
أرامكو وهبوط الأرباح... الأسباب والنتائج
[فيصل التويجري]
في عام تجاوز متوسط أسعار النفط فيه 60 دولاراً، خرجت شركة أرامكو النفطية لتؤكد أن أرباحها عنه تراجعت بنسبة 21 % وان السبب في ذلك هو انخفاض حجم إنتاجها بسبب الضربات اليمنية لشركة أرامكو وتعود أيضاً إلى انخفاض أسعار النفط. هذا الأمر يدفع المرء بالتساؤل عن الأداء المالي المتوقع هذا العام في ظل أسعار هبطت الى أقل من نصف مستواها العام الماضي، وهو هبوط يفاقمه ويزيده تعقيداً قرارا الرياض وأبو ظبي بإغراق أسواق النفط العالمية في هذا التوقيت.
متاعب اقتصادية في أفق المملكة السعودية، فما أعلنته شركة أرامكو من تراجع في أرباحها بنسبة 21% بسبب هجمات الحوثيين وانخفاض قيمتها السوقية إلى تريليون دولار ليس سوى بداية ما يصفه خبراء اقتصاديون بالانحدار المتوقع. فالحديث هنا عن بيانات العام الماضي وهي مرشحة لتكون أسوأ على ضوء حرب الأسعار التي فجرتها الرياض يوم العاشر من آذار مارس الحالي ضد روسيا.
أعلنت الرياض يومها رفع إنتاجها من النفط بمليونين وخمسمائة ألف برميل يوميا، ليصل إلى حدود اثني عشر مليون ألف برميل يوميا في شهر أبريل. لم يكن ذلك كافيا على ما يبدو لإغراق الأسواق فراجعت وعودها الأربعاء الماضي نحو الترفيع وأكدت أنها ستضخ في الأسواق العالمية 13 مليون برميل يوميا.
وفي اليوم ذاته تعلن الإمارات وهي رابع منتج للنفط أنها مستعدة لزيادة إنتاجها بمليون برميل يوميا. لم يجد المراقبون تفسيرا منطقيا لحرب تعلم الرياض أنها ستكون أول من سيدفع ثمنها بانهيار عائداتها من النفط إحدى أهم ركائز موازنتها. وهو ما سيؤدي أيضا إلى عرقلة مشاريع من قبيل تلك التي تسميها سعودية رؤية عشرين ثلاثين والتي يقول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إنها تهدف إلى تنويع مصادر الاقتصاد السعودي.
حيرة ربما تجد تفسيرها فيما نقلته وسائل إعلام عن مصادر روسية بأن موسكو ترى في خطوة السعودية خدمة للرئيس الأميركي في عامه الانتخابي بتوفير نفط رخيص يمكنه من خفض أسعار الوقود في بلاده واكتساب شعبية تضمن بقاءه في البيت الأبيض. ترامب بدوره لم يخف ابتهاجه من الخطوة السعودية ووعد الأميركيين بقرب ملء الخزانات بالنفط بفضل الأسعار الجيدة وتوفير الكثير من الأموال.
وأيا كانت الدوافع الحقيقية التي حملت محمد بن سلمان على شن هذه الحرب النفطية وطبيعة ما سيجنيه من ورائها يستبعد المراقبون انفراجا سهلا للأزمة التي تنذر بالاستفحال، فوفق خبراء فإن الرياض لا يمكنها الحصول على ميزانية بدون عجز إلا بسعر النفط يبلغ 80 دولارا للبرميل وهو ما يبدو غاية صعبة المنال في الوقت الراهن مع أسعار دون 30 لبرميل النفط.
وتقول تقارير أمريكية إن إغراق السوق بالنفط الرخيص يأتي في سياق تثبيت ابن سلمان نفوذه على سياسات النفط في المملكة، وكذا كي يؤكد لأخيه الأكبر وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان قدرته على إخضاع روسيا للنفوذ السعودي في هذا المجال، وبغض الطرف عن مدى واقعية ذلك فإن ثمن حرب الأسعار كما يحذر خبراء في القطاع النفطي قد يكون فوق ما يمكن للسعودية تحمله ونشير هنا إلى التحليل الذي نشرته مجلة أويل برايس إلى أن السعودية تواجه تهديدات وجودية عدة إذ لا يهدد هبوط أسعار النفط موارد البلاد وبرنامج تنويع الاقتصاد فحسب وإنما أيضاً ما يصفه الكاتب بالوضع الهش لمحمد بن سلمان.
ويمكننا الجزم أن قرار السعودية خفض أسعار النفط ليس سوى مغامرة غير محسوبة العواقب، وهذا القرار بمثابة كمن أطلق النار على قدميه. كما يمكننا التأكيد على أن هناك نوع من المقايضة بين السعودية وأميركا في مسألة خفض الأسعار، من خلال غض واشنطن الطرف عن اعتقال الأمراء مقابل خفض أسعار النفط.
في الختام ان ما يحدث للاقتصاد السعودي نتاج القرارات السياسية المتخبطة بدءا بحرب اليمن، ومرورا بحصار قطر وتقطيع جمال خاشقجي، ووصولا إلى اعتقال الأمراء، ومن اجل الخروج من هذه الأزمات على المملكة وضح حد لجميع هذه السياسيات الخاطئة ومن بينها تفاهم السعودية مع روسيا حول أسعار النفط لأنها تعاني كثيرا، إلا إن محمد بن سلمان يبحث عن مصالحه فقط وعن الحفاظ على كرسيه، لا عن مصلحة شعبنا المحروم.
ارسال التعليق