هل تسهم زيارة بايدن "للسعودية" في خفض أسعار النفط
تناولت وسائل إعلام أمريكية الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى "السعودية"، في تحول لسياسته تجاه "السعودية" التي وعد بجعلها منبوذة بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي، سعيا منه لكبح جماح أسعار الطاقة المرتفعة بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.
وقلل مسؤولون أمريكيون من فرص حصول بايدن على الكثير من المساعدة الفورية من "السعودية" في تحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة التي تعصف بها أزمة أسعار بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
وذكرت "نيويورك تايمز" أن بايدن في جدة، سيلتقي بقادة تسع دول عربية، هي "السعودية" والإمارات والبحرين والكويت وقطر وعُمان، والتي تنتمي جميعها إلى مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب مصر والعراق والأردن.
وندد نشطاء حقوق الإنسان وشخصيات إعلامية، وحتى بعض زملاء بايدن الديمقراطيين بفكرة مصافحته لمحمد بن سلمان الذي أشار تقرير استخباراتي أمريكي إلى أنه "أصدر الأمر" بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في قنصلية المملكة بتركيا.
وحين كان مرشحا للرئاسة، تعهد بايدن بجعل السعودية "تدفع الثمن وأن تكون منبوذة" بسبب جريمة قتل خاشقجي.
ولكن مع ارتفاع أسعار المحروقات بشكل مطرد، وفرض الحظر على الطاقة الروسية، قال محللون إن بايدن "لا يستطيع" تحمل إبقاء أحد أكبر منتجي النفط في العالم بعيدا لوقت أطول.
وأصر بايدن وموظفوه في الأيام الأخيرة على أن قرار زيارة "السعودية" كان له علاقة بالقضايا الأمنية أكثر من سعر البنزين.
وقالت كارين جان بيير، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، إنه في حين أن الطاقة ستكون نقطة نقاش فإن العلاقة بين البلدين أكثر تعقيدا بكثير من ذلك. وأضافت "إن النظر إلى هذه الرحلة على أنها تتعلق فقط بالنفط ليس كذلك – سيكون من الخطأ ببساطة القيام بذلك".
وأعلنت أوبك بلس، وهي مجموعة من الدول المنتجة للنفط بقيادة "السعودية"، بالفعل هذا الشهر أنها ستزيد الإنتاج بشكل متواضع في تموز وآب وقال مسؤولون أميركيون إنهم يتوقعون أن يصعد التكتل الإنتاج أكثر في الخريف.
لكن هذا الالتزام لم يكن له تأثير يذكر حتى الآن على سعر الوقود، الذي وصل إلى 5 دولارات للجالون في المتوسط في الولايات المتحدة في نهاية هذا الأسبوع لأول مرة.
واعتبر مسؤول في الإدارة الأميركية أطلع الصحفيين على رحلة الرئيس شريطة عدم الكشف عن هويته وفقا للقواعد الأساسية للبيت الأبيض إن بايدن سيجتمع في جدة مع محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد، لكنه لم يذكر ما إذا كان الرئيس سيثير قضية خاشقجي.
وذكر بيان رسمي للبيت الأبيض أعلن فيه عن الرحلة أن حقوق الإنسان هي واحدة من مجموعة من القضايا المتوقع ظهورها، إلى جانب تغير المناخ وبرنامج إيران النووي والحرب في اليمن.
ولفتت، جان بيير، للصحفيين على متن طائرة الرئاسة، إن بايدن تمسك بتصريحاته السابقة بشأن مقتل خاشقجي. وقالت "نحن لا نغفل أي سلوك حدث قبل تولي الرئيس منصبه".
وذكر بيان صادر عن الحكومة "السعودية" إن "المملكة تتطلع إلى الترحيب بالرئيس بايدن وتحديد الفصول التالية من شراكتنا".
وأضاف البيان أن "الشراكة بين بلدينا لا تقل أهمية عن أي وقت مضى لتعزيز السلام والازدهار والاستقرار في جميع أنحاء العالم".
ورد الأمير تركي الفيصل، السفير "السعودي" السابق لدى الولايات المتحدة ورئيس الاستخبارات السابق "للمملكة"، في واشنطن الأسبوع الماضي على انتقادات الولايات المتحدة، مشيرا إلى سجن غوانتانامو، وفضيحة الانتهاكات العسكرية في أبو غريب خلال حرب العراق، والإدانات الخاطئة في النظام القضائي الأميركي.
وقال الفيصل "هذه بعض انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة التي لا تتطلب فقط إجراء رئاسيا ولكن أيضا الفصل في الكونغرس ومجلس الشيوخ". وأضاف "لقد انتقد أعضاء المجلسين المملكة بشدة بشأن قضايا حقوق الإنسان، لكن أولئك الذين يعيشون في منازل زجاجية يجب ألا يلقوا الحجارة".
وفيما ستجري زيارة الرئيس في وقت تتزايد فيه التوترات في الشرق الأوسط، وتتعثر فيه مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران، إلا أن الصحيفة تقول إن الرئيس سيحاول في الوقت نفسه استعادة مكانة أميركا كوسيط أكثر نزاهة بين "الإسرائيليين" والفلسطينيين بعد الميل المؤيد لـ"إسرائيل" لسنوات من قبل الرئيس السابق، دونالد ترامب، ويؤكد من جديد دعم أميركا لحل الدولتين.
وسيلتقي بايدن أيضا مع، محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، وهو أول اجتماع رئاسي من نوعه منذ زيارة ترامب عام 2017. ومن المرجح أن يلتقي بايدن بعباس في بيت لحم.
لكن مساعدين قالوا للصحيفة إن بايدن سيظهر أيضا التزامه بأمن "إسرائيل"، ربما من خلال زيارة أحد الأنظمة الدفاعية التي توفرها الولايات المتحدة. كما سيشجع التطبيع المتزايد للعلاقات الدبلوماسية بين "إسرائيل" والدول العربية بموجب ما يسمى باتفاقات "أبراهام" التي بدأت في الأشهر الأخيرة لترامب في منصبه.
ونقل مساعدون للصحيفة إن بايدن سيشارك أيضا في اجتماع قمة افتراضي مع زملائه قادة كتلة جديدة تسمى I2-U2، والتي تعني "إسرائيل" والهند والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة.
وفي معرض دفاعهم عن قرار الرئيس بالسفر إلى "السعودية" بعد وصفها بأنها دولة منبوذة، قال مسؤولون إنه كان يقصد دائما إعادة معايرة العلاقة بدلا من قطعها تماما، وأصروا على أنه لا يزال يدافع عن حقوق الإنسان.
ولفتت الصحيفة إلى أن المسؤولون شددوا على "التعاون السعودي في التوسط في هدنة في الحرب الطويلة الأمد في اليمن المجاور، والتي حطمت البلاد وتركت الملايين يعانون من الجوع والفقر. وتم تجديد الهدنة، التي دخلت الآن أسبوعها التاسع، لمدة شهرين آخرين، وقال مسؤولون إنها توضح فوائد الانخراط الأميركي مع السعودية".
ويحذر روس من أنه حتى لو التقى بايدن بمحمد بن سلمان، فلن يكون حل المشاكل مضمونا "فأحد أسباب قيامهم بالتحوط هو أنهم يريدون التأكد منا. كلما زادت ثقتهم بنا، زادت قدرتهم على تعديل بعض سلوكهم.. لكنهم لن يتبنوا فجأة موقفا هو الذي نريده ببساطة لأننا نريده".
ارسال التعليق