
الى أين ذاهب ببلد الذهب الأسود يا "أبن البدوية"، كفاك نهباً
[جمال حسن]
* جمال حسن
لفت انتباهي خبر نشر على وسائل اعلامية مفاده أن " التخفيضات والعروضات يكشفان حالة تفشي الفقر في السعودية"، ما دفعني بالعودة للكتابة بخصوص ظاهرة الفقر المتفشي في أغنى بلد عالمي وأكبر مصدر للبترول؛ ظاهرة لا تفارق شوارع المملكة ولا أماكن المزابل حيث الكثيرين يبحثون فيها عن قوت يومهم وسد جوعهم!!.
وكشفت الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي حقيقة الفقر المدقع الذي يعاني أبناء الجزيرة العربية في ظل قيادة "أبن البدوية"، حيث طوابير بشرية تتدافع وتتزاحم بشكل كبير أمام الأسواق الكبيرة والمولات من أجل الحصول على قسم يشبع جوعهم من المواد الغذائية بأسعار مخفضة.
الظاهرة لم تقتصر على المناطق النائية في بلد المصدر الأول للبترول عالمياً بل، تبداً المسيرة من العاصمة من الرياض نحو جدة والمدينة المنورة ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية حتى مناطق عديدة اخرى لا يتسع المقال لذكرها، حيث المواطنون يتدافعون ويتزاحمون أمام المحال التجارية طمعاً في شراء السلع بأسعار منخفضة.
من جانبها اعلنت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "إسكوا" إن نسبة الفقر في السعودية بلغت 13.6 % وفق إحصائيات حكومية، أي أن أكثر من 4 مليون سعودي يعيشون الفقر الكبير، فيما الحقيقة تجافي ذلك وتشير الى أن النسبة أكثر من ذلك .
كان لدى العرب تراث ثري في ذم الفقر، والثورة عليه، والعمل على توفير حياة كريمة تليق بالإنسان، وعلى رأسها استعاذة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الفقر، ومقولة الصحابي أبي ذر الغفاري "عجبت لمن لم يجد قوت يومه، ألّا يخرج على الناس شاهرًا سيفه"؛ حيث “الفقر هو أسوأ أشكال العنف!" كونه وليد سياسة الحاكم المتبر الظالم، وكذلك الحروب والنزاعات السياسية.
ويقول الخبراء الاقتصاديون أنّ من أسباب الفقر في بلاد الذهب الأسود هو عدم اهتمام السلطات الحاكمة بشؤون الشباب وخلق فرص العمل لهم بل هناك إهتمام زائد بأمور شكلية وللتغطية على الفشل الاقتصادي نحو إقامة مهرجانات هيئة الترفيه، الى جانب المشاريع التي يخطط لها محمد بن سلمان في هذه السنوات الأخيرة الماضية والتي أخذت حيزاً كبيراً من الميزانية العامة دون جدوى.
ففي ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطنون خاصة في مجالي البطالة والسكن والتي لم يهتمّ بها محمد بن سلمان، خصّص مبالغ باهظة جداً بالمشاريع الترفيهية التي لاتُعدّ من أولويات الشعب في بلاد الحرمين الشريفين لاسيما ما قامت به هيئة الترفيه من إقامة حفلات الرقص والموسيقى ونشر الإباحيات والعهر والدعارة والكحول والمخدرات.
كما تتعدد أسباب الفقر وتتزايد بالجزيرة العربية، بسبب افتقاد حكامها لمشروعات تنموية على مدار العقود الماضية والحالية، فضلا عن غياب الديمقراطية كنظام يتسم بالمحاسبة والمراقبة من قبل الشعب والمؤسسات الرقابية؛ وهو ما يعانيه أبناء الجزيرة طيلة أكثر من قرن وحتى يومنا هذا حيث سطوة نظام آل سعود الديكتاتوري القبلي الاجرامي الدموي اللصوصي.
وفي هذا الاطار يشدد المراقبون أن من أكبر أسباب شيوع الفقر في الجزيرة العربية غياب عدالة توزيع الثروة، سواء في الدول النفطية أو غير النفطية، فلا تعمل السلطات السعودية بسياسة التقارب بين الطبقات في الدخل، أو العمل على اتساع شريحة الطبقة المتوسطة، باعتبارها صلب النسيج الاجتماعي في المجتمع؛ بل تعمد على توسيع رقعة التضييق على المواطن في لقمة عيشه لإبعاده عن المطالبة بحقوقه المشروعة في الشراكة السياسية أو حرية الرأي والتعبير.
"تشهد السعودية معدل فقر كبير يتراوح ما بين ١٢٫٥ الى ٢٥٪ حالة الفقر الشديد حيث إحتلّت المركز العاشر عالمياً في معدل الفقر كما قرّرت الإحصائيات الرسمية عام ٢٠١٧، ما دعا السلطات عدم إصدار إحصائيات رسمية عن معدل الفقر في المملكة بعد ذلك العام، ولكن هناك توقّعات في وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الإجتماعية تؤكد أن أكثر من ٤ ملايين فقيراً يعيشون في المملكة حالياً" - البروفيسور أوليفييه دي شاتر، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان.
