هكذا رد "بن سلمان" على غريمه.. دار الإفتاء تشعلها
[جمال حسن]
* جمال حسن
"من أصول الاعتقاد في الإسلام، المعلومة من الدين بالضرورة، والتي أجمع عليها المسلمون: أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى الإسلام، وأنه خاتمة الأديان، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يبق على وجه الأرض دين يُتعبد الله به سوى الإسلام، قال الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) وقال تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) . والإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان" - اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
تزامن الإعلان المجدد لهذه الفتوى من دار الافتاء السعودية مع افتتاح الإمارات مركزا يضم أول "كنيس يهودي" للعامة الى جانب مسجد وكنيسة، بذريعة تعزيز الحوار بين الأديان في الدولة الخليجية، فيما يرى المراقبون إن الأمر يصب في إطار تطبيع هذه الإمارة التي تعتبر موطناً للجالية اليهودية دون أخواتها، مع الكيان الاسرائيلي الذي اعلن عنه عام 2020.
رأس فتنة الإرهاب التكفيري الذي يعصف بالشرق الأوسط، والداعم الرئيس للعدوان على اليمن الشقيق، تستر في تغريدة له زاعماً أن "بناء جسور التواصل والتعايش والتعاون بين الجميع نهج الإمارات الثابت في مسيرتها.. "بيت العائلة الإبراهيمية" صرح للحوار الحضاري البناء ومنصة للتلاقي من أجل السلام والأخوة الإنسانية".
فجاء الرد السعودي بسرعة البرق صافعاً على وجه معلم "أبو منشار" بإيعاز من الأخير، مبرراته الهزيلة والفتوى تشدد " يجب الإيمان بأنّ التوراة والإنجيل قد نسخا بالقرآن الكريم، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان، كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم، وأن ما كان منها صحيحًا فهو منسوخ بالإسلام، وما سوى ذلك فهو محرّف أو مبدّل".
وزادت الفتوى طين الصراع بين المحمدين وكشفت المستور القائم منذ تخلى محمد بن زايد عن تلميذه في الحرب على اليمن مع أول استهداف حوثي للأمارة المطبعة بالصواريخ الباليستية والطيران المسير، بجزمها "أمام هذه الأصول الاعتقادية، والحقائق الشرعية، فإن الدعوة الى “وحدة الأديان” والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد، دعوة خبيثة ماكرة، وأن الغرض منها خلط الحق بالباطل، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه، وجر أهله الى ردة شاملة".
في هذا الاطار أسرع أحد أهم أذرع "بن زايد" الاعلامية ومن أقرب المقربين له الأكاديمي عبدالخالق عبدالله، ليعلق على الفتوى السعودية التي يُفهَم منها "اتهامٌ بالرِّدة وهدم الإسلام لدولة الإمارات" بسبب مشروع بيت العائلة الإبراهيمية، كاتباً على تويتر "لا أحد بكامل قواه العقلية يبشر بديانة إبراهيمية جديدة بل بيت العائلة الإبراهيمية الذي يدعو للحوار والتعايش بين أصحاب الأديان الثلاثة".
أما رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي الأكاديمي المقرب من السلطة علي راشد النعيمي، فكتب على تويتر "يتداول البعض فتوى للجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية الشقيقة والتى صدرت قبل ٢٦ سنة بشأن ما يسمى بالدين الإبراهيمي ويزعم أنها صدرت بشأن بيت العائلة الإبراهيمية الذي افتتح قبل أيام.. الكذب والتدليس لخداع الأمة واختطاف عقول أبنائها نهج المؤدلجين".
هنا طرح بعض المراقبين للشأن الخليجي أنه هل كان هناك مشروع للبيت الأبراهيمي لتقيمه الإمارات أو أي دولة خليجية قبل 26 عاماً؟، ومن الذي طرح وأخذ على عاتقه ذلك؟، حيث الوثائق والمستندات لم تذكر شيئاً بهذا الخصوص ولو كان ذلك حقيقة لا يستند عليها عراب التطبيع الخليجي محمد بن زايد قبل غيره، فلماذا التوسل بالأكاذيب؟!.
