السعودية من تنحية الأمراء إلى قمع المعارضين
التغيير
بعد مضي اربع سنوات من تعيين الملك سلمان بن عبد العزيز ابنه محمد بن سلمان، في منصب ولاية العهد، في ظل استمرار محاولاته في الوصول الى العرش، تحوّلت المملكة إلى سجن كبير لمنافسي "الحاكم الفعلي للملكة" والسياسيين وأبناء عمومته ورجال الدين والنشطاء السياسيين.
هنأ جيش الذباب الإلكتروني "محمد بن سلمان" بالذكرى الرابعة لتتويجه، مع خلو عهده من أي إنجازات، بالتزامن مع مواجهته لمعارضة شديدة حتى بين أمراء آل سعود بسبب قمعهم وسياسته المهترئة. على مدى السنوات الأربع الماضية، لم يمتنع محمد بن سلمان، عن أي محاولة للوصول إلى العرش حتى ولو كانت مثيرة للاشمئزاز. وقد سعى عدد من أمراء آل سعود، بعد عبد العزيز آل سعود، ليصل أبناؤهم إلى مقدمة الحكم. مثل الأمير نايف والأمير "متعب بن عبدالله" رئيس الحرس الوطني.
لو لم ينفذ محمد بن سلمان انقلابًا مع الملك "سلمان بن عبد العزيز"، والرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب"، وصهر ترامب وكبير مستشاريه "جاريد كوشنير"، وولي عهد أبو ظبي "محمد بن زايد"، لما كانت أمامه فرصة، آذ لم تكن لديه ولاية العهد. حوّل محمد بن سلمان المملكة إلى سجن كبير لمنافسيه السياسيين وأبناء عمومته ورجال الدين والنشطاء السياسيين، الذين عبروا عن انتقاداتهم بتغريدات عبر تويتر أو بتصريحات، وعوقبوا أو اختفوا قسريًا فور انتقادهم. حتى أن آل سعود قمعوا أولئك الذين لم يعارضوا بشكل أساسي حكم آل سعود، مثل الداعية البارز سلمان العودة. لأنه غرد يدعو إلى إنهاء حصار قطر. هل يمكن لمحمد بن سلمان أن يحافظ على حكمه دون دعم عدد كبير من الأمراء وفي ظل قمعهم المتزايد؟ وهل منافسة محمد بن سلمان مع أعمامه الذين ما زالوا على قيد الحياة ولديهم الكثير من الأبناء، المستمرة لها عواقب على المؤسسة الحاكمة وربما المملكة نفسها؟
أدت بداية حملة الاعتقال والقتل والاختفاء القسري، والعقوبات الشديدة لسجناء حرية التعبير، ومنعهم من السفر على يد محمد بن سلمان، إلى ظهور معارضة كثيرة ومنظمة. وهذه هي المرة الأولى في تاريخ المملكة التي يتحد فيها العديد من الأطراف ووسائل الإعلام داخل وخارج البلاد ضد الحكومة. انتقد المعارضون خارج المملكة، وخاصة الولايات المتحدة، جرائم وسياسات محمد بن سلمان أو حتى سخروا منها، بينما تم احتجاز عائلاتهم داخل المملكة.
قال زعيم المعارضة، عمر الزهراني، على موقع يوتيوب، إن وفدا أمريكيا دعا المملكة مؤخرا إلى الإفراج عن "محمد بن نايف"، وكذلك "أحمد بن عبد العزيز" الشقيق الأصغر للملك سلمان، وابن وابنة "سعد الجابري"، المسؤول السابق في جهاز المخابرات. التغيير الأساسي في تنظيم المعارضة كان تأسيس حزب "التجمع الوطني" في سبتمبر الماضي، والذي شارك فيه "يحيى عسيري"، الناشط والمحامي المقيم في لندن، ويتزعم حزب المعارضة "مضاوي الرشيد" و"سعيد بن ناصر الغامدي" و مقيمين في لندن، و"عبدالله العودة" مقيم بالولايات المتحدة و"عمر بن عبد العزيز" المقيم في كندا، والذي يهدف إلى حماية المملكة من الاضطرابات والديكتاتورية الشمولية وتمهيد الطريق للديمقراطية من خلال التحولات السلمية. أظهر محمد بن سلمان، في مقابلته الأخيرة، أنه لم يحرز أي تقدم في كسب دعم عائلته، وأن حملته القمعية لم تقيد المعارضة، لدرجة أن الكثيرين سخروا منه في مقابلته.
لكن بن سلمان يحظى بدعم بعض الأمراء، مثل "بندر بن سلطان" و"تركي الفيصل"، الذين يشاركونه كراهيته للملك السابق عبد الله. يلعب بندر بن سلطان حاليًا دورًا داعمًا في واشنطن من خلال ابنته "ريما بنت بندر بن سلطان"، السفيرة الحالية في واشنطن، وتعتمد ريما على تجربة والدها الذي عمل 22 سنة سفيراً للولايات المتحدة في عهد جورج دبليو بوش. يتمتع بندر بن سلطان بتاريخ طويل من العداء للملك عبد الله الذي أطاح به من منصبه سفيراً للمملكة في واشنطن عام 2005، ثم عُين رئيساً للمخابرات العامة عام 2012، وأُقيل عام 2014 بتهمة دعمه للإرهابيين في سوريا والعراق. بندر بن سلطان هو أحد القلائل الذين دعموا محمد بن سلمان علناً بعد نشر تقرير أمريكي عن تورط بن سلمان في اغتيال الصحفي المعارض "جمال خاشقجي". كراهية تركي الفيصل للملك عبد الله لا تقل عن كراهية بندر له، حيث أطاح الملك عبد الله بتركي الفيصل كسفير في واشنطن عام 2007 ليحل محله مستشاره "عادل الجبير".
"خالد الفيصل"، شقيق تركي الفيصل وحاكم مكة، قد أرسله الملك سلمان للتفاوض مع تركيا بعد أن نشرت أنقرة خبر اغتيال خاشقجي، لكن عندما رفضوا التستر على الجريمة، عاد متشائمًا وخالي الوفاض. "عبد العزيز الفيصل"، نجل "تركي الفيصل" وزير الزراعة ، لاقى الثناء من ابن سلمان، لأنه كان مسؤولاً عن استضافة المملكة لمسابقات دولية، والتي أنفقت حوالي 1.5 مليار دولار لتلميع الصورة السلبية عن بن سلمان في الرأي العام من خلال إقامة أحداث رياضية مهمة في المملكة. تركي فيصل هو أيضا أول فرد من عائلة آل سعود يلتقي بمسؤولين إسرائيليين على هامش مؤتمر "الأمن والتعاون في أوروبا"، كما قال في مؤتمر صحفي بعد تسريب أنباء عن لقاء سري بين رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" و بن سلمان في نيوم.
نتيجة لذلك، تبدو الأزمات والتحديات في المملكة مقدمة لصراع طويل ومرير بين بن سلمان وخصومه، ومن المتوقع أن يشكك الأمراء في شرعية محمد بن سلمان بعد وفاة الملك سلمان، لأنه الآن يتم تقويض شرعيته من قبل سلطة والده.
ارسال التعليق