
تنافس خلیجی لاسترضاء راعي البقر و"بن سلمان" يسابق خصومه
[حسن العمري]
*حسن العمري
سباق محتدم بين البلدان الخليجية العربية على استحواذ كل نظام منها على حصة الأسد لدى الراعي الأمريكي والتقرب منه أكثر مهما كانت المهمة شاقة أو ذات تكلفة مالية كبيرة ستكون على حساب لقمة عيش شعوبها ورفاهيتهم ومستقبلهم وحرية قرارهم السيادي.. ماهو مهم بالنسبة لقيادة هذه الدول هو الحفاظ على عروشهم الطاغوتية الجبروتية بدعم البوفالو البلطجي الذي من المقرر أن يقوم بزيارة قريبة لهذه البلدان يستهلها كما في ولايته الأولى بالمملكة السعودية بعد قبول محمد بن سلمان استثمار أكثر من تريليون دولار في الشركات الأمريكية تجني فرص عمل بالملايين للأمريكان العاطلين، ودعم كبير لاقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية المتهالك؛ فيما نسبة البطالة في نمو مضطرد في الجزيرة العربية، والوضع الاقتصادي نحو التدهور في مملكة الذهب الأسود.
كلهم باتوا اليوم مهرولين نحو الجاهلية القبلية الأولى، منبطحين أمام هبلهم الجديد الرئيس الأمريكي المخبول "دونالد ترامب" مقدمين على أطباق ذهبية كنوز بلدانهم بمليارات الدولارات إرضاءً له، وحفاظاً على عروشهم المتزلزلة وسط فرعونية داخلية وأقليمية ترعى حروب بالوكالة عن أسيادها تسيل منها أنهار دماء الأبرياء بالملايين في دول المنطقة منذ أكثر من عقد من الزمن حيث هم {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}- سورة البقرة، الآية171... غالبيتها تذهب لشراء معدات وأجهزة أمريكية خردة مكسدة في عنابر مصانع التسليح الأمريكي للوبي الصهيوني؛ بدلاً من إنفاقها على شعوبهم ورفاهيتهم وتطور بلدانهم وبناء مصانع ومشاريع بنى تحتية ومستشفيات وجامعات، حيث غالبيتها تفتقد حتى الى مشاريع الصرف الصحي وفي مقدمتها السعودية.
هدف "ترامب" من الزيارة المتوقعة للسعودية وقطر والامارات، كان ولا يزال وسيبقى هو إقناع الأنظمة الرجعية الموروثة في هذه الدول، خاصة تلك التي لم تطبع علاقاتها مع الدولة الكيان الصهيوني حتى الان ومنها الرياض والدوحة بالقيام بذلك، لتلحقا بركب الإمارات والبحرين.. ومن قبله إشباع جشعه المادي في الحصول على تريليونات الدولارات من هذه البلدان الضعيفة الوضيعة كما يخاطبهم بين الحين والآخر في تصريحاته الاعلامية أو خطاباته الانتخابية؛ سعياً منه لإنعاش الاقتصاد الأمريكي وضمان مصالحه؛ خاصة وأنه لم يعد يعتمد لغة "الحماية مقابل المال" كما في السابق، بل بات يستخدم مصطلح مغري ملون عبثي خاوي وهو "التحالف الاستثماري مع تضخيم التعاون الاقتصادي والدفاعي"... الأنظمة العربية الخليجية عليها على أيّ حال تحمل القسط الأكبر من المسؤولية عن انفلات "ترامب" هذا وجشع الذي لا ينتهي، جراء تنافسهم في محاولة إرضاء راعي البقر الأميركي؛ والذي أسال لعاب هذا الطامع في الحصول على الرقم السحري: تريليونات الدولارات في زيارة واحدة للمنطقة.
