
بايدن يشترط: لا محل لأحلام "بن سلمان" في قمة جدة
[جمال حسن]
* جمال حسن
كشف موقع "بوليتيكو" الإخباري عن مسؤول بالخارجية الأمريكية قوله إن الاندماج داخل منطقة الشرق الأوسط هو أحد الموضوعات الرئيسية الحقيقية لزيارة الرئيس جو بايدن المرتقبة للمنطقة، فيما نقلت رويترز عن البيت الأبيض: أن الرئيس بايدن يعتزم مناقشة أمن الطاقة في اجتماع مع مجلس التعاون الخليجي.
من جانبها اعتبرت صحيفة هاآرتس الاسرائيلية ان "زيارة بايدن للسعودية عديمة الأهمية بحد ذاتها، ويعد هذا إضاعة لوقت الرئيس الأمريكي". مشيرة الى أن "سياسة الواقع تملي قرارات بايدن، فعليه التأكد من أن السعودية ستدفع ثمن هذه الزيارة مسبقا، خاصة وأنه أمامنا رئيس أقسم،- وحتى الآن أوفى بقسمه-، بأن يحول محمد بن سلمان الى شخص مجذوم".
ثم إنه لم تعد أهمية السعودية في سلم أولويات ومصالح الولايات المتحدة قائمة كما في السابق بل باتت في حالة تراجع مستمر؛ باعتبارها حليفة لأمريكا في إعادة تقييم الادارة الأمريكية منذ سنوات، وعليه سيطلب منها إظهار إشارات حقيقية على استعدادها للتطبيع مع إسرائيل
فيما مراقبون أكدوا أن الهدف الأساس لهذه الزيارة قائم على ركيزتين هما:- أمن الكيان الاسرائيلي، والتي تسعى واشنطن جاهدة بين الحين والآخر على ضمانه بمخططات تلد ميتة مثل مشروع الشرق الأوسط الكبير ومن بعده الديانة الابراهيمية، ليلتحق بها التطبيع النكرة.
أما المهم الثاني في هذه الزيارة فهو ضمان أمن الطاقة للولايات المتحدة بما يضمن مصالحها القومية بعيدا عما يدور في دول المنطقة وكيفية الحكومة فيها، حيث الديكتاتورية قائمة على أرض الواقع في جميعها، والمعتقلات مليئة بالمعارضين والمقابر تحتضن خيرة شباب شعوب المنطقة ومفكريها وعلمائها ونشطائها.
فقد أوضح الرئيس الأمريكي جو بايدن وعبر مقال له نشرته صحيفة واشنطن بوست قبل أيام أن "وظيفته هي الحفاظ على قوة وأمن الولايات المتحدة..وأن مواجهة العدوان الروسي والتمدد الصيني يحتاج للعمل المشترك والمباشر مع حلفائنا في المنطقة بما يضمن مصالحنا قبل كل شيء".
وكشف بايدن أنه سيكون أول رئيس يطير من "إسرائيل الى جدة في السعودية، وقد يكون لهذه الخطوة مساهمة رمزية في تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية؛ مشيراً الى أن الولايات المتحدة وجدت نفسها "معزولة وحيدة" بعد تعامل ترامب مع الملف النووي الإيراني.
لكن سؤال يطرح نفسه، هل أن تأسيس تحالف إقليمي عسكري يعرف باسم “تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي” أو اختصارا بكلمة “ميسا” (MESA)، وعُرف إعلاميا باسم “الناتو العربي”، وهو الهدف السري لهذه لزيارة؛ ينفع بقرات البوفالو الاقليمية وأمن الكيان الاسرائيلي فعلاً فيما الواقع يؤكد خلاف ئلك؟!.
تجاهل بايدن للوعود التي أطلقها والشعارات التي رفعها ضد محمد بن سلمان في حملته الانتخابية، وإدانته لسجل حقوق الإنسان في المملكة، وأنه مصمم على معاقبة قتلة الخاشقجي بأي ثمن؛ ثم وبعد مرور ثمانية عشر شهراً من توليه القيادة يقوم بزيارة للرياض ولقائه أبو منشار، يشدد الى أن مبادئ حقوق الإنسان لدى الأمريكان هي مجرد شعارات لخدمة أجندتهم السياسية ولا تملك أدنى مصداقيّة في ذلك.
لقد اعتادت شعوبنا على أبواق سياسية وإعلامية للراعي الأمريكي والداعم الغربي للعرش السعودي، لا يملّون من تكرار معزوفاتهم المموجة عن الخيارات والقرارات، لكن أن ينتقل هؤلاء الى التصويب وتنفيذ حتى اليسير مما رفعوه من شعارات ملونة بهذا الخصوص، ففي ذلك مستجد خطير بدأته جوقة السفارات.
