
"الغسيل الرياضي" سلاح الجزارين لتبييض صورهم.. أليس الصبح بقريب!?
[جمال حسن]
* جمال حسن
ليس وحده محمد بن سلمان يسيء استغلال الحدث الرياضي محط اهتمام قسم كبير من المجتمع خاصة الشباب، بل سبقه في ذلك الكثير من حكام الإجرام والقمع والظلم والطغيان والزور لتبييض صورتهم الدموية البشعة منذ عهد الرومان القديم وحتى تاريخنا الحاضر، لكنهم لن ولم ينالوا مبتغاهم وكانت عاقبته أبشع ما يتصورون.
لكن الملفت للنظر أن من يستثيرهم أرعن آل سعود بهذا الأمر ويقدمون له النصائح هم أكثر غباءاً منه ولم يقرأوا التاريخ ليرشدوه الى أن هذه الفكرة غير مجدية مع الشعوب الواعية ولا أحد يصدق إنفتاحك هذا وصدق عملك سوى السذج من الذين لا وزن لهم في القاعدة الشعبية، بل إجراؤك هذا يزيد الطين بلة ويفتح أبواب الوعي أكثر.
وقد ربط تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية مؤخراً بين عمليات الإعدام في المملكة وانضمام رونالدو الى نادي النصر، وقالت: "السعودية كشفت عن نقل رونالدو إلى صفوف نادي "النصر" في نهاية عام أُعدم خلاله ما لا يقل عن 147 شخصا فيها، حسب أرقام المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان؛ أنه الغسيل الرياضي الذي تقوم به السعودية".
فيما كشفت وكالة "بلومبرغ" عن مساعي "أبو منشار" المضي قدماً في هذا المجال لتبييض سجله الدامي والأسود، كاشفة "أن صندوق الثروة السيادي السعودي برئاسة محمد بن سلمان أضاف سباقات الفورمولا 1 للسيارات الى محفظته، تلك التي كلفته مليارات الدولارات والفقر يجتاح قسم كبير من شعب السعودية"؛ أنه "غسيل مال رياضي" ومحاولة لصرف الانتباه عن سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان.
فيما انتقدت منظمة العفو الدولية مساعِ "بن سلمان" للاستحواذ على فريق "مانشستر يونايتد" بتقديم عرضا تجاوز 4 مليارات يورو، واصفة سعي السعودية لشراء الأندية الرياضة بأنه “محاولة لغسل العار عبر المجال الرياضي”؛ وأكدت أن هناك تبييض صارخ لجرائم الإعدام المروعة والسجل الحقوقي الأسود في السعودية والآخر الدموي في اليمن.
واعتبر مراقبون أن السعودية أحدث بلد يتهم بـ "التبييض الرياضي"، وهو استخدام الأحداث الرياضية لتغيير وتحسين النظرة العامة لسلطة قمعية ديكتاتورية، استخدم المصطلح في الآونة الأخيرة عام 2015 ضد حكومة آذربيجان القمعية ذات تاريخ من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب، الذي وثقته منظمات دولية مثل منظمة العفو الدولية.
ثم لا ننس كيف أستخدمت الأجهزة الأمنية الصينية وخلال أولمبياد بكين وفي مرحلتين 2008 و2022 انتهاكاتها لحقوق الإنسان المسلم وإخفائها أي مظهر من مظاهر الاحتجاج بخصوص التبت وحقوق الانسان؛ أو كيف استغلت البرازيل "الغسيل الرياضي" ضد الاحتجاجات الشعبية عام 2016.
قبل ذلك لا ننسى كيف استغل هتلر "الغسيل الرياضي" بإقامته بطولة العالم في الوقت الذي شن العدوان على دول الجوار وقتل الملايين من الأبرياء؛ ثم عهد الديكتاتور الدموي السفاح الوجه الآخر لمحمد بن سلمان في الإجرام، كيف أشغل الشارع العراقي والمجتمع الدولي بمسابقات مصارعة عدنان القيسي الهزيلة في سبعينيات القرن الماضي.
قصة إستغلال الأنظمة القمعية الوحشية الدموي للحدث الرياضي تعود لقرون طويلة لكن ما لم يستلهم الطغاة من ذلك هو النهاية المأساوية لكل من استغل "التبييض الرياضي" للاستمرار في قتل وقمع الأبرياء، وصدام ومبارك والقذافي وهتلر وغيرهم ليسوا ببعيدين عنا.
وقد بات هذا الأمر مكشوف للجميع حيث كتبت وكالة فرانس برس الإخبارية "إن ولي عهد السعودية محمد بن سلمان يستخدم الرياضة كوسيلة لإعادة تأهيل صورته في الغرب خاصة عقب سجله الحقوقي السيء، ووصفت صفقة رونالدو بأنها إحدى استراتيجيات التي تطمح إلى تلميع صورة ابن سلمان.
مائتي مليون دولار لكهل كرة القدم كانت النتيجة في بداية الغيث صخام الوجه لمن أتى به واشتراه ومهد له ساعيا لتبييض صورته الدموية الإجرامية البشعة نستثني منها المباراة الأولى فيما الثانية أمام الاتحاد كانت غربلة مخجلة يخرج النصر منها بنتيجة لم تشهدها مباراة الفريقين من قبل.
