
صنعاء: الهدنة ليست بقرة بني إسرائيل وستندم الذئاب
[جمال حسن]
* جمال حسن
أكثر من شهر مرعلى اتفاق الهدنة الإنسانية والعسكرية المعلن في 2 أبريل الماضي ولا جديد في الأفق دون أدنى تقدم على الأرض حيث الانتهاكات العسكرية لقوى العدوان مستمرة مع تواصل الحصار، رغم أنه ينص على تشغيل رحلتين جويتين تجاريتين أسبوعياً الى صنعاء خلال شهري الهدنة.
فقد حملت صنعاء دول العدوان وفي مقدمتها السعودية، والأمم المتحدة عدم تنفيذ بنود الأتفاق من قبل الأطراف المعتدية حيث مطار صنعاء لازال مغلقاً، مهددة إياها بانتقام صارم وموجع في نهاية فترة الاتفاق الذي لا تمديد له كما يطيب ويحلو للذئاب المجرمة.
السلطات السعودية لم تنفذ تعهداتها بفتح مطار صنعاء والسماح لسفن المشتقات النفطية العبور الى الموانئ اليمنية، وهي تتحايل وتتملَّص من جميع هذه التعهدات التي كانت قد إلتزمت بها من قبل؛ وسيدفع نحو عودة دَوي المدافع وزغردات البنادق على الجبهات أقوى من ذي قبل.
وشدد اليمنيون من أنهم لن يسمحوا للذئاب الوقحة مواصلة مراوغتها وجعل #الهدنة كبقرة بني إسرائيل# تحت يافطة سلسلة لا تنتهى من المحاورات، فيما المتفق عليه ١٦ رحلة، لدولتين حليفتين والمستفيد هم المرضى والطلاب، ليس أكثر؛ متوعدين أن آل سعود وحلفائهم سيندمون على كل فرصة فوتوها.
مضيفين أننا قبلنا باتفاق الهدنة لإنهاء الحرب الكونية التي أتت على الأخضر واليابس في بلادنا، وطالت شعبنا الأعزل العزيز الكادح المظلوم المسالم الذي لا يريد سوى أن يعيش حريته واستقلاله بعيداً عن إملاءات دول الكفر، وسلاطين النفاق؛ عازماً على التحرر من التبعية العمياء لسادة البيت الأبيض، وبقرته الحلوبة ومرتزقة الداخل عبيد الدولار.
وأكدوا أننا وافقنا على الهدنة، ورضينا بالسلام ليس لأننا سأمنا الحرب، وإنما إقامة للحجة، ودحضاً لإفتراءات العدوان ومرتزقته، و أدواته الرخيصة، وإيماناً ويقيناً وتصديقاً وطاعةً وتسليماً لله سبحانه وتعالى حين قال : " وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْـمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " .
لايخفى على أحد من أن آل سعود وآل نهيان اعتادوا سفك الدماء، وقتل الملايين من الأبرياء في جرائم إبادة جماعية شهدها ويشهدها اليمن أولاً والعديد من مناطق المنطقة ثانياً، حيث سوء سريرتهم وتاريخهم مليء بالخبث والخيانة ونقض العهود والمواثيق و...، أرادوا بالهدنة إعادة ترتيب أوراقهم المهترئة تحت وطأة ضربات المسيرات والبالستي للشعب اليمني العظيم، فليعلموا أن مراوغتهم خلف الكواليس لا تجديهم نفعاً.
ولا شك من أن الشعب اليمني الصامد الذي صقل مواهبه، وأثبت جدارته في مقام التحدي والصمود، ومشاهد البذل والتضحيات والفداء؛ سيلقن العدوان وحلفائه ومرتزقته دروساً أكبر وأعظم وأخطر، وأشد باساً وتنكيلاً وقوة ودماراً مما قام به حتى الآن؛ فهو كعبة النجاة لشعوب المنطقة وقد روي "إذا هاجت الفتن فعليكم باليمن".
فعملية "كسر الحصار الثانية" كشفت المستور للعدو السعودي وتحالفه من أنهم يعيشون دوامة من الإخفاق العسكري والسياسي، ويتجرع مرارة الصواريخ الباليستية والمجنحة، والطائرات المسيرة التي باتت تستهدف عصب اقتصادها وشريانها الحيوي تحت مرأى ومسمع الحليف والراعي الأمريكي حيث وسائل دفاعه أضحت خردة حديدة.
