
بن سلمان يجعل من السعودية مسخرة بيد نتنياهوَ!
[فيصل التويجري]
مرة أخرى تتواتر الأخبار حول التطبيع السعودي الإسرائيلي، هذه المرة أتت لتأكد زيارة سرية لرئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" الى مدينة "نيوم" السعودية طالبة ضم السعودية الى العائلة المطبعة الجديدة المتألفة من الامارات والبحرين والسودان. هذا الخبر أكدته وسائل إعلامية سعودية ورسمية أيضاً ولم ينفي نتنياهو أو يأكد. اما وزير الخارجية السعودي "فيصل بن فرحان" فقد نفى حدوث اللقاء بتاتاً.
وأياً كان الأمر، فالسعودية ليست البحرين ولا هي الإمارات أو السودان، إنها مركز العالم الإسلامي، ليس بالجغرافيا وإنما مما تضمه من أقدس مقدسات المسلمين. "البيت الحرام" في مكة، و"المسجد النبوي الشريف" في المدينة. كما أن قضية فلسطين والقدس هي في بعض أوجهها قضية إسلامية إلى جانب كونها مسألة وطنية قومية. هذه النقاط تجعل من زيارة نتنياهو الى السعودية ولقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مدينة نيوم، المدينة العنوان للسعودية الجديدة، يجعل منها اختراقاً ليس لما هو قومي وعربي هذه المرة، بل لما هو إسلامي كذلك. انه اقتراب من المقدس الذي ترفضه طبقة دينية في السعودية وخارجها برجالها ومؤلفاتها التي ترى الصراع في فلسطين من منظور جداً مختلف في الماضي والحاصر.
أما في الجانب القومي فالسعودية تجد أيضاً بعض أحمال ما هو سياسي، ومن تلك الأحمال ما يعرف بالمبادرة العربية للسلام مع "إسرائيل" وهي المبادرة التي اقترحتها السعودية مستبطنة وعياً بذاتها أنها عاصمة القرار العربي، وهو الوصف الذي راج في الإعلام بعد تراجع الدور القومي المصري. ومن ذلك الوعي بالقيادة والريادة خرجت مبادرة السلام مع الكيان الإسرائيلي عام 2002 في بيروت خلال قمة للدول العربية على يد الأمير والملك فيما بعد "عبدالله بن عبدالعزيز". أضحت هذا المبادرة قراراً من قرارات الجامعة العربية بوصفها نباح ما استقر عليها العقل السياسي العربي في قضية الشعب الفلسطيني.
أشطرت العرب في مبادرة السعودية قبول الصهاينة بقيام دولة عربية فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو عام 1967. وتكون عاصمتها القدس الشرقية وعودة جميع الفلسطينيين المشتتين في مختلف الدول العربية إلى أراضيهم. بالمقابل عرض العرب على الإسرائيليين في حال قبول المبادرة بالتطبيع والسلام.
غير أن العرب نفضوا أيديهم، لسبب لا يعلمه أحد، من مبادرتهم بل على العكس سارعوا خفافاُ وثقالاً سراً وعلانية إلى الكيان الإسرائيلي يطلبون التطبيع معها ويعرضون عليها السلام وكفى يد أذى الثقيلة عنها. ويحدث ذلك والقدس المرتجاة عاصمة لفلسطين قد أصبحت عاصمة للكيان الإسرائيلي بدعم ومباركة أمريكية، وإنها الاستيطان الإسرائيلي من جهة أخرى فكرة الدولة باقتلاع جميع الأراضي الفلسطينية.
وبعيد تطبيع العلاقات السودانية مع إسرائيل، سخر نتنياهو من لاءات العرب الثلاث في قمة الخرطوم، "لا صلح، لا تفاوض، لا سلام" وقال أنها صارت جميعاً نعم. كما أن زيارة نتنياهو الى السعودية ستوفر مادة أخرى للسخرية إذا شاء، خاصة أن السعوديون هم أصحاب المبادرة إلا أنهم أصبحوا أزهد الناس فيها وخرجوا عليها كأنما لم تخرج منهم.
أصدر بنيامين نتنياهو كتاباً في عام 1993 بعنوان "مكان تحت الشمس" شكل رؤيته لـ “إسرائيل" الدولة القومية الآمنة غير المساومة على الأرض. أما اليوم وبعد 27 عاماً يبدو أن العرب هم يحلمون بأن يكون لهم مكاناً تحت الشمس، فالحقيقة السياسية تقول ان كل ما هو عربي واقع واحلاماً الى انكماش وأن "إسرائيل" هي بيدها وبيد غيرها باقية وتتمدد أما الفلسطينيون وهم أصحاب القضية فهم مطبعون مسالمون على طريقتهم، فلا يملكون الا توجهي اللوم والشجب والاستنكار حيث أنهم ضحايا مسار آخر، وهو مسار "أوسلو" الذي لم يرى أحد بعد بارقة ضوء في نفقه.
ارسال التعليق