وتؤكد مراكز أبحاث غربية وعربية أن معدل الفقر في السعودية آخذ نحو الارتفاع تزامنًا مع ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب، فنجد هناك الكثير من الشباب السعودي والذي يقل عمره عن 30 عامًا عاطل عن العمل، حيث ترتفع هذه النسبة الى نحو 47% في الوسط الأنثوي؛ فيما يتوقع البنك الدولي أن الفقر في المملكة لا يزال في الظهور المتزايد، حيث وصول غير كافي للفرص الاقتصادية، ولم يعد هناك إعانات حكومية وخدمات عامة مجانية كما كان في السابق.
كما أن التقارير الميدانية تشير الى أن إنعدام الدعوم الحكومية للمنتجات الاستهلاكية الأساسية للحياة الفردية الى جانب فرض الضريبة المضافة وارتفاع نسبتها على كل السلع التي يستخدمها الشعب في حياته اليومية سيما المأكولات والحليب والفواكه والأدوية والطاقة، أدّى الى وضع اقتصادي كارثي في أكبر بلد مصدر للبترول في العالم، ما أثار سخط الناس تجاه مشاريع "أبن البدوية" والتي يدفع ثمنها المواطن المغلوب على أمره من لقمة عيشه.
في الاطار نفسه يشدد مراقبون محليون واجانب، على أنّ المشاريع الترفيهية التي يقيمها "بن سلمان" دفعته نحو فرض ضرائب قوية على كل اساسيات الشعب من الأطعمة والأشربة وغيرهما، ما يعني ان ولي العهد يخطّط لمشاريعه التي لا تساهم ولا ذرة في تحسين الوضع المعيشي للفقراء ولا تخلق فرصا للعمل بل تساهم في إفقار الشعب حيث تُصرف أموال باهظة لايُقدّر حجمها من جيوب الفقراء والتي تجبيها السلطة بفرض الضرائب القاسية وارتفاع أسعار السوق، بدلً من تُخصيصها لتحسين الوضع الاقتصادي للمواطن خاصة الطبقة الفقيرة التي تزيد عن 4 مليون مواطن.
استمرار جبروت وطيش وسياسة أبن البدوية الفاشلة، شجع الغرب التعلم من "ترامب" طريقة ابتزازه للتضليل على إجرامه وديكتاتوريته بعرضهم مشاريع خيالّية لايُصدّق أحد أن يتمكن من تحقيقها في الكرة الأرضية حيث تحتاج الى مبالغ باهظة ليست السعودية قادرة على دفعها بل إنّ هذه المشاريع تجعل المملكة تأكل لحم ثروات المواطنين وفرض الضغوط الإقتصادية الأكثر عليهم؛ منها مدينة "نيوم".
في هذا الإطار يقول علماء النفس، إنّه يحبّ الشهرة وأن يعرض نفسه كأقوى رجل على المستوى العربي في العالم. لا تخلو هذه الفرضية من الصحة حيث رأينا أنّ الإبتزاز من محمد بن سلمان قد أدّى سابقاً الى نتائج إيجابية للغرب وخاصّة هذا الأمر شهده العالم في عهد دونالد ترامب (تريليوني دولار)، كل ذلك على حساب كاهل المواطن ولقمة عيشه وكرامته.
مراقبون للشأن السعودي يؤكدون أنه بات الفقر المدقع جلياً للعيان في اثرى مملكة على المستوى العالمي. ولم تعد تجدي مبادرات السلطة «الاستراتيجيّة الوطنية لمكافحة الفقر» التي أسسها عبدالله بن عبدالعزيز قبل عقدين من الزمن، للحد منه ثماراً تذكر. الحلول ممكنة، لكنها من غير الممكن مكافحة البؤس وزيادة ميزانية شراء العتاد العسكري في آن معاً؛ أنه واقع صعب وحياة قاسية يعاني منها قسم لا يستهان به من أبناء الجزيرة العربية جراء سياسات محمد بن سلمان الفاشلة والظالمة.
ويشير الباحث السعودي الجاد سامي الدامغ في دراستِه عن «مؤسسة الملك خالد الخيرية» الى تقديرات غير رسمية بأن «20 % من السعوديين على أقل تقدير يعيشون تحت خط الفقر. وهناك أكثر من 75 % من مواطني المملكة مدينين في قروض استهلاكية طويلة الأجل»؛ فيما نشر الكاتب السعودي محمد آل الشيخ تغريدة على موقع X طالب فيها بمواجهة بطالة السعوديات لكونها "سبباً في امتهان بعضهن الدعارة بدبي".
ارسال التعليق