في هذا الإطار كشف رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي المستقيلة“يائير لابيد”، إنّ الرئيس الاميركي جو بايدن سيحمل "رسالة سلام" من تل أبيب الى الرياض تساعد على تسريع عملية التطبيع بين البلدين؛ خاصة وأن بايدن أحد أقرب الأصدقاء الذين عرفتهم تل ابيب على الإطلاق في السياسة الأميركية، والذي قال ذات مرة: ليس عليك أن تكون يهودياً كي تكون صهيونياً.. أنا صهيوني".
كما وإن موقع "واينت" الصهيوني، نقل عن أحد كبار مستشاري محمد بن سلمان، أن "الرياض وبغية إنجاح زيارة الرئيس الأمريكي لها تعمل جادة على عقد لقاء ثلاثي أمريكي سعودي اسرائيلي رفيع المستوى، سيكون على متن طائرة الرئاسة الأمريكية، تساعد في صرف الانتباه عن بايدن الذي تعرض لانتقادات نتيجة ما يعتقد أنه "تغير في موقفه من ولي العهد".
وعلى هذا الضوء جاءت زيارة وفد زعماء الجالية اليهودية الأمريكية (ضم 15 شخصاً من أعضاء اللوبي الصهيوني) قبل أسبوعين للسعودية، والتقى عددا من المسؤولين السعوديين"، والتي تعتبر هي الأولى من نوعها؛ وفق ما كشف عنه موقع "جويش إنسايدر" اليهودي الأمريكي.
وتأكيد بايدن على إن “زيارته المقبلة إلى السعودية ذات أهمية لأنها تأتي في سياق المواجهة مع روسيا، وتحقيق الغلبة في المنافسة مع الصين"، يشير الى أن المنطقةُ بالنسبة للادارة الأمريكية ليست سوى آبار نفط، وممرات مائية، وقواعدَ عسكرية تساهم في تعزيز نفوذِ الإمبراطورية الأمريكية في المنطقة وشرق آسيا لا أكثر.
كل تلك الترتيبات تأتي لضمان عودة الدعم الأمريكي لأبو منشار في سياسته الداخلية والخارجية وربما بلوغه العرش كما يصبو اليه، لكن الحقيقة تجافي ذلك ما إن نظرنا الى التباين الكبير بين زيارة ترامب للرياض في 2017 والتي تمت الدعوة لأكثر من 40 رئيساً لحضور قمتها، فيما زيارة بايدن تقتصر على حكام دول مجلس التعاون ومصر والأردن والعراق فقط.
ثم زيارة ترامب للرياض كانت فريدة للمنطقة، فيما بايدن سيزور تل أبيب والضفة الغربية ثم تكون الرياض محطته الثالثة والأخيرة للمنطقة، تحمل أهداف متفاوتة مع ما كانت تحمله زيارة ترامب ما تشير الى اختلاف السياق الدولي والإقليمي بين الزيارتين اختلافاً تاماً؛ ما يشير الى أن بايدن سيجريها مضطراً، وعلى مضض!.
لكن هناك رؤية مشتركة واحدة لكلا رئيسا الولايات المتحدة تجاه البقرة الحلوب، فهما متفقان على أن آل سعود والمملكة بحد ذاتها ما هي إلا مستودع هائل للنفط، وكنز من الأموال السائلة، فتعامل معها ترامب بمنطق التاجر الباحث عن أفضل الصفقات، فيما ينظر بايدن اليها بأنها انطلاقة لرئاسة ثانية عبر ما سيحققه من أرباح طائلة بصفقات مشابه في نهاية الزيارة.
ومن الواضح أن بايدن طلب أشياء كثيرة للقيام بهذه الزيارة البالغة الأهمية بالنسبة لولي عهد سلمان الذي أكد تنفيذ الطلبات وهو مطأطأ الرأس ومنحني الظهر أمام قامة سيده، بما فيها رفع إنتاج البترول خاصة والغرب مقبل على خريف وشتاء قارس في ظل انقطاع إمدادات الطاقة الروسية لها، ناهيك عن شرط الانخراط في تطبيع علاقاتها بـ"إسرائيل" والذي بات بين قوسين أو أدنى.
من جانبه يقول جبريال صوما، أستاذ القانون الدولي عضو المجلس الاستشاري للرئيس السابق دونالد ترامب، أن "بايدن بحاجة ملحة لزيادة إنتاج النفط السعودي؛ من أجل تخفيض أسعاره عالميا في ظل أزمة الطاقة" الراهنة. خاصة وأن الولايات المتحدة خفضت من انتاجها للبترول الى نحو 11 مليون برميل ولم تعد قادرة على تزويد اوروبا بذلك، بعد أن كان انتاجها 15 مليوناً على عهد ترامب وكان يسمح بتزويد حلفائه الأوروبيين بحاجتهم اليومية من النفط وكذلك الغاز.
من جهته كشف نعمان أبوعيسى، عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، أن "الإدارة الأمريكية الحالية ترغب في إنشاء تحالف عسكري استراتيجي في المنطقة، بحيث تصبح إسرائيل عضوًا فاعلا فيه، خاصة أن هناك قرارا من مجلس الشيوخ الأمريكي يؤيد التعاون العسكري في هذا الشأن".
ارسال التعليق