التطبيع مع إسرائيل .. آخر ورقة لبن سلمان لاعتلاء العرش
التغيير
يرى خبراء ومراقبون أن الحاكم الفعلي للمملكة الأمير محمد بن سلمان، لا يزال متوجساً ومذعوراً، بسبب المغادرة الوشيكة لحليفه السابق في واشنطن، وأصبح مستعدا لتقديم أي تنازل في سبيل الوصول إلى عرش المملكة.
ويقول هؤلاء إن محمد بن سلمان يخوض حاليا آخر أوراقه لتحقيق طموحاته في اعتلاء عرش المملكة، معتمداً هذه المرة على جوكر التطبيع مع إسرائيل، معتقداً أنها خياره المتاح للوصول لمبتغاه.
وتجلى هذا الإصرار أكثر من أي وقت مضى، مع التخبط الذي واجهه مؤخراً بعد احتراق ورقة اعتماده على فوز لم يتحقق، لحليفه دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنير.
وكان رهان الرياض عالياً على تمديد ولاية الرئيس الأمريكي الحالي والبقاء في البيت الأبيض، وقطف ثمار الاستثمار في المرشح الجمهوري.
وتجلى التخبط أيضا، في تأخر تقديم التهنئة للرئيس المعلن جو بايدن، وهو ما قدم إشارة سلبية في فريق الديمقراطيين العائد للبيت الأبيض.
ويضيف الخبراء أن محمد بن سلمان أدرك سريعاً فداحة الخطأ المرتكب، وفكر في موقف يخرجه من المأزق.
وبحسب مقربيه وبتوصية من مستشاره محمد بن زايد، فإنه توهم أن أفضل حل هو التقرب من تل أبيب، وهو ما دفعه للاستنجاد بمايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي خلال جولته الأخيرة، لتنسيق زيارة بنيامين نتنياهو، وتنسيق لقاء عاجل في نيوم.
ورغم أن المملكة نفت خبر زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى نيوم، ولقائه بمحمد بن سلمان، إلا أن ذلك لم يمنع التأويلات حول التقارب المحتمل بين المملكة والدولة العبرية في ظل تطبيع العلاقات بين تل أبيب والإمارات والبحرين.
وذكرت بعض المصادر أن الرياض تسعى حالياً لتمهيد ترسيم التطبيع والتدرج في إعلان الخبر، تمهيداً لتوقيع اتفاق تلحق به حليفتها الإمارات، وكذلك البحرين.
وكشفت صحيفة “إيكونوميست” البريطانية أن ثمة سعادة في كل من الرياض وتل أبيب، بعد تسريب وسائل إعلام عبرية نبأ اللقاء الثلاثي الذي عقد سراً في المملكة، وجمع بن سلمان ونتنياهو وبومبيو.
وقالت إن اللقاء يعد تاريخياً بكل المقاييس، ولم تكن هناك مفاجأة بخصوصه، المفاجأة هي في علنيته على الأقل من الجانب الإسرائيلي.
كما أكد رئيس مؤسسة أوراسيا لدراسة المخاطر السياسية آيان بريمر قائلا: إن “لقاء بين رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو و محمد بن سلمان يُعد خبرا شديد الأهمية، كونه الأول الذي يُعلن عنه لزيارة زعيم إسرائيلي للمملكة”.
واعتبر بريمر أن نفي وزير الخارجية فيصل بن فرحان للقاء، لن يكون المرة الأولى التي تنفي فيها المملكة “شيئا نعرفه جميعا”.
كما أشار بريمر – الذي عمل سابقا مساعداً لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ويعمل حالياً خبيراً في المجلس الأطلسي بواشنطن- إلى أنه “لم يعد يوجد سبب الآن لعدم جعل هذه العلاقات أكثر علانية إلى حد ما، وفي الوقت الحالي، فإن الموقف الأكثر احتمالاً بالنسبة للمملكة هو تشجيع عملية التطبيع الجارية بالفعل في المنطقة”.
