
القيصر يصفع الدب الداشر والتنين يذله والبوفالو يخذله
[جمال حسن]
فشل الدب الداشر أرعن آل سعود في حربه النفطية مع الدب الروسي على شاكلة فشله في حرب اليمن وسياساته الداخلية والإقليمية والدولية، متلقياً صفعات روسية وصينية وتخلي أمريكي عنه في هذه الحرب الطائشة المجنونة التي أدت الى خسائر كبير في الاقتصاد السعودي لا تحمد عقابها.
حتى إن السعودية فشلت ايضاً في تحفيز دول "أوبك" الى إجتماع طارئ يوم غد الأثنين وفق مصادر رسمية للمنظمة، قالت: أن الاجتماع الافتراضي الطارئ للمنظمة وحلفائها (أوبك+) لن ينعقد يوم غد الاثنين وسيؤجل الى 8 أو 9 أبريل الجاري على الأرجح أو تاريخ آخر، للسماح بمزيد من الوقت للتفاوض بين منتجي النفط حول الحد من إمدادات الخام.
وبحسب وكالة الأنباء السعودية (واس)، فقد كانت الرياض قد وجهة الدعوة الى هذا الاجتماع العاجل لبلدان أوبك "تقديرًا" لطلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وطلب أصدقاء آخرين في الولايات المتحدة. ما يعني أنه ليس من أجل المصلحة الوطنية بل إستجابة لرغبة راعي البقر.
وفي هذا الاطار كتب الرئيس الأمريكي ترامب في تغريدة له على تويتر "تحدثت للتو الى صديقي MBS (ولي العهد السعودي).. وأتوقع وآمل أن يخفضوا إنتاج ما يقرب من 10 ملايين برميل، وربما أكثر من ذلك بكثير.. ربما قد يصل الى 15 مليون برميل. أخبار سارة (عظيمة) للجميع!".
لا زال الجميع يتذكر حادثة القمة العشرين حين وقف محمد بن سلمان وحيداً مهمشاً تغافل عن حضوره جميع القادة عدا بوتين الذي صافحه بقوة لافتة ومازحه أمام الجميع بإبتسامة عريضة وبصورة أثارت إستغراب العالم وإستهجانه, وطرحت التساؤلات, كانت ربما بداية لما يحصل اليوم بينهما في حرب أثارت المخاوف من وصول سعر برميل النفط الى 10 دولارات كما كان عام 1974, والسؤال لماذا والى أين والى متى؟ وما النتيجة ؟
لقد سمعنا الكثير وقيل الأكثر، وسال الحبر على الورق حول النفط والإقتصاد الخليجي “النفطي” اليتيم، وعن نفطنا الحالك السواد الرخيص الثمن، الذي “سود” وجوه شعوبنا. كل ذلك بفضل غباء وطيش وعمالة آل سعود لأمريكا والغرب، ما قاله "صموئيل راماني" الباحث في جامعة أكسفورد "أن حرب النفط بين السعودية وروسيا أثرت على تصنيف وكالة ستاندرد آند بورز الدولية لدول مجلس التعاون منها عمان والكويت ما دفع للمزيد من الخلافات الداخلية للمجلس وإنحراف الكويت وعمان عن أهداف السياسة الخارجية للرياض وربما سيدفعهما نحو الإنتفاض ضدها".
فصفعة القيصر الروسي جاءت بإعلان فلاديمير بوتين خلال اجتماعه يوم الجمعة مع بعض أعضاء الحكومة ورؤساء الشركات الكبرى، عن إستعداد موسكو للتوافق مع سائر دول أوبك وغيرها لخفض إنتاج النفط في الظروف الحالية الى نحو 10 ملايين برميل يوميا أو أكثر؛ مشدداً أن أهم سبب لإنهيار الأسعار هو خروج السعودية من صفقة "أوبك+"، ورفعها مستوى الإنتاج مع تقديمها تنزيلات في أسعار بيع النفط .
هذا وجاء في تقرير للكاتب سايمون واتكينز نشره موقع "أويل برايس" الأمريكي "إن السعوديين نسوا على ما يبدو كيف أن محاولتهم لتدمير صناعة النفط الصخري الأمريكي من 2014 إلى 2016 كانت كارثية، ليعيدوا الكرّة ثانية" بكل غباء حيث ستكون العواقب هذه المرة أسوأ بكثير على الرياض وأخواتها مما كانت عليه آنذاك.
