
ابن سلمان يستخدم المغنيات للعلاقات العامة.. وميناج لم تقع بالفخ
[طلال حايل]
طلال حايل
حتى بائعات الهوى لم يقبلن بإجراءات ابن سلمان الهمجيّة، وكانت المغنية الأمريكية "نيكي ميناج" وجّهت ضربة جديدة لولي عهد آل سعود ومشروعه "الترفيهي" بعد أن رفضت المشاركة في مهرجان مواسم جدّة السياحي، مؤكدةً أنّها متعاطفة مع حقوق الإنسان المُغيّبة في جزيرة العرب كما أنّها ترفض الغناء في بلدٍ لا يحترم الحقوق والحريّات، الأمر الذي شكّل ضربة غير متوقّعة بالنسبة لابن سلمان، وهو الذي يحاول إظهار سُلطته على أنّها سلطةٌ منفتحة على العالم.
علاقات عامة
منذ تولّي ابن سلمان لولاية عهد حكومة آل سعود، بدأ بحملة تبييض لصورته علّه يستطيع إقناع أبناء نجد والحجاز بنفسه واستمرار عائلته في الحكم، فبدأ ببعض الإجراءات التي ظنّ أنها ستُرضي الشعب هناك، غير أنّه فهم موضوع الانفتاح خطأً، بل على العكس، بدأ بزج النشطاء المدنيين والأئمة الوسطيين في السجون، الأمر الذي عاد عليه وبالًا، كما استخدم الفنانين والمطربين في محاولةٍ منه لتلميع حكم عائلته، فيما يُشبه حملة علاقات عامة.
حملات الاعتقال والاغتيال التي قادها ابن سلمان انقلبت عليه وبالًا من حيث لا يحتسب، لتخرج المغنية نيكي ميناج وهي واحدة من أكثر المُغنين فجورًا في العالم وتؤكد على أنّ وتماشيًا مع دعوة مؤسسة حقوق الإنسان قررت ميناج إلغاء حفلاتها المُقررة ضمن فعاليات مهرجان جدة حيث أنّه من المُقرر أن تُحيي ميناج حفلتها في الثامن عشر من الشهر الحالي.
وأكدت ميناج على أنّها وبعد تفكير دقيق قررت عدم المُشاركة في الحفلة المقررة، وأضافت: "لا أريد تقديم مجرد عرض للجماهير في المملكة العربية السعودية، وبعد أن قرأت أكثر حول قضايا السعودية، أعتقد أنه من المهم بالنسبة لي أن أوضح دعمي لحقوق المرأة وحرية التعبير"، بدوره رئيس منظمة حقوق الإنسان ثور هالفورسين وفي تعليقه على قرار ميناج قال: "نحن ممتنون لنيكي ميناج لقرارها الملهم والمدروس برفض محاولة النظام السعودي الشفافة في استخدامها لمهمة العلاقات العامة".
وكانت المنظمة ذاته قالت في بيانٍ لها إنها "تعتبر النظام السعودي أحد أسوأ منتهكي حقوق الإنسان في العالم" وحثت المغنية، على إلغاء حفلها، ورفض أموال الحكومة السعودية واستخدام نفوذها وشهرتها العالمية بدلاً من ذلك في إصدار بيان يطالب بالإفراج عن الناشطات السعوديات المسجونات حاليًا".
خطوة استباقيّة
مسؤولو سلطة ابن سلمان تفادوا الرد مباشرةً على قرار ميناج، بل فضلوا الخروج بتصريحات لا تحمل أيّة أسماء، ليؤكد بعضهم لوسائل الإعلام التي تنطق باسم ابن سلمان بأنّ "توجيهات" صدرت بإلغاء حفل ميناج "لمخالفتها طبيعة الحفلات الغنائية التي تقام في السعودية".
من الواضح إذن أنّ تلك التصريحات حاولت تبرير إلغاء ميناج لحفلها في جدّة، مع العلم أنّ الجميع بات يعرف أنّ ميناج هي من رفضت الغناء في ظل هذه السلطة، ومن ناحيةٍ أخرى، تقول سلطات آل سعود إنّ سبب منع ميناج من الغناء هو مخالفتها لطبيعة الحفلات الغنائية في السعودية، (لا يوجد قانون يُنظم مثل هذه الحفلات).
أكثر من ذلك؛ يقول موقع سبق الاستخباراتي: "التوجيهات الصادرة بهذا الخصوص تضمنت مراجعة المعايير التي على ضوئها كان ستتم استضافة المغنية العالمية ميناج في ظل عدم ملاءمة ظهورها لطبيعة الفعاليات الغنائية التي تستضيفها مدن البلاد، المحكومة بضوابط محددة ونظامية، لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال"، وهنا يتساءل أبناء الجزيرة العربية هل كانت حفلات "ماريا كاري" الماجنة مُتناغمة مع طبيعة الحفلات في السعودية، وإذا كانت مُتناغمة بالفعل فالمصيبة أعظم.
قرار ميناج سابق الذكر أسعد أكثر ما أسعد شعب الجزيرة العربية التي لم تعتد على هكذا حفلات خلال تاريخها، حيث يقول بعض من التقتهم التغيير إنّ قرار ميناج هذا صبّ في مصلحة المجتمع السعودي، ربما عن غير قصدها، لكنها ساعدت وبدون علمها على الحد من انتشار الرذيلة في المجتمع، ومن جهةٍ أخرى فقد أوصلت ميناج برفضها هذا رسالة إلى العالم حول الانتهاكات التي يعاني منها أبناء نجد والحجاز في ظل حكم هذه العائلة.
خلاصة القول؛ فإن الحال الذي وصلت إلى جزيرة العرب في ظل حكم ابن سلمان بات يُرثى له، فقد سبق هذا الفتى المُقامر كلّ من سبقوه في التعدي على حدود الله وحُرمة تلك البلاد التي تحتضن مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأي مُتابعٍ لتطورات "الترفيه" في مملكة آل سعود يرى أنّ ابن سلمان لم يفهم الانفتاح والتطور إلّا على أنّه تفلتٌ وانحلال، وهذا تماشيًّا مع تأكيداته المُتكررة بأنّه يُريد بناء إسلام وسطي، الأمر الذي فسّره مُراقبون وفسرته تصرفات ابن سلمان ذاته بأنّه يسعى لبناء إسلام جديد يتماشى مع ما أعلنته الخارجية الأمريكية مرارًا وتكرارًا بأنها تُريد للمسلمين إسلامًا يتماشى مع الحياة الأمريكية.
ارسال التعليق