فيما قالت صحيفة “أوبزيرفر” الأمريكية إن "التبييض الرياضي بإمكانه رفع البطاقة الحمراء لطغاة وجلادي السعودية وعلى رأسهم ولي عهدها محمد بن سلمان.. أن هذه النشاطات تحرف نظر الرأي العام عن سجل السعودية الحقوقي الأسود، لكن ستنتقد دولية مع رفع وتيرة جورها على المعارضة داخل المملكة وخارجها"
ويقول مراقبون أنه ليس هناك عاقل واحد ممن يثق بهم أرعن آل سعود ليهدوه صوب التوجه بهذا الكم الهائل من المال الموهوب المسروق من لقمة عيش المواطن نحو تحقيق أبسط مطالب ابناء جلدته ما يؤدي الى توسيع قاعدته الشعبية وصوته من كل انقلاب او تهديد عائلي او أجنبي معتبرا العرش بكل راح بال وخيال.
على الصعيد ذاته تشهد شبكات التواصل الاجتماعي في السعودية غضبا شديدا بسبب صرف أموال الشعب للتعاقد مع لاعبين منهكين عجائز للترويج لسياسة ولي العهد محمد بن سلمان وكريستيانو رونالدو ليس بآخرهم؛ فيما حذر خبراء لشبكة CNBC الأمريكية؛ إن قيام الحكومة السعودية بضخ نقدي هائل على كرة القدم؛ قد يكون له آثار سلبية في جميع أنحاء عالم الرياضة.
فيما اعتبرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن الغسيل الرياضي عبر التعاقد مع رونالدو، وما سبقه من خطوات مثل شراء نادي نيوكاسل، وإقامة الفعاليات الرياضية الكبرى، وبعض مظاهر الغسيل الترفيهي، بات يمثل توجها رسميا يستخدم للتغطية على فظائع الانتهاكات والجرائم التي يقودها رسميا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
كما عبر ناشطون غربون وعرب على مواقع التواصل الاجتماعي عن استيائهم تجاه سياسة نظام "بن سلمان" في هدر المال العام على الترفيه المزعوم والانفتاح الشكلي، مشيرين الى ان نظام "بن سلمان" يسعى الى” لفت أنظار العالم عن الانتهاكات الجسيمة التي تورط بها ضد ابناء البلاد وحقوقهم وحرياتهم، من خلال اشغالهم بالترفيه والنشاطات الرياضية رغم التكلفة المالية الباهظة”.
من جانبها أشارت صحيفة "ديلي ستار" البريطانية الى ان الحكومة السعودية مضطرة إلى ملء جيوب كريستيانو رونالدو بأكثر من 200 مليون دولار سنوياً؛ لتحويل انتباه العالم عن انتهاكات حقوق الإنسان الفظيعة التي ترتكبها ضد أبناء شعبها وفي الحرب على اليمن، في واحدة من أكبر عمليات الغسيل الرياضي في العصر الحديث.
أما صحيفة "ديلي ميل" البريطانية فقد شددت إن "صندوق الاستثمارات في السعودية الذي يواصل إبرام تعاقدات رياضية هي مجرد غسيل رياضي لتلميع صورتها البشعة بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان" مشيرة الى استحواذ الصندوق على نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم الإنجليزي في 2021، ودعم دوري LIVE Golf للجولف في 2022، كذا شركة WWE للمصارعة لذا الغرض.
فيما قال موقع El Orden Mundial الإسباني إن "انتقال النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى نادي النصر السعودي ليس سوى جزء من استراتيجية الغسيل الرياضي الذي يقوم به محمد بن سلمان شخصيا والذي نشط في ذلك خلال السنوات الأخيرة لتبييض صورته الدموية في السعودية ومن حولها".
نشطاء حقوق الإنسان وغيرهم يقولون إن هناك هدفا آخر غير معلن، وهو "إبقاء ذلك الجيل مطيعا، وحتى مضمونا، في ظل نظام ملكي استبدادي، على الرغم من الاحتمال الضئيل للديمقراطية على النمط الغربي"؛ فيما اشارت منظمة العفو الدولية الى أن "السعودية تواصل حملتها القمعية على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، مع إصدار أحكام قاسية بالسجن بحق الحقوقيين والمعارضين السياسيين".
كما وثق مجمع التمويل الرياضي “سبورتيكو” إنفاق السعودية أكثر من 2.2 مليار دولار منذ عام 2017، بهدف إعادة تسمية نفسها كمركز للرياضة والسياحة في الشرق الأوسط. مضيفاً "السياحة والتعذيب وانتهاك حقوق الإنسان لا يلتقيان في خط واحد. وأكد أن هذه المبالغ لن تُغطي جرائم النظام في السعودية بالغسيل الرياضي".
كما قال موقع Open Democracy العالمي "نحن نغسل سمعة البلطجية والطغاة من أمثال محمد بن سلمان ونقوض مؤسساتنا الديمقراطية”، في إشارة إلى ابن سلمان. فيما كتبت مجلة "نيوزويك" الأميركية إن معادلة ولي عهد السعودية هي “المال مقابل الشرعية” وهو ما يعرف بـ "الغسيل الرياضي " لتجميل صورته دولياً., ولكن أليس الصبح بقريب.
ارسال التعليق