وقد كشفت مصادر مقربة من البلاط السعودي من أن التخبط هو سيد الموقف في إدارة محمد بن سلمان ولهذا يسارع الخطى للتوصل الى اتفاق وتفاهم عاجل مع الخصم ايران باسرع وقت عسى أن يرى بصيص أمل للخروج من وحل المستنقع اليمني بما بقي من ماء الوجه، حيث القيادات الحوثية تصعد من وعودها بضربات بالغة الألم عما قريب.
ما صرح به رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط "بأن صنعاء لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه الحصار"، سحب البساط من تحت التحايل السعودي، وما أكده وزير دفاع اليمن اللواء الركن محمد ناصر العاطفي من "إن القادم سيختلف شكلا ومضمونا ويكون مرعبا لدول العدوان بكل المقاييس العسكرية التي تتضمنها إستراتيجية معركة التحرر والاستقلال التام والشامل"، زاد الطين بلة في ظل إصرار واشنطن على إنهاء العدوان سياسياً.
وكانت وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية قد سلطت الضوء على البُعد الأمني لعملية "كسر الحصار الثانية"، مشيرة إنها أصابت نفس خزان النفط الذي استهدفته القوات اليمنية قبل عامين في جدة، وأوضحت أن الخزان كان قد أصيب بصاروخ كروز يمني في نوفمبر 2020، وتبلغ سعته 500 ألف برميل ، وقد كلف إصلاحه حوالي 1.5 مليون دولار.
من جانبها اعتبرت مجلة "ناشيونال ريفيو" الأمريكية، العملية تطورا خطيرا في تهديد امدادات النفط الحيوية للنفط السعودي، لأنه استهدف مصنع توزيع نفط تابع لأرامكو في جدة، وهو موقع مهم يستهدف الممر الضيق للبحر الأحمر ويعطل ممر الشحن الحيوي.
فما لم يتحقق في الحرب العسكرية لن يتحقق في ظل هدنة لم تتحقق أهدافها ولا شروطها وتجري في اتجاهٍ مجهول، وكل ما تقوم به دول العدوان في ظل تواطئ الأمم المتحدة وصمتها الخبيث، يكشف النقاب عن مدى تدخل القوى الخارجية وتأثيرها على عدم إنهاء الأزمة حيث تدر عليها مكاسب مالية مربحة عبر صفقات السلاح، لكنها تتجاهل من أنه رغم كل ذلك كان نصيبها حظ وافر من الفشل دوماً حيث القرار السيادي بيد أبناء اليمن الشرفاء.
وشدد صنعاء، أن عدم التزام السعودية وقوى تحالف العدوان باتفاق الهدنة واستمراره بالتصعيد الخطير سيكون له تبعات عليها وعليهم تحمل نتائج حماقاتهم وتصعيدهم، لن تحمد عقباها.. كنا نريد الهدنة فرصة للتقدم للأمام وحسم الملفات المتعلقة برفع الحصار ووقف الحرب، إلا أن دول العدوان حولتها لانتكاسة أعادت السلام الى مربعات مظلمة.
إن عملية (إعصار اليمن الأولى والثانية في 17 من يناير 2022)، التي استهدفت مطاري دبي وأبو ظبي، ومصفاة النفط في المصفح في أبوظبي، وقاعدة الظفرة ومواقع حساسة أخرى، لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة؛ ونقول للإمارات إذا أردتم السلامة لأبراجكم الزجاجية فاتركوا اليمن وشأنه”؛ وسوف لن تنفعكم أموالكم في شراء ذمم مجلس الأمن والأمم المتحدة والجامعة العربية سيئة الصيت، بإدانة الضحية بدلاً من القاتل؛ هذه المرة.
وتوعدت صنعاء بأنها لن تجعل السعودية تهنأ ببيع النفط والغاز بأسعار مرتفعة نتيجة الأزمة في أوكرانيا، وذلك رداً على احتجازها سفن الوقود ومنعها من الوصول الى الموانئ اليمنية، وستستهدف حقول ومصافي البترول السعودي الى جانب قواعده العسكرية وحتى مطاراته المدنية لتشل الحركة في مملكة الشر والإجرام هذه المرة بشكل كبير.
أن شعب اليمن بمبادئه السامية، ورباطة جأشه، وقوة اقتداره، وثقافته الأصيلة الراقية المتجذرة، وايمانه الكبير، وحكمته اليمانية، يعد العدة بكل هدوء وذكاء وصبر ثوري للإنقضاض على الفريسة التي باتت مطحونة تحت رحمة ضرباته المتتالية جواً وبحراً وبراً، ويقول للعدوان "وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا"، فلن ترونا إلا حيث تكرهون، وإن لنا موعداً مع النصر، فارتقبوا إنا مرتقبون، والعاقبة للمتقين.
ارسال التعليق