
فوضى في منطقة الخليج بعد اتفاق المصالحة
[هادي الاحسائي]
المصالحة الخليجية التي تم التهويل لها في الكثير من وسائل الاعلام لم ترتق إلى مستوى "المصالحة" بالمعنى الحقيقي للكلمة، فلا تزال هناك الكثير من الملفات العالقة بين دول الحصار وقطر، وبات واضحاً أن هناك انقسامات خليجية ستظهر نتائجها في هذا العام، ولكن بالشكل العام يبدو أن قطر انتصرت وهي محاصرة، وما اندفاعة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نحو أحضان أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني إلا خير دليل على ذلك، خاصة وأنه لم يفعل الأمر نفسه مع البقية.
يمكن قراءة مشهد المصالحة أو بالأحرى "الانفراجة" على انها جرت بضغط أمريكي ورضى سعودي وغضب اماراتي _مصري وكذلك بحريني، إذ لم يحضر هذه "المصالحة" ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" وملك البحرين "حمد بن عيسى" والرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي"، وهذا ينذر بتحولات قادمة على الساحة السياسية، تتعلق برؤية الامارات للمنطقة ودورها فيها والفوضى التي تختلقها هنا وهناك، والأهم علاقتها مع كيان العدو الاسرائيلي.
المشهد اليوم على الشكل التالي، غضب مصري من الامارات والسعودية، وغضب اماراتي من السعودية، وغضب سعودي من الامارات، وتوتر بين البحرين وقطر على خلفية أزمة الحدود.
توتر خفي بين السعودية والامارات
الامارات غير راضية عن المصالحة مع قطر، فهي تريد أن تكون واجهة الشرق الاوسط الجديدة، والاخطبوط الذي يتحكم بمجريات الاحداث السياسية في المنطقة، بدعم أمريكي_اسرائيلي، وهذا الأمر بطبيعة الحال يثير حفيظة السعودية وكذلك تركيا.
في المقابل كشفت بعض الحسابات السياسية على موقع تويتر؛ إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يشعر بالإهانة المقصودة من طرف ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، في عدة قضايا حساسة وكبيرة.
وفي عدة تغريدات، قالت إن أبرز القضايا التي يشعر فيها ابن سلمان بالإهانة، العلاقة مع تركيا، وسحب وديعة باكستان، وتفجير عدن في اليمن.
ولفت إلى أن ابن سلمان تحمس لمقاطعة تركيا إرضاء لابن زايد، واستخدم أمن الدولة، وعددا من الوزارات، إلى جانب الذباب الإلكتروني لمنع التبادل التجاري مع تركيا، أما الأخير فقد انفتح على تركيا اقتصاديا، وسياحيا، وافتتح هناك عددا من المجمعات التجارية وسلاسل المطاعم.
هنا جاء رد ابن سلمان بفتح الأبواب على مصراعيها على العلاقة مع قطر متناسياً أو متجاهلاً عن قصد الشروط الـ 13 التي قال ان المملكة لن تتنازل عنها، وكان الاهم بالنسبة له اعادة تشبيك العلاقات من جديد مع دول المنطقة من بوابة قطر، والوجهة اليوم هي تركيا لترطيب الاجواء معها نكاية بالامارات، وهذا ما استقبلته تركيا بصدر رحب، لاسيما انها رحبت بالمصالحة ونتائجها.
الامارات خذلت السعودية أيضاً في علاقتها مع باكستان، وقال مصدر سياسي إن ابن سلمان تحمس لمشاريع ابن زايد التطبيعية، وضغط على باكستان لإقامة علاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، وعندما رفضت طلب وديعة بـ 2 مليار دولار، ليكتشف لاحقا أن ابن زايد يتفاوض مع الباكستانيين لتعويض الوديعة.
أما الأمر الذي قال إنه "دمر نفسية ابن سلمان" فهو تفجير عدن في اليمن، الذي ثبت أن للإمارات يدا فيه، رغم تحميل المسؤولية للحوثيين. ونقل عن مقربين من ولي العهد السعودي، أنه "مُمسك بكل تفاصيل قوة ابن سلمان ونفوذه، بما في ذلك أمنه الشخصي وأسراره الخطيرة وعلاقاته الحساسة".
مصر غاضبة من الامارات
مصر لم تكن تريد أن يجري الاتفاق وأرسلت وزير خارجيتها على مضض، حتى انه رحب باتفاق الاجتماع الاخير في مدية "العلا" السعودية بشكل فاتر، فالقاهرة تقول بحسب عدة مصادر أنها لا ترى أساسًا قويًا بما يكفي لفتح صفحة جديدة من العلاقات مع الدوحة. طبعا ملف الاخوان المسلمين واغلاق "قناة الجزيرة" وتجاهل هذين الشرطين من قبل بقية دول الحصار لم يعجب القاهرة.
أما بالنسبة للعلاقة مع الامارات، فالقاهرة ترى أن ابو ظبي بدأت تنافسها وتحتل مكانها في جميع ملفات المنطقة الساخنة، إن كان في علاقتها التي تتحسن رويدا رويدا مع تركيا على عكس ما تريد مصر، أو تدخلها في ليبيا التي تشكل خاصرة رخوة للامن المصري، وكذلك علاقتها مع اسرائيل والتي سحبت من خلالها الغطاء من تحت مصر، وكذلك تدخلها بأزمات القرن الافريقي لاسيما السودان واثيوبيا، وبالتالي ستكون القاهرة محاصرة في المرحلة المقبلة وعليها اختيار مكانا لنفسها في فوضى التحالفات القادمة.
ارسال التعليق