
الجبير والعطيّة في واشنطن.. هل تعود التحالفات القديمة؟
[طلال حايل]
طلال حايل - التغيير
بزيارة سريّة؛ طار كل من عادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية في نظام آل سعود، بالإضافة لخالد العطيّة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع في دولة قطر، وهي زيارة لم يُعلِن عنها أيًّا من الجانبين غير أنّ وزارة الخارجية الأمريكية هي من أعلنت عن هذه الزيارة وفضحت أمرها، فماذا يجري خلف الكواليس، ولماذا اللقاء مع قطر، ولماذا اللقاء في واشنطن، وهل سيعود الوئام بين الإخوان ونظام آل سعود؟
تحالفات جديدة-قديمة
بدايةً لا بُدّ من العودة إلى الوراء قليلًا، فمنذ أكثر من شهر بدأنا نشهد علامات تقارب بين حركة الإخوان كحركة، بالإضافة لقطر وتركيا كحاضنتين لهذه الحركة وبين نظام آل سعود، كانت بداية هذا التقارب مع إعلان نظام آل سعود وعلى لسان أمن الدولة توجيهه التحيّة لقطر لما تبدله في مواجهة الإرهاب!، وهو الذي قاطعها سابقًا وألقى عليها آلاف التهم المتعلقة بتمويل الإرهاب، ناهيك عن الغزل القطري المستمر لنظام آل سعود، وكأنها تعلم أنّ هذا التوتر ليس أكثر من سحابة صيف.
أكثر من ذلك فقد طار عادل الجبير وخالد العطيّة إلى واشنطن لإجراء محادثات بوساطة أمريكية يقوم بها وزير الخارجية بومبيو، ويقول مراقبون للتغير إنّ الهدف من هذا اللقاء وضع حد للمناوشات بين النظامين، خصوصًا وأنّ علاقة النظامين وعلى الرغم ما تشهده من توتر حاليًا؛ إلّا أنّها كانت وعلى مدار التاريخ علاقات أكثر من جيدة، بل وممتازة، ولنا في سحب السفير القطري من إيران الدليل الأكبر بعد توتر العلاقات بين الرياض وطهران.
أما على الجانب التركي، فقد وصل لزعيم التنظيم في تركيا رجب طيب أردوغان تهاني كثيرة بمناسبة اليوم الوطني، غير أنّ اللافت هو البرقيات التي تلقّاها من زعيم عصابة آل سعود سلمان بن عبد العزيز وولي عهده، إذ أبرقا للرجل يُخبرانه بدعائهم له بأطيب التمنيّات وأصدق التهاني بمناسبة اليوم الوطني، وأحدًا لا ينسى تصريحات ابن سلمان السابقة إذ قال إن التعاون بين نظام آل سعود وتركيا مميز، مُضيفًا: "لن يحدث هذا الشرخ بين تركيا والسعودية طالما هناك الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان".
وعلى الجانب التركي، وعلى الرغم مما شهدته الأوضاع من توتر بين الجانبين بعد أن اغتال ابن سلمان الصحفي جمال الخاشقجي في سفارته بإستنبول، غير أنّ كافة التصريحات التركيّة حرصت كثيرًا على عدم التعرض لملك آل سعود، بل اقتصرت التصريحات على سعود القحطاني وبشكلٍ أقل على ابن سلمان، ومن هنا نستشف أنّ نظام أردوغان حافظ على شعرة معاوية مع نظام آل سعود، وكلّه ثقة أنّ العلاقات ستعود إلى سابق عهدها مع هذا النظام، بل إنّه استخدم قضية مقتل الخاشقجي لتكون ورقة ضغط ضدّ آل سعود.
وعلى سياقٍ آخر لعبت حركة الإصلاح اليمنيّة وهي الفرع اليمني لحركة الإخوان المسلمين كوسيط بين التنظيم العالمي للإخوان وبين نظام آل سعود، ويمكننا رؤية العلاقات "الحميميّة" بين آل سعود وأعضاء الحركة، الأمر الذي يشي بدفء العلاقات بين آل سعود والتنظيم.
لماذا واشنطن؟
على الرغم مما قيل سابقًا فلا يمكن بحال من الأحوال إغفال الدور الأمريكي الذي يُعدّ المستفيد الأول من التقارب بين التنظيم وبين آل سعود، خصوصًا وأنّ القيادة المركزية للقوات الأمريكية موجودة في قاعدة العديد القطريّة، بالإضافة لوجود آلاف الجنود الأمريكان على أراضي الجزيرة العربية والتي قدمت جميعها لحماية عرش آل سعود بعد دفعه المليارات مقابل هذا الأمر، ولا بدّ من وجود تنسيق بين هذه القوّات، ناهيك عن "الناتو الإسلامي" الذي تقوده أمريكا!.
ولا يمكن أيضًا إغفال وصول أحد أبرز صقور وزارة الخارجية في نظام آل سعود فيصل بن فرحان إلى قمة الهرم في الوزارة، وهو المعروف بمواقفه المُتطرفة باتجاه إيران، حيث يحاول الفرحان وكما يقول مُتابعون إنهاء كافة المشاكل بين نظام آل سعود وحركة الإخوان ولا سيما قطر للوقوف بوجه إيران، وبالطبع هذا كلّه بتوجيه من أمريكا التي تقول إنها ستُمارس أقسى درجات الضغط على طهران، وهذا الأمر لن يكون إلّا من خلال إنهاء كافة الخلافات بين حلفائها.
أخيرًا فإنّ أقل وصف يمكن أن نُطلقه على الأحداث التي تدور اليوم في منطقة الشرق الأوسط هو أنّها دراماتيكية، فبعد التهديد والوعيد الذي أطلقه نظام آل سعود ضد تركيا وقطر والإخوان مع بداية حصار قطر، غير أنّ الغباء السياسي الذي يتمتع به آل سعود يجبرهم اليوم كما أجبرهم سابقًا على تبديل قواعد اللعبة السياسية والارتداد إلى الخلف بحثًا عن الحلفاء القدامى علّهم يستطيعون النجاة من المؤامرات التي نسجوها هم بأنفسهم.
ارسال التعليق