
الإجراءات التقشفية؛ هل نحن على أعتاب ثورة في الداخل السعودي؟
[هادي الاحسائي]
تتجه الممكلة السعودية بقيادة محمد بن سلمان نحو الانحدار يوماً بعد يوم، بعد أن كان قد زرع ابن سلمان وذبابه الالكتروني الأمل الوهمي في قلوب المواطنين بأن مستقبل المملكة سيكون مشرقاً في ظل الاصلاحات الجديدة والمشاريع الاقتصادية التي سيقدم عليها ولي العهد السعودي، لتمر 4 سنوات على هذه الوعود دون تحقق اي تقدم في اي مجال وانما خسارة وفشل يتبعها ضياع وفقدان للاستراتيجية تمهيدا لبداية الانهيار، ولو ان ابن سلمان لم يقدم هذه الوعود ولم يطرح هذه المشاريع لكانت الامور في الداخل اكثر استقرارا مماهي عليه اليوم، إلا ان سياسة ابن سلمان الطائشة ستقود البلاد نحو المجهول وستمهد الطريق لبداية غضب شعبي قد يتحول في اي لحظة الى ثورة.
في السياسة الخارجية قد لا يستاء الشعب كثيرا من تصرفات بن سلمان، لكن عندما يقترب الأمر من لقمة عيش المواطن سيختلف الأمر 180 درجة، والأمور بدأت تمس بحياة الناس وحاجاتهم الأساسية بعد الاجراءات التقشفية القاسية التي امروا وزير المالية الجذعان باعلانها، الأسبوع الماضي، وعليكم تصور ما ستؤول اليه الامور في المستقبل القريب.
الاجراءات الجديدة والتي اعلن عنها وزير المالية محمد الجدعان، تشمل إيقاف بدل غلاء المعيشة، بدءا من شهر يونيو/حزيران المقبل، وكذلك رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من يوليو/تموز المقبل.
الجدعان قال ان الاجراءات الجديدة ستوفر للمالية العامة نحو 100 مليار ريال سعودي، ومن المتوقع إقرار حزمة أخرى من إجراءات التقشف، بعد صدور توصيات اللجنة الوزارية المشكلة لدراسة المزايا المالية التي تصرف لجميع العاملين والمتعاقدين، خلال 30 يوما.
الحكومة حملت "فيروس كورونا" وانخفاض سعر النفط مسؤولية حملة التقشف الجديدة، وعلى اثر ذلك شهدت الموازنة السعودية عجزا ماليا قدره 9 مليارات دولار في الربع الأول من العام الجاري، وتراجعت بورصة السعودية بنسبة 1.18٪، مع هبوط أسهم أرامكو 0.8٪، والبنك الأهلي 2.4٪، ومصرف الراجحي 1.5٪.
القرارات الجديدة ستنعكس بشكل مباشر على معيشة المواطنين، وسنشهد جنونا في ارتفاع الاسعار، فعندما ترفع السلطات السعودية القيمة المضافة 3 اضعاف هذا يعني ان اسعار المواد الغذائية، والبنزين والنقل المحلي وبعض الخدمات العقارية والتعليم الأهلي والرعاية الصحية في المراكز الخاصة والاتصالات السلكية واللاسلكية والخدمات الإلكترونية...وغيرها سترتفع ثلاثة اضعاف ايضا.
الشارع بدأ يغلي جراء هذه القرارات، خاصة وانها ستؤثر على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، بينما سينعم افراد العائلة الحاكمة بنفس الدعم والاموال التي تقدم لهم شهريا على طبق من ذهب دون حتى ان ينجزوا اي عمل مهم.
الموطنون اطلقوا هاشتاغات على موقع تويتر للاعتراض على القرارات الجديدة والسخرية منها، وكان من أول المغردين المعارض غانم الدوسري الذي كتب: "لم يمر على أزمة كورونا سوى شهرين تقريبا وإذا بالسعودية العظمى ترفع الضرائب على مواطنيها وتلغي بدل غلاء المعيشة! الأزمة مرشحة للاستمرار مدة طويلة، فهل نصحو يوما ونجد الضرائب تجاوزت 50 في المئة؟".
كما نشر الدوسري شريط فيديو يسلط الضوء على مظاهر الفقر المدقع في بعض المناطق داخل السعودية، حيث يرصد مشاهد لمواطنين يبحثون في القمامة عن الطعام، وآخرون يسكنون في بيوت مهدّمة ويشكون الجوع وقلة الحيلة.
المؤكد ان مشاريع ابن سلمان ستصبح طي النسيان لسنوات طويلة هذا في حال بقي في السلطة، لأن جميع المؤشرات تدل على ان الغضب داخل العائلة وخارجها وخاصة من الشعب بدأ يتزايد ضد سياسات ابن سلمان الفاشلة على المستوى الداخلي والاقليمي والدولي، اذ لم يستطع ان يكسب اي طرف لصالحه، ومحاولته تحميل "كورونا" مسؤولية ما جرى فهذا لن يزيد فشله الا فشلا آخر، لان تدهور اقتصاد المملكة بدأ منذ وصوله الى السلطة، فعلي سبيل المثال تكبد قطاع الإنشاءات منذ 2017 تراجعاً بمقدار 25%، رغم أن هذا القطاع تحديداً -طبقاً لرؤية ولي العهد- كان يجب أن يشهد نمواً كبيراً، في ظل مشروع نيوم الذي يمثل حجر الزاوية في رؤيته الاقتصادية وتبلغ تكلفته التقديرية أكثر من 500 مليار دولار.
مثال آخر، تراجع الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد من 25243 دولاراً في عام 2012 إلى 23338 دولاراً في 2018، بحسب أرقام البنك الدولي، كما قدر صندوق النقد الدولي أن الدين الصافي سيصل إلى 19% من الناتج المحلي الإجمالي السعودي هذا العام، وسيصل إلى 27% في العام القادم، بينما سيدفع فيروس كورونا وأزمة النفط الاقتراض إلى أن يصبح 50% بحلول عام 2022، وكلها تقديرات مفرطة في التفاؤل، بحسب الخبراء.
في الختام؛ ابن سلمان في حالات السلم والاستقرار لم يستطع ان ينفذ ايا من مشاريعه التي تحدث عنها والتي توفر آلاف الوظائف للشباب فكيف سيكون الحال بعد انتشار "كورونا" والشلل الذي اصاب الاقتصاد؟، ربما الشعب السعودي هو من سيجيب على هذا السؤال في الايام المقبلة.
ارسال التعليق