
دلالات اتصال ابن زايد بـ الأسد
[هادي الاحسائي]
يوم الجمعة أجرى ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد اتصالا هاتفيا مع الرئيس السوري بشار الاسد، عبر خلاله عن تضامنه مع سوريا فيما يخص وباء كورونا وتحدث ابن زايد بأن "سوريا العربية الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة"، وكان محيرا كلام ولي عهد ابوظبي بالنسبة لكثيرين، خاصة وان الامارات كانت من أكثر الدول الداعمة لسقوط نظام الاسد، حتى انها دعمت جماعات مسلحة كانت تعمل على ازاحة الاسد، ولكن "الزمن دوار"، حيث عادت الأمور إلى نقطة الصفر ليس فقط بسبب "كورونا" وانما الموضوع يعود إلى أكثر من سنة ونصف، حيث شعر التحالف السعودي_الاماراتي ان سوريا بدأت تخرج من أزمتها كما بدأت تنفض عن نفسها غبار الحرب، في المقابل بدأت تحالفات آل زايد وآل سعود تلفظ أنفاسها الأخيرة في عدة مناطق حول العالم، وأصبح الفشل يضرب هذا التحالف من جميع الاتجاهات.
اتصال ابن زايد بالأسد هو انتصار للأخير حتى لو كان الدافع كما يدعي ابن زايد "انساني"، والسؤال اين كان هذا الدافع طيلة 7 سنوات من عمر الأزمة السورية، أين هو هذا الدافع ايضا مما يجري في اليمن؟، بكل الأحوال حاول ابن زايد التغطية على طبيعة حديثه مع الاسد وغرد على "تويتر" بالتالي: "بحثت هاتفيًا مع الرئيس السوري بشار الأسد تداعيات انتشار فيروس كورونا، وأكدت له دعم دولة الإمارات ومساعدتها للشعب السوري الشقيق في هذه الظروف الاستثنائية.. التضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار، وسوريا العربية الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة".
عندما يتحدث ابن زايد لابد لأتباعه من التغطية على طبيعة اتصاله لعدم حرف دلالاته عن مساراتها الطبيعية، حيث سارع وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، يوم السبت، للتغريد على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، تويتر، قائلا: "الظروف الاستثنائية المرتبطة بفيروس كورونا تتطلب خطوات غير مسبوقة، وتواصل الشيخ محمد بن زايد بالرئيس السوري هذا سياقه، البعد الإنساني له الأولوية وتعزيز الدور العربي يعبر عن توجه الإمارات، خطوة شجاعة تجاه الشعب السوري الشقيق تجاوز الحسابات السياسية الضيقة".
أبعاد اتصال ولي عهد ابو ظبي بالرئيس الاسد
أولاً: جاءت كورونا لتعزز موقف الاسد أكثر من اي وقت مضى، فسوريا التي انهكتها الحرب لم تسجل حتى وقت الاتصال سوى 5 اصابات بفيروس كورونا تمت السيطرة عليها قبل انتشارها، لكن في المقابل جميع الدول التي حاصرت سوريا تعاني من تفشي فيروس كورونا والآثار القاتلة لهذا الفيروس على اقتصاد هذه الدول، وبالتالي فإن التحالفات الجديدة التي ستتشكل في المنطقة لن تكون مثل سابقتها، وبالتالي فإن خروج الامارات والسعودية من هذه التحالفات سيكون له آثار سلبية كبيرة على مستقبل هذه الدول.
ثانياً: تحالف السعودية_الامارات في اسوء أحواله هذه الايام، خاصة وان اسعار النفط تهاوت إلى درجات غير مسبوقة وبالتالي فإن اقتصاد هذه الدول الخليجية لن يصمد طويلا في حال استمرت الأزمة على هذا النحو، وهذا الامر قد يدفع الامارات والسعودية للتراجع عن سياستهم القديمة، والاتجاه نحو سياسة جديدة اكثر انفتاحا ولانستبعد أن يتم فك الحصار عن قطر خلال الفترة المقبلة وبصورة مفاجئة.
ثالثاً: لمصلحة ابن زايد التعاون مع سوريا، خاصة وان سوريا على عداء مباشر حاليا مع تركيا التي تهاجمها على حدودها الشمالية والشمالية الغربية، وتدعم المسلحين هناك وتعيق تقدم الجيش السوري، وبما ان العلاقات الاماراتية_التركية في أسوء احوالها فإن من صالح الامارات دعم الاسد في هكذا مواجهة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الزيارة التي قام بها وفد حكومة المشير خليفة حفتر الليبية إلى دمشق، ولقاء الأسد، وتأكيد مواجهة الجماعات الإرهابية المرتبطة بالنظام التركي، في إدلب وفي طرابلس الغرب.
رابعاً: الولايات المتحدة الامريكية في اسوء احوالها هذه الايام مع تفشي فيروس كورونا على اراضيها، وعدم قدرتها على احتواء هذا الفيروس وبالتالي سيكون اقتصادها امام تحد كبير لم يشهده منذ عدة عقود، وهذا سيؤثر من دون ادنى شك على تواجدها في الشرق الاوسط، وستتجه نحو سحب قواتها من المنطقة في حال استمر انتشار الفيروس على هذا النحو، وبالتالي فإن السعودية والامارات ستكونان أكثر المتضررين وستتأثر سيساتهم الخارجية بهذا الانسحاب وكذلك تواجدهم في اليمن.
ارسال التعليق