
ابن سلمان لترامب: خذ ما تشاء حتى ترضى سيدي!!
[جمال حسن]
* جمال حسن
ما أن رفع الراعي عصاه حتى أسرعت البقرة نحوه فاتحة رجليها مقدمة ثدييها كي يستحلبها بالمقدار الذي يرضيه، رافعة شعار خذ سيدي ما تشاء مني حتى يرضيك وترضى؛ على طبق الاخلاص والمذلة والانبطاح والعمالة والخنوع والركوع متجاهلة قوله تعالى "وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ"- سورة البقرة الآية 120.
سويعات قليلة على أول تصريح للكابوي الأمريكي دونالد ترامب وهو يدخل البيت الأبيض فارضاً فدية على آل سعود لزيارة الرياض وضمان الحفاظ على عرشهم وبقاءهم متسلطين على رقاب شعبنا المغلوب على أمره، حتى سارع ولي عهد "سلمان" معلناً تنفيد طلبات الراعي بل وأكثر من ذلك بكثير.
فقد قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن البلد الذي "يمكن" أن يتوجه إليه في جولته الخارجية الأولى، بعد أن تولى منصبه بشكل رسمي، قائلًا: "يمكن" أن يتوجه الى السعودية "في حال اشترت منتجات أمريكية بقيمة 450 الى 500 مليار دولار أو أكثر"؛ ليأتي الرد خلال اتصال هاتفي لـ"بن سلمان" مع سيده معلناً "رغبة السعودية في توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع أمريكا في الفترة المقبلة بمبلغ 600 مليار دولار"!!.
رفع محمد بن سلمان رقم الجزية التي فرضها عليه سيده "ترامب" مما دعا الأخير الى رفع توقعاته أكثر من قبل، وقال ترامب في كلمة خلال مؤتمر "دافوس" الاقتصادي، إن "السعودية ستستثمر 600 مليار دولار في أمريكا، وسأطلب من الملك السعودي رفع المبلغ الى تريليون دولار، وسأطلب منه أيضا خفض سعر النفط".
وشدد الفيل الأمريكي على ضرورة شراء مملكة البترول منتجات أمريكية ما يعني "الأسلحة الخردة" كما في ولايته الأولى بنحو 450 - 500 مليار دولار، غير الاستثمارات التي من المقرر أن تقوم الرياض باستثمارها في الولايات المتحدة لتجلب ملايين فرص العمل للعاطلين هناك فيما نسبة البطالة في بلاد الذهب الأسود ترتفع الى نحو20% وفق إحصائيات رسمية (وفق تقرير سري رفعته الهيئة العامة للإحصاء الى مجلس الشورى)، فيما الحقيقة أكثر من ذلك بكثير.
أما البنى التحتية التي كان قد تم تعيين ما قيمته 44 مليار دولار لتنميتها خلال العام 2024 فهي باتت بحكم "التوقف" بسبب تنامي العجز في الميزانية العامة وتفشي الفساد في دوائر السلطة الحاكمة، وفق تقرير هيئة مكافحة الفساد في السعودية "نزاهة" قدم أمام ندوة في الرياض بعنوان "تعثر المشاريع الحكومية، ومحاولة إيجاد الحلول".
ففي هذا الاطار، كررت صحيفة "سبق" السعودية تقاعس السلطات الحاكمة في معالجة مشكلة السيول في جدة ومكة وبعض المناطق الاخرى من شبه الجزيرة العربية، وقالت من المفارقات التي يتداولها السعوديون حالياً مقولة: "الأمطار أكثر جهاز مصداقية في كشف الفساد، فكل كارثة سيول خلفها محتال مستفيد".
ثم الأمر لم ولن يتوقف على هذه الظاهرة فقط، حيث نسبة الفقر في حالة الارتفاع والنمو في بلد يعتبر الأغنى في العالم، فقد كشفت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "إسكوا" في تقرير حديث لها إن الملايين من مواطني بلدان مجلس التعاون الخليجي يعيشون في فقر، يتقدمهم الشعب السعودي حيث الفقر يطال واحدا من كل ستة مواطنين في السعودية.
ويشدد مراقبون من أن بلاد الحجاز لديها احتياطيات من النقد الأجنبي يتجاوز الترليون دولار هو الأضخم في المنطقة العربية، وتعد أكبر مصدر للنفط في العالم (أكثر من 0 1ملايين برميل يومياً)، إلا أنها الأكثر فقراً على مستوى الدول الخليجية، إذ بلغت نسبته نحو 25%، بحسب إحصاءات غير رسمية قريبة للواقع.
