
بين تعاليم الاسلام ومشروع "بن سلمان".. تعالي ووطنية، انحطاط وعمالة
[جمال حسن]
* جمال حسن
أهتم الدين الاسلامي الحنيف كثير بالعلم والمعرفة والايمان والصدق، فكانت أول خمس آيات نزلت على الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه في هذا الاطار، بقوله تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} – سورة العلق الآية 1-5.
ومن هذا المنطلق أمر الله سبحانه وتعالى نبيَّه الكريم بأن يدعوه دوماً بطلب زيادة العلم، قال تعالى:ة{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}- سورة طه الآية 114، فكان خاتم المرسلين يدعو الناس الى الإسراع في طلب العلم والمعرفة "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة"، و"من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً الى الجنة"، و"من خرج في طلب العلم، كان في سبيل الله حتى يرجع" - روته الصحاح والمسانيد برمتها.
ثم أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} - سورة الأنفال الآية٦٠، فكان خير البشر ومعلمها ومنقذها من الشرك والضلال والظلمة يدعو الأمة دوماً "علموا ابنائكم الرماية والسباحة وركوب الخيل"، ولم نر حتى في موقف واحد ولو كان صغيراً أن يسمح صلوات الله سلامه عليه بتفريط الأمة لوقتها وقوتها وعقلها في مجال اللهو واللعب.
لكن مع كل الأسى والأسف نرى اليوم من يسير على سيرة الحبيب المصطفى والسلف الصالح في توعية الأمة وإرشادها وتقويتها ووحدة صفها، يواجه حملات اعلامية وفتاوى لا تنم الى الإسلام بصلة خوفاً من رص صفوف المسلمين وتوحيد كلمتهم في مواجهة الطغاة والفراعنة والمحتلين والكفرة.
في هذا الإطار نرى النظام السعودي القابع على رقاب أبناء الجزيرة العربية وسالب حقوقهم ومعتقداتهم، أول من انبرى في معارضة المخيمات الصيفية التي يقيمها الحوثي لأبناء اليمن السعيد خوفاً وفزعاً من أنها ستحرك الداخل ويعون ما يحل بهم من انحطاط وانحلال فكري وعقائدي مستهدفاً جيلنا الصاعد عبر برامج "لجنة الترفيه" الفاسقة.
وهذا ما دفعني لأطرح هذا السؤال هنا: "لماذا كل هذا الخوف والفزع يابن سلمان من هذه المخيمات الصيفية في اليمن التي تسلح الأجيال بسلاح بثقافة القرآن الكريم، والوعي والبصيرة، لتكون له هوية إيمانية تحصنه من استهداف العدو الثقافي والأخلاقي، وشعوبنا مستهدفة بذلك منذ عقود؟!".
ثم لماذا جُنَّ جنون السعودي والأماراتي والأمريكي والبريطاني المحتلين من النجاح البارز والاستثنائي للمخيمات الصيفية للحوثي، رغم محاولتهم البائسة لايقاف نشاطها عبر تشويهها بدعاوى اعلامية مضللة، فيما أهالي الطلاب والمجتمع اليمني الصاعد لمسوا ثمارها في أبنائهم، واستمر زخم المراكز والاقبال عليها حتى انتهاء الدورات الصيفية التي ضمت أكثر من مليون و500 الف طالب وطالبة".
وفي هذا الوقت نرى أن محمد بن سلمان يصدر أوامره بفتح أبواب بلاد الحرمين الشريفين على مصراعيها للزناة والشاذين الجنسيين في أحدث تطور على المضي في انقلابه على قيم وهوية المجتمع الاسلامية والاخلاقية والاجتماعية، فما كان من تطبيق “روح السعودية” الرسمي للهيئة السعودية للسياحة إلا أن يعلن ترحيبه بعلاقات الزنا والشذوذ الجنسي في البلاد!!.
"الحياة مدرسة استاذها الزمن ودروسها التجارب فمن لم يشرب من بحر تجاربها يمت عطشاناً في صحراء الحياة ولا تحتاج الى طلب انتساب ولا الى حجز مقعد، تتعلم منها تكتسب خبرات وتتعلم معارف وتتدرب وتطور مهارات تنجح احيانا وتنصدم أحيانا اخرى".
انها تجارب مرة نعيشها في بلاد الوحي والتنزيل لا تخدم الوطن ولا الوطنية ولا الإيمان ولا العقيدة ولا الدين، بل كلها تصب في مجال تفسيق المجتمع ونمو السقوط الاخلاقي فيما بين صفوف شعبنا خاصة جيلنا الصاعد المستهدف الأول والأخير في برامج محمد بن سلمان الفاسدة الساقط خلقاً وأخلاقياً.
