
هل نحن على موعد مع بداية نهاية التحالف السعودي_الأمريكي
[هادي الاحسائي]
لن يغير فيروس "كورونا" فقط من طبيعة العلاقات الانسانية، بل سيمتد الى العلاقات السياسية بين الدول وسيغير من طبيعة هذه العلاقات ويخلق نوعا جديدا منها ولانستبعد أن نقول وداعاً لهيمنة القطب الواحد، أما على صعيد المنطقة فمن المرجح جداً أن تكون السعودية كسلطة أكثر المتضررين من هذه التحولات الجديدة، خاصة وأن المعطيات الجديدة تدل بما لايدعو للشك بأن العلاقات السعودية_الامريكية تشهد أسوء أيامها في ظل تعارض المصالح والرؤى بين البلدين، وما سحب أنظمة صواريخ باتريوت وعشرات من الجنود في المملكة العربية السعودية إلا خير دليل على ذلك.
الخبر نشرته وكالة "فرانس برس" يوم الجمعة قبل الماضية، وجاء فيه أن الولايات المتحدة قررت سحب أربع بطاريات من صواريخ "باتريوت" مع طواقمها المؤلفة من حوالي 300 عسكري أمريكي من المملكة السعودية.
خلفيات القرار الأمريكي وتبعاته
أولاً: ما قامت به واشنطن يعد صفعة قوية لتحالفها مع الرياض، وقد يمهد لشرخ أقوى في مستقبل العلاقات بين البلدين، ولكن لا يمكن ان ننكر ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هو من جر الرئيس الامريكي دونالد ترامب لاتخاذ مثل هذا القرار، بعد ان أغرق اسواق النفط العالمية بالنفط الرخيص، وهذا ما ضر بالاقتصاد الامريكي ودفع الأمريكيين لصب جام غضبهم على الرياض، ليترجم هذا الكلام في مجلس الشيوخ والدفع نحو التصويت على منع مد السعودية بالاسلحة.
ثانياً: يبدو ان ترامب أراد مسك العصا من الوسط وارضاء النواب والشعب الامريكي من جهة من خلال سحب منظومة الصواريخ وفي نفس الوقت ايصال رسالة للسعودية بأن سحب القوات امر جدي، وهذا ما يضع آل سعود أمام تحد خطير قد يكلفهم الكثير، وقد تحدث بلبلة قوية جدا في الفترة المقبلة داخل العائلة المالكة خاصة وان تهديدات ترامب اصبحت اكثر جدية، وعاد لابتزاز المملكة يوم الخميس الماضي عندما قال لهم: "هناك دولا غنية نحميها مقابل لا شيء، وإذا كنا نقدم الحماية لبعض الدول فعليها احترامنا".
ترامب يبحث عن خزائن المملكة من جديد ويريد المزيد من المال لدعم حملته الانتخابية من جهة، ومد الاقتصاد الامريكي بالمزيد من الاموال من جهة اخرى، الامر الذي من شأنه ان يخلق فرص في المستقبل، ويخفف من وطأة تاثير كورونا على الداخل الامريكي، ولكن السعودية قد لايكون لديها اموال كافية لاسكات ترامب نتيجة للظروف الاقتصادية المعقدة التي تمر بها بعد انخفاض اسعار النفط الى مستويات متدنية جدا، وهذا الامر كفيل بأن يسبب عجزا في الميزانية لعدة سنوات متتالية، ومن هنا قد تكون شرارة بداية الطلاق الامريكي _السعودي قد بدأت.
ثالثاً: العائلة السعودية الحاكمة ليس أمامها في المستقبل القريب سوى ابعاد ابن سلمان عن الواجهة السياسية واستلام زمام الامور من جديد، الامر الذي قد يخفف الاحتقان الذي تعيشه السعودية مع دول الجوار والولايات المتحدة ودول الغرب عامة، ولكن المشكلة ان ابن سلمان لايزال يستلم زمام المبادرة في ظل تواجد والده في رأس الحكم، وبالتالي الامور بحاجة لانقلاب داخل العائلة بمساعدة امريكية.
رابعاً: ابن سلمان قد يحاول انجاز ضغطا معاكسا على ترامب ويتجه نحو الصين وروسيا وابرام اتفاقيات معينة معها لاعادة ترامب الى مربعه القديم وحماية ال سعود، والرئيس الامريكي والادارة الامريكية لن ترغب بمثل هذه الحركة لذلك لانعتقد بان واشنطن ستميل نحو التصعيد اكثر من ذلك مع السعودية، ولكن مراهقة ابن سلمان السياسية قد تدفعه للتحالف مع موسكو وبكين مهما كلف الثمن، وهنا قد تتغير السياسية العالمية وتتغير الاقطاب الحاكمة في العالم.
الادارة الامريكية لاتريد خسارة ال سعود تحت اي ظرف وما يقومون به ليس سوى تنبيه وتأنيب لولي العهد السعودي، وقد خفف المسؤولين الامريكيين من وقع القرار الاخير، حيث أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الجمعة صحة سحب منظومة الصواريخ، لكنه قال إن ذلك لا يشير إلى تراجع الدعم الأمريكي للسعودية، كما أنه ليس محاولة للضغط على الرياض بشأن القضايا النفطية.
وصرح في مقابلة إذاعية بأن "بطاريات صواريخ باتريوت موجودة هناك منذ مدة، وكان لا بد من إعادة تلك القوات".
في الختام؛ ترامب لن يتخلى عن سياسته في ابتزاز السعودية وحلب اموالها ويبقى السؤال هل تتخلى سعودية ابن سلمان عن الولايات المتحدة وما مصير العلاقات بينهما في حال اتجه ابن سلمان شرقا؟، قريبا جدا سنحصل على هذه الاجوبة.
ارسال التعليق