خلال كلمته أمام منتدى دافوس الاقتصادي العالمي 2025بسويسرا، قال الرئيس الأمريكي ترامب "طلبنا من السعودية استثمار 600 مليار دولار، لكن محمد بن سلمان، وافق رفع الاستثمارات الى تريليون دولار؛ وعلى هذا الاساس سأقوم بزيارة للرياض قريباً".. وخلال لقائه طحنون بن زايد آل نيهان، مستشار الأمن الوطني الإماراتي لبحث تعزيز الاستثمارات بين البلدين، اعلن البيت الأبيض أن "الامارات قررت استثمار ترليون و300 مليار دولار في الشركات الأمريكية.. في مجالات البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، والطاقة، والتصنيع الأمريكي" - وفق ما ذكرته وكالة رويترز، في خطوة تسابق بين الغريمين اللدودين "بن زايد" و"بن سلمان".. الى جانب إعلان الإمارات دعمها إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي الأمريكي عبر شركة ادنوك
الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" لا يفوت مناسبة إلا ويذكر فيها قادة البلدان العربية الخليجية بأنهم باقون في عروشهم "بفضل دعم أمريكا العسكري والسياسي والاعلامي"، مطالبا إياهم بدفع الأموال.. فهل هذه السياسة توجه أمريكي جديد جاء به ترامب؟ وما الذي كسبه الخليجيون من الأموال التي دفعوها؟.. لا ننسى أنه قال خلال ولايته الأولى أن "أمريكا دفعت 7 تريليونات دولار خلال 18 عاما في الشرق الأوسط وعلى الدول الخليجية الثرية دفع مقابل ذلك.. هناك دول لن تبقى لاسبوع واحد دون حمايتنا. عليهم دفع ثمن لذلك”، في إشارة واضحة الى دول مجلس التعاون الغنية وفي مقدمتها النظام السعودي خاصة بعد فضيحة تنشير وتقطيع جمال الخاشقجي، حيث تم لملمت الأمر وإبقائه طيّ الكتمان على المستوى الغرب المتشدق بحقوق الإنسان بدفع محمد بن سلمان رشى بلغت حوالي تريليون دولار خلال زيارة ترامب الأولى للرياض، منها 450
مليار دولار فاتورة شراء معدات عسكرية لم تصل المملكة حتى لحظة كتابة هذه السطور
لا يألو الرئيس الأمريكي جهدا ولا يفوّت فرصة سانحة دون الحديث عن الدفع مقابل الخدمات.. ويُستدلّ على ذلك التنافس المحموم من الردح الإعلامي القطري - السعودي. فبعدما دأبت قناة «الجزيرة» على «فضح» الصفقات السياسية السعودية مع ترامب، ردت قناة «العربية» متهمة «ضرّتها» القطرية قبل أيام بالتعامي تماماً عن أقوال الرئيس الأميركي أمام أمير قطر تميم بن حمد، والتي نقلتها وكالات الأنباء وقال فيها: "الحمد لله، وسّعنا قاعدة العديد بأموالكم وليس بأموالنا"... على هذا الأساس حيث تداول رواد موقع التواصل الاجتماعي x "تويتر" خلال الأيام الأخيرة الماضية، ادعاء يفيد بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيطلب من دولة قطر تريليون دولار مقابل بقاء قاعدة العديد العسكرية الأمريكية على أراضيها خلال زيارته للدوحة.
تقرير جديد لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، كشف قبل أيام أن دول الشرق الأوسط شكّلت 27% من إجمالي واردات الأسلحة العالمية، خلال الفترة بين عامي 2020 و2024، فيما كانت 5 دول عربية خليجية هي السعودية وقطر والكويت والإمارات والبحرين ضمن قائمة أكبر 10 مستوردين للأسلحة على مستوى العالم... فيما سلطات الرياض تدعي خفض حجم ابتياعها للسلاح تصريحات ترامب بشراء السعودية مئات مليارات الدولارات من السلاح الأمريكي وتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام ينفي ذلك، حيث بلغت حصتها 6.8 % من إجمالي واردات الأسلحة العالمية؛ شأنها شأن الامارات وقطر ، في وقت زادت واردات الدوحة بنسبة 127% مقارنة بالفترة 2015-2019، وبنسبة بلغت 1312 % مقارنة بالفترة 2010-2014... الكويت شهدت قفزة كبيرة في وارداتها من الأسلحة بزيادة بلغت 466%، مما وضعها في المركز العاشر عالمياً بحصة 2.9 بالمئة من الإجمالي العالمي.. بدورها سجلت البحرين زيادة هائلة في وارداتها بنسبة 898 %، لتحتل المركز 23 عالمياً بحصة 1.1 %؛ غالبية الأسلحة الموردة لهذه الدول من الخردة المكدسة في عنابر مصانع التسليحي الأمريكي.
كل ذلك بفضل السياسة الصهيوأمريكية في "الإسلاموفوبيا" و"ايران فوبيا" و"بعبع داعش" الذي أولدته واشنطن بالمال السعودي – الخليجي وفق اعترافات وزير الخارجية الأمريكية السابقة كلينتون في كتابها "الخيارات الصعبة"... فيما نرى أن إيران المحاصرة منذ عقود طويلة تسليحياً واقتصادياً وسياسياً من جميع الجهات هي الأقل توريد من الأسلحة بشكل منخفض جداً مقارنة بمعظم مستوردي الأسلحة الآخرين في الشرق الأوسط منذ عام 1993 تقريباً، رغم انها متهمة بتمويل الفصائل الفلسطينية وحزب الله لبنان وانصار الله اليمن والحشد الشعبي في العراق، بمختلف أنواع الأسلحة المتطورة خاصة خلال الفترة 2020-2024... ليبقى السؤال الكبير يطرح نفسه، كيف لترامب الذي يرى في طهران العدو اللدود للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وخطر كبير على وجود الكيان الاسرائيلي، أن يرضخ ويجلس على طاولة التفاوض معها؛ فيما يبتز وبشكل كبير لا رحمة فيه بقراته الحلوب في المنطقة الخليجية؟؟!!... العاقل يفهم.
ارسال التعليق