
رسالة "سلمان" للمرشد الإيراني.. تطمين وإدراك والتماس
[جمال حسن]
* جمال حسن
توقيت زيارة وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان الى ايران وتسليمه رسالة من سلمان بن عبدالعزيز الى المرشد الايراني السيد الخامنئي، المتزامنة مع المفاوضات الجارية بين طهران وواشنطن بوساطة عمانية؛ تثير تساؤلات عديدة خاصة وأن من حمل الرسالة هو نجل "سلمان" وزير الدفاع خالد الذي وصل العاصمة الايرانية على رأس وفد عسكري رفيع المستوى.
ونحن نكتب هذه السطور لا يزال مضمون الرسالة قيد الكتمان من كلا الطرفين السعودي والايراني، ما يشدد الشكوك والدلالات حول التوقيت وأسباب إرسال الملك سلمان لمثل هذه الرسالة في هذا التوقيت البالغ الحساسية التي تشهدها والمنطقة، وسط تهديدات عسكرية وسياسية متبادلة بين ايران وأمريكا رغم جلوسهما طاولة المفاوضات غير المباشرة في مسقط وروما.
زيارة فريدة من نوعها، وإجراء لم يسبق له مثيل من السلطات السعودية، حيث لم تشهد علاقات البلدين الجارين زيارة لمسؤول سعودي رفيع المستوى الى ايران منذ عام 1999؛ خاصة على عهد "سلمان" التي شهدت فيه العلاقات السعودية - الايرانية توترات كبيرة وقطع الدبلوماسية وإغلاق للسفارات، وتهديدات من ولي العهد محمد بن سلمان "بنقل المعركة الى داخل ايران"!!.
نجل سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع يحمل رسالة طويلة عريضة على رأس وفد عسكري رفيع، يلتقي المرشد الايراني السيد علي الخامنئي ويسلمه شخصياً له، في إجراء لم يسبق له مثيل ايضاً في السياسة الايرانية حيث يستقبل المرشد هكذا شخصية؛ تتضمن نقاطا تتعلق بالعلاقات بين البلدين، لتتويج عامين من عودة العلاقات الثنائية بعد وساطة صينية عام 2023.
وسائل الإعلام السعودية والايرانية ركزت على أن الزيارة تأتي في إطار "فتح صفحة جديدة بين البلدين في ظل وجود نية جادة لتعزيزها ورفع التعاون الى مستوى إستراتيجي"، حيث السعودية تبحث عن دور "إقليمي ودولي متعاظم"..، بعد سلسلة الفشل المريبة التي اصابة سياستها جراء تهور محمد بن سلمان ودخوله الحروب الاقليمية بالوكالة.
فلا يزال المستنقع اليمني الذي دخله "بن سلمان" يطارده من فشل لآخر حتى أجبر على التسليم لمطالب صنعاء والجلوس على طاولة المفاوضات بوساطة عمانية، وإيقافه للعدوان الغاشم الذي ذهب ضحيته مئات آلاف الأبرياء العزل من أبناء اليمن الجار والشقيق، بعد أن كان قد وعد الحليف الأمريكي دخوله صنعاء وإنهائه للحرب خلال عشرة أيام.
كلام وزير الدفاع الأمريكي الأسبق كولن باول لقناة "فوكس نيوز" الأمريكية لا يزال يصدح في قصور السلطة الحاكمة بقوله " كان علينا ألا نصدق وعد سلمان ونجله.. النتيجة كانت كارثية جداً، بعد 41 يوم من القصف سمعنا صراخ حلفائنا السعوديين يطلبون النجده، لأن اليمنيين خلقوا مفاجأة لم يتصورها..راهنا على جيش ضعيف ووزير دفاع (محمد بن سلمان) ليس لديه فكرة عن كلمة حرب..".
مراقبون للشأن السعودي أشاروا أن اقدام الرياض على ارسال رسالة الى أعلى سلطة في ايران لابد لها أن تتضمن تطمينات موثقة من عدم السماح للحليف الأمريكي إستخدام أراضي الجزيرة العربية والقواعد الأمريكية المتواجدة فيها، في أي عدوان محتمل ضد الجمهورية الاسلامية اذا ما نشب صراع عسكري بين واشنطن وطهران والذي هدد به ترامب.