لقد اعتاد آل سعود على الإنبطاح للسيد الراعي وتنفيذ الأوامر المطلوبة منهم على مدى العقود الطويلة الماضية، حيث لولا الفيل والحمار الأمريكيان والثعلب البريطاني الماكر لما كانت لهم سلطة على رقاب أبناء الجزيرة العربية طيلة حوالي ثلاثة قرون مستبيحين دماء الأبرياء ومنتهكين أبسط الحقوق الانسانية خاصة لأصحاب الأرض الأصليين.
من جهة اخرى، كشفت وسائل إعلام دولية وإسرائيلية عن تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في تمويل مستوطنات إسرائيلية عبر صندوق جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، حسب وكالة "بلومبرغ" الأمريكية نقلاً عن تقارير شركة "أفينيتي بارتنرز"، وهي شركة ممولة من السعودية يملكها كوتشنر.
فقد حصلت شركة "إنفينيتي بارتنرز" لابن سلمان وكوشنر، على موافقة الجهات التنظيمية الإسرائيلية لمضاعفة حصتها في شركة فينيكس المالية المحدودة، التي تمول بناء المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة؛ الى جانب استثمار هذه الشركة في شركة إسرائيلية وهي مجموعة “شلومو” التي تعمل بمجال السيارات والائتمان.
في الوقت ذاته أدعت تقارير رسمية لهيئة "الإحصاءات العامة" وصندوق النقد أن 60% من السعوديين يملكون مساكن، فيما تؤكد إحصاءات شبه رسمية أن واخرى (منهم عبد الله بن صادق دحلان عضو بمنتدى جدة الاقتصادي) أن نحو 30% من الملّاك يقطنون مساكن غير لائقة، وعضو مجلس الشورى "سعود الشمري" يشدد إن الدولة ليست ملزمة بتوفير السكن لكل مواطن وليس ذلك حق دستوري!!.
من الطرائف المحزنة والمخزية للنظام السعودي أن يهتم ببناء المستوطنات لقطعان الصهاينة أعداء الأمة والدين في الضفة الغربية المحتلة، وأن يتجاهل ليس الدمار الذي حل بغزة ومساكنها ومئات المساكن للفلسطينيين في الضفة وبيت المقدس المحتلتين في ظل هذه الظروف العصيبة، بل حتى ابناء بلاد الحجاز دون اهتمام أو اعتناء وكأن هذه الأموال استورثوها آل سعود من أجدادهم وليست ملك الشعب وعوائده من خيرات بلاد الحرمين الشريفين.
ويتفنن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ابتزاز آل سعود خاصة محمد بن سلمان والحصول على الأموال منهم بعد أن أنقذه من تبعات فاجعة قتل وتقطيع جمال الخاشقجي؛ منفذاً ما تحدث عنه طوال حملته الانتخابية، ومهدد إياه "عليك بتريليون دولار لاستمرار حمايتك" وإلا فأن السكين قريب من الرقبة كما وعدت في حملتي الأولى من أن "البقرة تذبح أن لم تعد تنفعنا.
وعلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي على تصريحات ترامب بقولهم: إن ترامب عاد بعد 4سنوات لابتزاز النظام السعودي بذات الطريقة، دون أي رد فعل من الأخيرة، بل استعجلوا برفع سقف الجزية لإرضاءه؛ موضحين أن ما يقوله ترامب عن السعودية لا يقوله عن دول أخرى، إذ لم يربط زيارته الخارجية الى دول أخرى بصفقات ابتزازية كهذه، أو تمويل مباشر أو غير مباشر.
وأبرز نشطاء وصف ترامب لمحمد بن سلمان بـ"الشخص الرائع" ، حيث قال وفقا نص كلمته التي نشرها البيت الأبيض: "السعودية ستستثمر ما لا يقل عن 600 مليار دولار في أمريكا، ولكنني سأطلب من ولي العهد، وهو رجل رائع، أن يقرب المبلغ الى حوالي تريليون دولار، أنهم سيفعلون ذلك لأننا كنا جيدين جدا معهم.. الحرب ستنتهي (غزة ولبنان) وإنهم مسؤولون جدا الى حد كبير عما يحدث حيث ملايين الأرواح تُزهق.. نحن ندافع بمؤخراتنا عنكم وأنتم ليس لديكم غير الكاش"!!،العاقل تكفيه الاشارة.
واخيرا، كتب إيدي كوهين الكاتب الصهيوني المقرب من نتنياهو على موقع X مستهزئا بالسعودية واخواتها الخليجيات يقول: "ترامب بدأ باخذ الجزية من المسلمين وهم صاغرون. وتؤخذ الجزية من الخليجيين وخاصة من السعودية والكويت لحمايتهم..".
ارسال التعليق