صحيفة أمريكية: قضية خاشقجي ليست محاكمة بل تمويه للحقيقة
التغيير
نشرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية، تقريرا لكل من عبد الله الشهري وآية بتراوي، يقولان فيه إن محكمة في السعودية حكمت على خمسة أشخاص بالإعدام لقتل الصحافي جمال خاشقجي، الذي جلبت جريمة قتله البشعة في القنصلية السعودية في إسطنبول شجبا دوليا، وألقت بظلال الشك حول ولي لعهد آل سعود محمد بن سلمان.
ويشير التقرير إلى أنه تمت إدانة ثلاثة آخرين في محكمة الجنايات في الرياض، بتهمة التستر على الجريمة، وتم الحكم عليهم بما مجموعه 24 عاما في السجن، بحسب بيان صادر عن مكتب المدعي العام تمت قراءته على التلفزيون الرسمي السعودي.
ويلفت الكاتبان إلى أنه تمت محاكمة 11 شخصا في القضية، إلا أنه لم يتم نشر أسماء الأشخاص المدانين، وعادة ما يتم تنفيذ حكم الإعدام في السعودية بقطع الرأس، وأحيانا في مكان عام، مستدركين بأنه يمكن استئناف هذه الأحكام كلها.
وتذكر الصحيفة أنه سمح لعدد من الدبلوماسيين، بينهم دبلوماسيون أتراك، بالإضافة إلى أعضاء من عائلة خاشقجي، بحضور 9 جلسات للمحاكمة، مشيرة إلى أن وسائل الإعلام المستقلة منعت من الحضور.
ويجد التقرير أنه في الوقت الذي تم فيه الانتهاء من القضية في السعودية، إلا أن السؤال حول مسؤولية ولي عهد آل سعود يبقى مطروحا في الخارج، مشيرا إلى أن أغنيس كالامارد، التي حققت في جريمة القتل للأمم المتحدة، ردت بتغريدة وصفت فيها الأحكام بأنها "سخرية"، وقالت إن العقول المدبرة خلف الجريمة "بالكاد اقترب التحقيق والمحاكمة منهم"، فيما قالت منظمة العفو الدولية عن النتيجة إنها "تمويه لا تجلب العدل ولا الحقيقة".
وينوه الكاتبان إلى أن خاشقجي، الذي كان يعيش في أمريكا، دخل إلى قنصلية بلاده في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، في موعد ليحصل على وثائق تسمح له بالزواج من خطيبته التركية، لافتين إلى أنه لم يخرج من القنصلية ولم يتم العثور على جثمانه.
وتفيد الصحيفة بأن فريقا من 15 عميلا سعوديا وصلوا بالطائرة إلى تركيا لمقابلة خاشقجي داخل القنصلية، وتضمن الفريق طبيبا شرعيا وضباط مخابرات وأشخاصا عملوا في مكتب ولي عهد آل سعود، بحسب تحقيق كالامارد المستقل، مشيرة إلى أن المسؤولين الأتراك يدعون بأن خاشقجي قتل وتم تقطيع جسده بمنشار.
ويشير التقرير إلى أن هذه الجريمة أذهلت حلفاء آل سعود الغربيين، وأثارت أسئلة مباشرة حول إمكانية تنفيذ عملية رفيعة المستوى مثلها دون علم ولي عهد آل سعود محمد بن سلمان، حتى عندما تصر المملكة على أن ولي عهد آل سعود لا علاقة له بجريمة القتل.
ويورد الكاتبان نقلا عن ابن سلمان، قوله في مقابلة له في أيلول/ سبتمبر، مع برنامج 60 دقيقة على تلفزيون "سي بي اس": "أتحمل المسؤولية كاملة كوني زعيما للسعودية"، لكنه كرر بأنه لم يكن لديه علم مسبق بالعملية، وقال إنه ليس بإمكانه متابعة ملايين الموظفين، مشيرين إلى أن سلمان أمر بتعديل في المناصب الأمنية العليا بعد عملية القتل.