لقد بات تلقي الأجيال وشبابنا من كلا الجنسين العلوم النافعة والمفيدة واللازمة فيما يتعلق بالدين الاسلامي بأبعاده الشاملة في الحياة، وليس وفق التصور الذي يؤطر الدين ضمن طقوس عبادية وهابية سلفية خالصة فقط؛ ثم التركيز في التعليم على بناء الطالب وتأسيسه فكريًا وروحيًا، لتحقيق هدفٍ أعلى، وهو بناء جيل حضاري يعرف ربه وينهض بوطنه ويحذر عدوه، جرماً شنيعاً لا يغتفر وفق رؤية محمد بن سلمان "السعودية 2030".
كما بات تعليم أبنائنا الاهتمام بالصلاة والبرامج الايمانية والقيمية كأداء الصلاة جماعةً، وزيارة الأرحام، وعيادة المريض، والإحسان والإنفاق، وترسيخ قيم النظافة والتعاون، وغيرها من السلوكيات التي حاول الأعداء سلبها من المجتمع المسلم؛ بعيدة كل البعد عن الدين والوطنية والعيش السليم بلغة وسائل اعلام آل سعود التي تنهش بجسد المخيمات الصيفية اليمنية ليل نهار بشتى التهم المزيفة.
أنهم يسعون الى تربية أجيالنا على المهرجانات الموسيقية المختلطة الماجنة، وشرب الخمور وتعاطي المخدرات ليل نهار كي لا يفقهوا ما يدور في داخل البلاد من انتهاك للمقدسات والدين والأعراض والقيم الاخلاقية والانسانية، ومن يعترض يزج في السجون لا يعرف عن مصيره أحد، ثم يتم إعدامه حرابة في ظلام ليل دامس تحتجز جثته حاجة في نفس "أبو منشار".
لقد أعدوا لإفساد مجتمعنا مختلف أنواع العدة ووسائل اللهو واللعب من الرياضة حتى مسارح الرقص ومقاهي الخمور وصالات القمار في بلاد الحرمين الشريفين، ولم يكتفوا بذلك بل شرعوا نحو عودة الجزيرة العربية الى الجاهلية الأولى والوثنية بنصب تماثيل تقديسية هنا وهناك ليعود هبل واللات والعزى الى المسرح العبادي للجنة الترفيه مرة اخرى.
أنهم يحاربون تلك المخيمات الصيفية في اليمن لانها تهتم بالوطن والحرية والاستقلال وتعلم الطلبة على مقارعة العدو والمحتل، وترسيخ وجوب الدفاع عن أرض البلاد ثم جعل القضية الفلسطينية القضية الأولى للأمة كي لا تنسى، وتعريفهم بعدو الأمة الأوحد الذي يعد من البديهيات ومن صميم ثقافتنا.
لقد باتوا يهابون ويخافون ويفزعون من كل ما يتعلق بالوطن والوطنية والايمان والاهتمام بالقضية الفلسطينية أينما كان ذلك، ليهرعوا الى محاربته ومكافحته وتجريمه، وعشرات المعتقلين من أحرار بلاد الجزيرة يقبعون في زنازين آل سعود بجرم الدفاع عن قضية الأمة فلسطين.
أنه بون شاسع باتساع الجزيرة العربية أو بالأحرى ببعد المشرق عن المغرب، بين ما يأمرنا الله سبحانه وتعالى ورسوله الحبيب بخصوص تربية الأجيال والمجتمع حيث العقيدة الراسخة والوطنية (حب الوطن من الإيمان) والتعالي والمجد والعزة والخلود والرفعة، وبين مشروع "بن سلمان" للانحطاط الخلقي والانصياع للعمالة والأجنبي والفسق والفجور.
لعل البعض سيأخذ عليّ ذلك لكنها حقيقة غير قابلة للأنكار إن كان الشخص منصفاً وله أدنى ضمير، سيرى الواقع المنحط لما تسير به الأمور في أرض الوحي والتنزيل حيث تفشي المراقص والمهرجانات الخليعة والتعري على الشواطئ والاختلاط بين الجنسين دون أدنى رادع، وسط صمت مطبق للمؤسسة الدينية ومشايخ الدعوة والوعظ والإرشاد.
الدين الاسلامي الحنيف يأمرنا بالعلم والمعرفة والقوة والعدة والإلتزام الديني والتعايش السلمي والدفاع عن المظلومين والأخذ بيد المحرومين ورفض كل ظلم، فيما تعاليم محمد بن سلمان تربي أجيالنا على التفسخ والانحطاط الخلقي والتذمر من الدين ورفض الآخر ومعاداته، ثم الانصياع للحاكم المتجبر المتفرعن وعدم مؤاخذته أو معارضته حتى وإن كان فاسداً فاسقاً عميلاً، ولا تهمنا هموم الآخرين وإن كانوا أخواننا ومسلمين.
ارسال التعليق