
عدن... بين سندان الأوبئة والفيروسات ومطرقة الأطماع السعودية الإماراتية
[فيصل التويجري]
أوبئة وأمراض غامضة تضرب مدينة عدن اليمنية، عرفت من بينها الملاريا والكوليرا وحمى الضنك وكورونا والتي أودت، بحسب مصادر صحية محلية في المدينة، بحياة نحو 700 شخص خلال الأسبوعين الماضيين. هذا الواقع الجديد تزداد خطورته باستمرار الأوضاع البيئية التي قادت إلى جانب التهديد الذي تشكله جائحة كورونا والتحذيرات المتكررة من الانتشار الغير مسبوق للمرض في اليمن عموماً وخاصة مدينة عدن التي يعيش فيها القطاع الصحي تدهوراً غير مسبوق وسط فراغ سياسي وأمني بعد طرد المجلس الانتقالي المدعوم اماراتياً جماعة عبدربه منصور هادي المدعومة سعودياً من المدينة.
مدينة عدن المنكوبة أن يصح وصفها اليوم بذلك، ففي عهد انقلابين إماراتيين على ما يسمى بالشرعية أضحت مدينة مجاري وأوبئة. ومن عاصمة مؤقتة أصبحت مدينة انقسامات وخلافات وأزمات إنسانية تحصد اليوم المزيد من أرواح المدنيين.
ليست السيول السبب الرئيسي لتردي الأوضاع المعيشية والصحية إلى هذا المستوى المروع والقاتل.
فماذا فعل التحالف السعودي الإماراتي قبل هذه السيول لدعم مؤسسات الدولة وتسهيل مهامها في منطقة يفترض أنها خلصت من قبضة "الحوثيين" لتكون أفضل وليس أسوء. والبعض يقول انه ما وصلت إليه عدن من وضع مزري اليوم نتيجة منطقية لتحالف غير متحالف دائماً بشأن جنوب اليمن والأجندات الملتبسة بين الرياض وأبو ظبي.
عدن أضحت بؤرة لفيروس كورونا وأوبئة أخرى كما أعلنتها اللجنة الوطنية العليا التابعة لحكومة هادي قبل أيام. حيث قالت أن شوارع عدن أضحت أرضاً خصبة لجميع أنواع الفيروسات والحمى مثل الضنك والملاريا والشيكونغونيا القاتلة. وفي أسبوع واحد فقط، فارق الحياة نحو 700 شخص بسبب الأوبئة في عدن.
وحول الأوضاع البنى التحتية في المدينة، يضيع الطريق العادي جراء النفايات المتراكمة وينتشر البعوض والبرك الآسنة ما يرجح ارتفاع عدد المرضى والوفيات أيضاً. كما أن القطاع الصحي الهش في البلد حتى ما قبل الحرب أصبح هو نفسه بحاجة الى انعاش بعدها. والتي بسببها أغلق عدد كبير من المستشفيات لعدم توفر المعدات الطبية لتقديم العلاج والغياب شبه الكلي للأجهزة اللازمة لمواجهة فيروس كوفيد 19. ونتيجة لارتفاع عدد القتلى جراء الأوبئة دفع بالأهالي مسبقاُ الى حفر القبور للموتى المنتظرين.
ويتهم هادي المدعوم سعودياً بالتقصير، الا أنه يرد باتهام المجلس الانتقالي بتقويض جهودها وجرها الى معارك لم تكن مذكورة يوم دخل التحالف السعودي الاماراتي حرب اليمن قبل 5 سنوات.
وهنا يتساءل المواطنون في عدن عن سبب الفشل في تحسين الخدمات، حيث تفتقر "الحكومة" للنفوذ والموارد المالية اللازمة للوفاء بالتزاماتها وتغدق في المقابل أبو ظبي المال على مجلس انتقالي يقاتل شرعية السعودية. والذي أعلن في انقلابه الثاني الإدارة الذاتية وحالة الطوارئ في عدن. وبالرغم من الإدانة الإقليمية والدولية لتلك الخطوة تمادى المجلس أكثر بقراره من دون الاطلاع بما يرتبه هذا القرار من مهام ومسؤوليات.
ويقول محللون يمنيون أن كلاً من الامارات والسعودية هما المسؤولتين عما يجري في المدينة، فالاولى تسعى منذ ما قبل تدخلها في اليمن إلى تدمير ميناء عدن ووقف العمل فيه، من أجل ألا ينافس ميناء جبل علي، كما انها تسعى إلى إماتة عدن من خلال دعمها للمجلس الانتقالي عبر الانقلاب وإعلان الإدارة الذاتية، وهو الأمر الذي فاقم الأزمة الصحية.
كما أن "حكومة عبدربه" ومن خلفها الرياض تتحمل أيضا المسؤولية، كون الوضع مأساويا للغاية لأن الأهل في اليمن في كل ساعة يودعون صديقا أو قريبا ولا يعرفون على من سيأتي الدور بعد ذلك، كما أن أعداد الموتى بعدن في ازدياد سريع حتى وصلت إلى عشرات الوفيات في اليوم الواحد، وهو عدد كبير مقارنة بعدد سكانها، وكل ذلك لا تحرك "شرعية عبدربه ساكناً، سوى ادانة ما تقوم به قوات المجلس الانتقالي.
في الختام، من يدير ماذا في عدن الموبوءة سياسياً واقتصادية وصحياً، فما هو جلي للعيان أن المدينة تعاني من أكثر من وباء أخطره سعودي إماراتي يفتك باليمن شعباً وأرضاً وعرضاً من جنوبه إلى شماله.
ارسال التعليق