وأوضح بالقول "في غضون بضعة أشهر فقط من سعي الرياض في ستراتيجية تدمير الصخر الزيتي، وعندما كانت تملك احتياطات قياسية من الأصول الأجنبية بلغت 737 مليار دولار أمريكي في أغسطس/آب 2014، أصبح من الواضح للغاية لآل سعود أنهم أرتكبوا خطأ فادحاً في التقليل من قدرة هذا القطاع على إعادة تنظيم نفسه أكثر صرامة مما كانوا يعتقدون. فقد تمكن منتجو النفط الصخري وعبر توظيف التقدم التكنولوجي من حفر مساحات أطول وإدارة مراحل التصديع المائي عن قرب، فكيف بها اليوم في ظل وضع إقتصادي متدهور".
وأكد مراقبون لشؤون الطاقة والاقتصاد أن تلك الخطوة الغبية دفعت بالمملكة الى الإنتقال من فائض في الميزانية الى عجز قياسي مرتفع في عام 2015 بلغ 98 مليار دولار، وأنفقت الرياض ما لا يقل عن 250 مليار دولار أمريكي من إحتياطاتها من العملات الأجنبية خلال تلك الفترة، فيما تعيش اليوم عجزاً كبيراً في الموازنة العامة للعام الخامس على التوالي الى جانب تراكم كبير في الديون الخارجية والقروض الداخلية.
فالخسائر جمة والمقامرة عالية على السعودية، وشركة أرامكو خسرت حتى الآن 248 مليار دولار من قيمتها وخسارة بـ 400 مليون دولار يوميا أي 150 مليار في السنة. مما سيدفعها نحو استنزاف احتياطياتها الى أقل من 300 مليار دولار؛ كما سيكلف قرار الدب الداشر هذا أكثر من 300 مليار دولار خسائر لسائر دول مجلس التعاون وتنبؤات بإفلاس دوله واللُّجوء الى الديون وفرض الضرائب، والإقتراض من صندوق النقد الدولي، الى جانب خسارة دول العالم الثالث التي تعتمد على صادرات النفط ولها إقتصاد هش وكثافة سكانية كنيجيريا وفنزويلا والجزائر والعراق وغيرها.
ليست أمريكا وحدها بل الصين أيضاً من مصلحتها أن ينخفض سعرالنفط أكثر، لكن خصمها ترامب لن يسمح لها بإستغلال الفرصة، ويعمل جاهداً للتوصل الى تحديد أسعارِ نفط لا تضر بالمصالح الأمريكية، فما كان من التنين إلا المسارعة بتوجيه صفعة الى "بن سلمان" برفضه شراء المزيد من النفط السعودي. فقد أعلنت شركة "يونيبك" الصينية، الذراع التجاري لأكبر شركة تكرير "سينوبك" الآسيوية، قرارها بعدم إبتياع المزيد من الخام السعودي في المنخفض القيمة لسبب إرتفاع أسعار الشحن.
وجاء قرار محمد بن سلمان بزيادة إنتاج النفط وخفض أسعاره وإغراق سوق الطاقة العالمية متحدياً الدب الروسي، لصالح صناعة البترول الأمريكية ودفعها نحو إصلاح الآبار المحفورة، والحفر بطريقة أسرع، كما سمح بإزدهار القطاع الصخر الزيتي الذي سرعان ما أعلن الكابوي ترامب دعمه بغية تقليص إعتماد واشنطن على مصادر الطاقة السعودية؛ وتوسيع نطاق نفوذ الولايات المتحدة الجيوسياسي أكثر وتحولها للمنتج الأول للنفط في العالم.
ويقول مراقبون أن التبعية العمياء لولي العهد السعودي لسيده البوفالو بغية دعمه في إعتلاء العرش، تسبب وخلال العامين الأخيرين فقط بخسارة كبيرة للدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط 450 مليار دولار أمريكي من عائدات النفط؛ جراء إصراره على الأسعار المنخفضة وزيادة إنتاج البترول، فيما المملكة تواجه عجزاً كبيراً في الميزانية العامة التي ستستمر حتى عام 2028- حسب معظم التوقعات.
هذا وحصلت أمريكا على فوائد اقتصادية تدفع نحو فوائد سياسية كبيرة، في وقت سيتسبب فيروس كورونا بآثار اقتصادية سلبية على الاقتصاد العالمي.. وستبقى دول شبه الجزيرة العربية التي تعتمد اقتصادياتها على النفط، وحيدة في نهاية المطاف بلا ناقة ولا جمل، حيث أن براميلهم ودولارتهم وبلادهم وإحتياطاتهم من العملات الأجنبية كلها، سارحة مارحة في بورصات أسواق الطاقة العالمية، وستجبر للاعلان عن إفلاسها قريباً بسبب شعلة حرب النفط التي أوقدها نجل سلمان الأرعن؛ مالم يتم تدارك الأمر من قبل سائر بلدان أوبك بمساعدة القيصر الروسي وباقي البلدان المنتجة.
ارسال التعليق