
ماذا يخفي ابن سلمان خلف كل هذه الفعاليات في البلاد؟
[هادي الاحسائي]
التغيير -هادي الاحسائي
أقحم ولي العهد محمد بن سلمان عشرات الفعاليات الرياضية والغنائية والموسيقية تحت اطار "الترفيه" داخل حدود البلاد، في الوقت الذي لا تزال هناك الكثير من الملفات الحساسة والاكثر اهمية عالقة دون حل، وعلى رأسها الحرب اليمنية وتحقيق العدالة الاجتماعية وحقوق المرأة والكثير من الملفات الأخرى، وهذا يطرح سؤال مهم عن السبب الذي دفع ابن سلمان للقفز فوق كل هذه الملفات وتجاهلها والاتجاه نحو "الترفيه" في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد والشرق الاوسط؟.
خلال الأشهر القليلة الماضية استقبلت السعودية الكثير من الأحداث الرياضية على مستوى كرة القدم وسباق الفورمولا1 والمصارعة وكذلك استقبلت حفلات غنائية لأشهر الفرق الموسيقية منها فرقة "بي تي أس" الكورية الجنوبية، وكذلك المغنية ماريا كاري، بالاضافة إلى أشهر نجوم الفن في العالم العربي.
وقبل أسبوعين فقط، أعلنت أسبانيا أن نهائي كأس السوبر الإسبانية، الذي يتنافس فيه ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد وبالانسيا، سيقام في السعودية على مدار السنوات الثلاث المقبلة. وقد لاقى هذا الإعلان انتقادات كثيرة، حيث قالت وزيرة الدولة للرياضة بالإنابة في أسبانيا ماريا خوسيه ريندا إن الحكومة لن تدعم إقامة المنافسة "في البلدان التي لا تُحترم فيها حقوق المرأة".
الغريب أن هذا التحول يعد صادما ومفاجأ للمجتمع نفسه، لاسيما وأنه غير مهيأ لخوض مثل هذه التجارب في ظل وجود قمع على جميع المستويات، ويمكن توصيف ما يقوم به ابن سلمان بـ"الانفتاح المشروط"، اذ لا يحصل شيء لا يوافق عليه ابن سلمان، بالنسبة لهذه الفعاليات، ولكن هل حقاً الترفيه هو الهدف الاساسي لهذه المشاريع أم هناك أسرار أخرى غير معلن عنها؟.
أهداف ابن سلمان الخفية؟
أولاً: ما يقوم به ابن سلمان يهدف بالدرجة الأولى لتبييض صورته أمام العالم الغربي، وكذلك لتحسين النظرة العامة لحكمه، وأكثر ما يساهم في تحقيق هذا الأمر هو "الترفيه"على اعتبار أن الكثير من الدول قامت بتجارب مشابهة ونجحت بها، منها اذربيجان، وحاليا يحاول ابن سلمان تحسين صورة البلاد من خلال استقبال "أحداث رياضية" لتنفيذ ما يسمى بـ"الغسيل بالرياضة"، والنتيجة هي أن محركات البحث، على سبيل المثال، تظهر دولة ما في نتائج البحث الكثيرة الأولى بالنسبة لسباق فورمولا 1 بمجرد كتابة اسم الدولة، دافعة بنتائج انتهاكات حقوق الأنسان إلى آخر قوائم نتائج البحث.
وعندما يذكر اسم الدولة في الأخبار، فإنه عادة ما يقترن سماعه كثيرا بالأحداث الرياضية الكبيرة والجذابة التي ظهرت فيها شخصيات بارزة. ومما لا شك فيه، أن الاستراتيجيين يأملون في أن تؤدي هذه الأرقام إلى إرسال إشارة، إلى الجماهير التي تراقب، أن الأمور ليست سيئة للغاية هناك. انظروا إلى لاعبة الجمباز هذه، وإلى هذا اللاعب، وهذا السائق، إنهم يقضون وقتا ممتعا. والآن، تمارس السعودية، كما تقول منظمة العفو الدولية، الشيء نفسه. إذ يتم ربط اسم دولة بأحداث رياضية كبيرة بدلاً من ربطه بانتهاكات حقوق الإنسان. وسلطت المنظمة الضوء على سجل السعودية "السيء" في حقوق الإنسان. فالبلد يشهد قيودا شديدة على حرية التعبير وحقوق المرأة، إضافة إلى استخدام عقوبة الإعدام في مخالفات لا تعتبر جرائم بموجب القانون الدولي.
ثانياً: هذا "الغسيل الرياضي" هو في الحقيقة محاولة من قبل سلطات ابن سلمان لغسل عقول المواطنين والهائهم خاصة فئة الشباب، عن المطالبة بحقوقهم المشروعة، وهو غطاء لممارسة القمع بحيث يكون اقل وطأة على المجتمع السعودي، يعني قمع بكفوف "حرير".
ثالثاً: مشروع ابن سلمان هو تحسين اقتصاد المملكة واستقطاب المستثمرين، وهو وجد ان جميع المستثمرين غير مقتنعين بذلك بسبب سجلها فيما يخص حقوق الانسان بالاضافة إلى القمع ناهيك عن عدم وجود الأمان لأي مستثمر، لذلك لابد لولي العهد من ان يقنع هؤلاء بأن السعودية منفتحة وتسير في هذا الاتجاه، من أجل الإصلاحات الاقتصادية واستقطاب الاستثمار الأجنبي، وتساهم الاحداث الرياضية بهذا الموضوع بشكل مباشر.
اليوم نجد ان ابن سلمان أكثر اصرارا على الترفيه، حتى انه يشارك بشكل شخصي في حضور هذه الفعاليات، لأن مشروعه في طرح أسهم شركة آرامكو للبيع باء بالفشل، ولم يستطع ان يحقق ما يصبو اليه في هذا الملف، وفي هذا الاطار قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إن رؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بشأن طرح شركة أرامكو الحكومية للنفط في الأسواق الدولية، قد ذوت وذبلت.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لجون غابار بعنوان "أرامكو السعودية لا تحكم العالم"، أن ابن سلمان أراد أن تبلغ قيمة طرح أرامكو، في أسواق الأسهم ترليوني دولار، لكن المستثمرين أعرضوا، مؤكدة أن طرح 1.5 في المئة من أسهم الشركة ليس إلا مغامرة محلية صغيرة، ولن تكون ثورة ذات أصداء عالمية.
ارسال التعليق