ويقول مراقبون إن الزيارة تأتي في وقت تسعى فيه الرياض الى لعب دور إقليمي أكبر وأكثر أهمية من قبل، لاحتواء أي أزمة مقبلة (في تسابق مع مسقط)، سيما من خلال تبنيها لمحادثات بين روسيا وأوكرانيا ومن هنا اختارت طهران كوجهة حالية بسبب الملفات المشتركة معها، وملفات السعودية في المنطقة المرتبطة بإيران كالأوضاع في اليمن
مشددين أن الرسالة لابد لها أن تتضمن "التماس" شديد لتوسط طهران لدى أنصار الله التي تربطهم علاقة وثيقة معها، لإنهاء ملف العدوان الذي شنته السعودية وحلفائها طيلة ثماني سنوات دون جدوى، للخروج ببعض ماء الوجه يحفظ مكانة السلطات السعودية على المستوى الداخلي في أقل تقدير؛ وسط تصاعد تهديدات صنعاء باستهداف البنى التحتية للمملكة اذا ما شاركت في ردع استهداف الكيان الاسرائيلي المتواصل منذ أكتوبر الماضي.
كما أن تأكيد وزير الدفاع خالد بن سلمان خلال لقائه المرشد الايراني "جئت الى طهران بأجندة توسيع العلاقات مع ايران والتعاون في جميع المجالات (..) نأمل أن توفر المحادثات البناءة علاقات أقوى بين السعودية وإيران مما كانت عليه في الماضي”؛ ليأتي الرد من المرشد الايراني الخامنئي إن “العلاقة مع السعودية مفيدة لكلا البلدين، ويمكننا أن نكمل بعضنا بعضا”؛ له دلالاته الخاصة في التوقيت ذاته.
حيث يرى محللون غربيون واقليميون بأن الهدف من الزيارة ايضاً هو نية الرياض تجنب أي رد فعل إيراني تجاه الدول الخليجية في حال ما فشلت المفاوضات بين واشنطن وطهران، أو إذا وجهت ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، من خلال استهداف الأهداف الأمريكية في هذه البلدان من قبل إيران حينها؛ الى جانب ترغيب ايران على "مشاريع مشتركة"
عبراستثمارات سعودية كبيرة، مقابل استثمارات إيرانية في مشاريع سعودية كبرى استناداً إلى تعاون البلدين في منظمة أوبك، يتوقع أنه تم مناقشتها خلال الزيارة المرموزة هذه.
فيما أكد آخرون أن الزيارات والاتصالات المتبادلة بين القيادات السياسية والعسكرية بين البلدين، يشدد أن ما يحدث في المنطقة يحتاج تعاونا وتنسيقا مشتركاً، لذا أعلنت الرياض رفضها التام السماح بعبور الطائرات الإسرائيلية أجواءها أو استخدام مياهها الإقليمية لضرب إيران؛ كما وأن المملكة قد قدرت دور ايران في اليمن، مما ساهم في التوصل إلى الهدنة الحالية التي لا تزال صامدة.
واشار مراقبون الى أن "الملك سلمان" أعرب عن دعمه للمفاوضات الإيرانية - الأميركية الجارية، مشجعا الطرفين السعي للتوصل الى اتفاق من شأنه أن يُعزز الاستقرار الإقليمي؛ ما يمثل هذا الموقف تحولاً جذرياً في سياسة السلطات السعودية عن الوضع في عام 2015، عندما انتقدت المملكة بشدة الاتفاق النووي المبرم في ذلك العام بين طهران وست قوى عالمية، وعملت والكيان الاسرائيلي على زعزعته ودفعت "ترامب" للخروج منه!!.
فبعد تصريحات "بن سلمان" المتهورة خلال حواره مع الإعلامي داود الشريان عبر التلفزيون السعودي وقناة مشدداً فيها "إن ام بي سي بلاده تقف بحزم في وجه نزعة ايران التوسعية، وانه من المستحيل الحوار مع قوة تخطط لعودة الإمام المهدي من نسل النبي محمد.. وأنه سيعود لنشر حكم الإسلام في العالم في نهاية الزمان..."، نرى اليوم إسراع الرياض التماس طهران بعلاقات متينة وصداقة وثيقة واستثمارات مشتركة وتوحيد الجهود لتهدئة المنطقة و...
"ما عدا مما بدا" يا سلمان حتى سارعت إرسال هذه الرسالة بما تضمنته من قضايا تتعلق بالعلاقات الثنائية واليمن وفلسطين ولبنان و.. للقيادة الايرانية العليا في هذا التوقيت؟!، هل يا ترى هناك مخاوف باتت تسيطر حتى داخل قصور الاسرة الحاكمة على مستقبل العرش وولي العهد، لتغيير ديناميات العلاقات بين البلدين؟؟!!.
أم بلغتما اليوم خطورة نصح "باول" قبل عقد من الزمن "انا نصحت اصدقائنا في السعوديه الكف عن المهاترات لانهم مكشوفين من قبل ايران وان حرب مع ايران معناها عودة السعودية الى ما قبل العصر الصناعي خلال ساعات واعترف باننا غير قادرين في تلك الساعات على منع الايرانيين من تدمير البنية التحتية للسعودية وبذلك لن يجد السعودييين خط هاتف يخاطبونا منه"؟؟!!.
ارسال التعليق