وتشير المتابعات للشأن الخليجي، أن الرياض تحاول جاهدة استخدام أوراقها من أجل التقارب من فريق بايدن وتدارك التأخر الحاصل، وامتصاص غضب فريقه الممتعض من توجهات الإدارة السابقة.
وأكد ديفيد غاردنر في تحليل نشره في صحيفة “فايننشال تايمز” أن التقارير بشأن الاجتماع السري الذي جرى بين محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ترسّخ عقب تأكد فوز جو بايدن بالرئاسة في الولايات المتحدة.
ويقول غاردنر إن “اللقاء يعد سابقة، ولكنه ليس لقاء تاريخيا” على حد تعبيره.
تخبط الرياض
وبحسب المتابعين فإن بن سلمان لما رأى دونالد ترامب في طريقه إلى الخسارة في الانتخابات الرئاسية، راح يبحث عن يد تدعمه في مواجهة المشاكل التي قد تثيرها معه حكومة بايدن.
ومبعث قلق بن سلمان أن الرئيس المنتخب تعهد من قبل بإعادة تقييم العلاقات الأمريكية مع المملكة ، التي وصفها بأنها دولة “مارقة” بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي في عام 2018 في قنصلية بلاده باسطنبول على يد مجموعة تعتقد وكالة الاستخبارات الأمريكية أنها تأخذ الأوامر من محمد بن سلمان.
ويذهب بعض المراقبين إلى أن الغموض الذي أحيط به اللقاء، ربما يعني أن المملكة لا تريد أن تمضي في أي خطوة دبلوماسية إلا بعد تولي بايدن الحكم رسمياً. ولكن الاجتماع رتبه وحضره مايك بومبيو، وزير خارجية ترامب، الذي يرى فريق بايدن أنه مثير للأزمات وليس دبلوماسياً.
وتشير مصادر إلى أن بن سلمان يعتقد أن نتنياهو قد يدافع عنه في البيت الأبيض، من خلال نفوذه في الكونغرس.
وكشفت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية، تفاصيل جديدة بشأن لقاء محمد بن سلمان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي جرى في مدينة نيوم.
وقالت الصحيفة، إن محمد بن سلمان طلب وساطة نتنياهو لدى الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن فيما يتعلق بقضية الصحافي جمال خاشقجي، والذي قتل وقطّع في قنصلية بلاده باسطنبول قبل أكثر من عامين، موضحةً أن بن سلمان يخشى فرض عقوبات شخصية عليه.
المعلومات المتداولة تشير، أن بن سلمان أبلغ نتنياهو خشيته التعرض ومسؤولين في المملكة لعقوبات من إدارة بايدن، على خلفية قضية قتل الصحافي جمال خاشقجي ما يتطلب وساطة سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتجنب ذلك.
وتسعى القيادة في المملكة إلى حشد الدعم لمقاربتها في تضييق الخناق على غريمتها طهران، وهي تخشى من أي تطور من قبل الإدارة الجديدة في البيت الأبيض، يقلب معادلتها.
وترسل الرياض إشارات إلى “الاستبليشمنت” في الولايات المتحدة، عبر بوابة تل أبيب، أنها مستعدة للعب أي دور من أجل فرض المزيد من خيارات القوة ضد إيران.
وكشفت تسريبات أن محمد بن سلمان عرض على ساسة واشنطن رسائل، مرت عبر مكتب نتنياهو، عزمه تحمّل أي كلفة، أو فاتورة في حال قررت الولايات المتحدة المضي في مسار عنيف ضد طهران.
لكن إيران بحسب مراقبين استبقت الخطوات وبعثت رسالة قوية للمملكة ولحلفائها باستهداف صواريخ أنصار الله منشأة في أرامكو.
وقرئت الرسالة بشكل دقيق، وهي أن إيران لديها أذرع يمكنها أن تصل لأي هدف في المنطقة، في حال فكر أي طرف استهدافها.
ارسال التعليق