ومع وجود ثلاث دور للعبادة في نفس الموقع، فقد افتتح "بيت العائلة الإبراهيمية" في العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث أطلق على المسجد اسم مسجد فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، وكنيسة قداسة البابا فرانسيس، وكنيس موسى بن ميمون!!؛ ورئيس دائرة الثقافة والسياحة في دبي محمد خليفة المبارك، يدعي أنه "سيكون المركز منبراً للتعلم والحوار ونموذجاً للتعايش"!!.
ثم أمر مهم قد غاب عن الكثير ممن يتابع الأحداث بين الغريمين المحمدين وهو أنهما ليسا على وفاق حيث "بن زايد" لم يفِ بعد بوعده لمدلل سلمان دعمه بلوغ العرش، وأنباء عن تواصل بين الأول مع بعض المعارضين من كبار أعضاء الأسرة السعودية الحاكمة معلناً الدعم الكافي لهم في إسقاط ولي العهد الحالي.
وهناك من يركز إن إجراء "بن زايد" بافتتاح "البيت الأبراهيمي" إنما هو مشروع يهدف الى ابتداع دين جديد، فيما ذهب آخرون الى أبعد من ذلك ليقولوا إنه إشارة الى "اقتراب يوم القيامة"، في حين أكد مراقبون أنه في إطار خدمة مشروع "الإسلاموفوبيا" الصهيوني وهو يسير في ذات الخطى التي يسير عليها محمد بن سلمان في المملكة أما بصورة اخرى.
لكن هناك من يشدد على أن إعادة إصدار هذه الفتوى السعودية كرد على الإجراء الإماراتي بفتح البيت الإبراهيمي، أنما جاء كردة فعل من قبل محمد بن سلمان ضد غريمه بن زايد الذي لم يدعوه الى حضور قمة أبوظبي المصغرة الشهر الماضي وذلك بطلب من الرئيس المصري السيسي والملك عبدالله الثاني.
وشددت دار الأفتاء السعودية في فتواها " لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيّاً ورسولاً، الدعوة الى هذه الفكرة الآثمة، والتشجيع عليها، وتسليكها بين المسلمين، فضلاً عن الاستجابة لها، والدخول في مؤتمراتها وندواتها، والانتماء الى محافلها.. إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام، لأنّها تصطدم مع أصول الاعتقاد، فترضى بالكفر بالله عز وجل، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الشرائع والأديان..".
كل هذه الشدة والتصريح في هذه الفتوى والتي لم تأت بأي توضيح أو تصريح رسمي من قبل السلطة السعودية يوضح بالكامل عمق الشرخ القائم بين المحمدين المجرمين وأن أيام "أبو منشار" ربما آيلة الى النهاية بعد هذا التصعيد من قبل المؤسسة الدينية السعودية الذي أخرج حكام الإمارات ورجال دولتها من الدين والملة.
ثم أن قولها (الفتوى) بأنه " لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة بناء مسجد وكنيسة ومعبد في مجمع واحد؛ لما في ذلك من الاعتراف بدين يُعبد الله به غير دين الإسلام، وإنكار ظهوره على الدين كله.. أنه لا يجوز تسمية الكنائس (بيوت الله)، وأن أهلها يعبدون الله فيها عبادة صحيحة مقبولة عند الله؛ لأنها عبادة على غير دين الإسلام"، هو دعم واضح البيان للمعارضة الإخوانية الإماراتية ضد سلطة محمد بن زايد.
فيما ذهب آخرون الى ان ذلك يمكن أن يكون إشارة من قبل محمد بن سلمان الذي أوعز بنشر الفتوى هذه الأيام، الى المعارضة داخل أسرة آل نهيان ضد معلمه "بن زايد" كردة فعل للدور السلبي الذي يقوم به الأخير ضد بلوغ ولي العهد العرش وسحب البساط من تحت أقدامه بالتعاون مع أعمامه وأبناء عمومته.
ارسال التعليق