خلال فترات الحرب إلى توريط السعودية، خاصة في الملف الإنساني الذي يلاحقها في المحافل الدولية، وكذلك تصاعد الرعب في الحد الجنوبي للمملكة عبر التقنيات الكبيرة التي يمتلكها الحوثيون والتي باتت تستهدف مواقعها الحيوية.
والأهم من ذلك -حسب المتحدث- التصعيد الكبير في الأزمة الخليجية والتسخين مع إيران التي بدأت على ما يبدو الضغط على الإمارات للانسحاب من اليمن وترك السعودية في أزمة كبيرة.
وبحسب المسني، فإن هناك أمراً آخر حول هذا الانسحاب يتعلق بالمصالح والأجندات الإماراتية التي تنفق لأجلها الكثير من الأموال وأنشأتها لحمايتها، وبالتالي لن يكون التخلي عنها بسهولة وتركها للسعودية.
ويضيف أن أبوظبي تعمل بقدر الإمكان على الدفاع عن مصالحها من خلال أدواتها في الجنوب، وبذلك فإن السعودية ستواجه إشكالية كبيرة تتعلق بتلك التناقضات والجيوش المتناثرة في الساحة الجنوبية التابعة للإمارات وتهدف لتنفيذ أطماعها التوسعية.
وأفاد خبراء عسكريون بأن الإمارات لم تنسحب بالمفهوم العسكري، وما زال الكثير من قياداتها على الأرض، وهو الأمر الذي تؤكده تصريحات متداولة نقلا عن مسؤولين إماراتيين مؤخرا أكدوا أن بلادهم انتهت من تدريب أكثر من 90 ألف جندي يمني بالجنوب، في إطار إستراتيجية الانتقال من القوة العسكرية باليمن إلى ما أسموه ب “خطّة السلام أولا”.
ولعل أبرز الأدلة التي تناقض الأحاديث عن رغبة الإمارات برفع يدها عن بعض المناطق باليمن وانسحابها، هو قيامها خلال الأسبوع الأول بتوحيد أكثر من ثمانية ألوية وفصائل عسكرية كانت منتشرة في الساحل الغربي، تحت قيادة عسكرية موالية لها بشكل مباشر.
ويؤكد الخبراء العسكريون أنه قبل الحديث عن تسلم السعودية زمام الأمور في المناطق التي جرى الحديث عن انسحاب الإمارات منها، يجب النظر إلى حقيقة من يسيطر على تلك المناطق باستثناء محافظة مأرب التي تسعى السعودية لملء الفراغ فيها وتعزيز الدفاعات الجوية بالمدينة بعد سحب الإمارات منظومة الدفاع الصاروخية منها.
ارسال التعليق