وتقول الصحيفة إن "تركيا، وهي منافسة لآل سعود استغلت حادثة القتل على أرضها لممارسة الضغط على المملكة، ومن الواضح أن تركيا، التي طالبت بمحاكمة المتهمين على أرضها، كانت تتنصت على القنصلية السعودية، وشاركت التسجيلات الصوتية لحادثة القتل مع وكالة الاستخبارات المركزية وغيرها".
ويلفت التقرير إلى أن آل سعود قامت في البداية بتقديم روايات مختلفة حول اختفاء خاشقجي، إلا أنه عندما زاد الضغط الدولي بسبب التسريبات التركية، فإنه المملكة استقرت على رواية أنه قتل في مشاجرة مع مسؤولين مارقين.
وينقل الكاتبان عن المتحدث باسم المدعي العام لآل سعود شعلان الشعلان، قوله إن المحكمة توصلت إلى أن جريمة القتل لم يكن مخطط لها.
وتنوه الصحيفة إلى أن التقرير المؤلف من 101 صفحة، الذي نشرته المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القانون، أغنيس كالامارد، تضمن تفاصيل من الأشرطة الصوتية المسجلة التي شاركتها السلطات التركية معها، وقالت في التقرير إنها سمعت العملاء وهم ينتظرون وصول خاشقجي يناقشون كيف سيخرجون جثته، فقال لهم الطبيب ألا يقلقوا "سيتم فصل أجزائه، ليست مشكلة.. إن أخذنا أكياسا بلاستيكية وقطعناه إلى قطع سينتهي الأمر، سنلف كل جزء منها".
ويذكر التقرير أن خاشقجي قضى آخر عام من حياته في المنفى في أمريكا، وكان يكتب في صحيفة "واشنطن بوست" حول انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، ففي وقت كان الغرب يحتفي بالإصلاحات الاجتماعية التي يقوم بها محمد بن سلمان، كانت مقالات خاشقجي تنتقد حملات الاعتقال والتنكيل بالمعارضين التي كان يشرف عليها، فالعديد من منتقدي ولي عهد آل سعود انتهى بهم الأمر في السجن والمحاكمة بتهم تشكيل خطر على الأمن القومي.
ويشير الكاتبان إلى أن الكونغرس قال بأنه يعتقد أن بن سلمان "مسؤول عن جريمة القتل"، فيما شجب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جريمة القتل، لكنه وقف مع ولي عهد آل سعود البالغ من العمر 34 عاما، ودافع عن العلاقات بين أمريكا وآل سعود لافتين إلى أن واشنطن قامت بفرض عقوبات على 17 سعوديا يشك في أنهم متورطون في الجريمة.
وتفيد الصحيفة بأن من بين من فرضت عليهم عقوبات كان المستشار السابق لبن سلمان سعود القحطاني، مشيرة إلى أن مكتب المدعي العام قال يوم الاثنين إنه تم التحقيق مع القحطاني، ولم يثبت أنه شارك في عملية القتل.
ويلفت التقرير إلى أنه تمت في الوقت ذاته محاكمة المستشار السابق لدى ولي عهد آل سعود ونائب رئيس المخابرات، أحمد العسيري، وتم إطلاق سراحه بسبب عدم وجود أدلة كافية ضده، بحسب مكتب المدعي العام، كما أمرت المحكمة بإطلاق سراح القنصل العام في إسطنبول، محمد العتيبي، وهو من بين من فرضت عليهم أمريكا عقوبات بسبب "تورطه في انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان"، بحسب ما ورد في بيان وزارة الخارجية الأمريكية التي منعت سفره وسفر عائلته.
وينوه الكاتبان إلى أن ياسين أقطاي، وهو عضو الحزب الحاكم في تركيا وصديق لخاشقجي، انتقد الأحكام الصادرة، وقال إن محكمة آل سعود فشلت في محاكمة المجرمين الحقيقيين.
ارسال التعليق