جريمة "الأحياء السكنية".. بين آل سعود والكيان الاسرائيلي
[-----------------------]
* جمال حسن
تناسق وتطابق الإجرام الذي يعانيه أبناء بلاد الحرمين الشريفين، وكذا أبناء فلسطين المحتلة، بكل اشكاله من اعتقال وتعذيب وقتل واغتيال وسجن وتشريد وملاحقة و.. له دلالة واسعة على تطابق أسباب التأسيس المتزامن لكياني الاحتلال السعودي والصهيوني وسياسة البطش التي ينتهجانها، كما كشف عنه "حاييم وايزمان" الرئيس الأول لدولة الكيان الإسرائيلية في مذكراته.
الكيانان يتسابقان وعلى مر السنوات الأخيرة على تغيير التراث الاسلامي الموجود في كلا البقعتين المقدستين، بلاد الحرمين الشريفين وفلسطين المحتلة وبوتيرة متسارعة وكأنهما في سباق حميم مع الزمن لتنفيذ ما يملى عليهما كون أن مصدر تأسيسهما واحد، حيث "إن إنشاء الكيان السعودي هو مشروع بريطانيا الأول.. والمشروع الثاني من بعده إنشاء الكيان الاسرائيلي بواسطته.." حاييم وايزمان.
كل من الكيانيين المحتليين يبحثان عن جذور وهمية لهما في الأرض المقدسة، فذاك الكيان اللقيط يجرف الأحياء السكنية والزراعية في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة خاصة في القدس القبلة الأولى للمسلمين بحثاً عن "تخت سليمان"؛ فيما آل سعود يبحثون عن أمجاد خيالية لهم في بلاد الحجاز ونجد والقطيف ويروجون لها عبر قنواتهم الفضائية كذباً وزرواً.
فقد أقدم آل سعود وبكل إجرام تراثي الذي يضاف الى إجرامهم الدموي البشع في كل مناحي حياة المواطن الحجازي، أقدم وخلال العقدين الماضيين الى تغيير المعالم التراثية الاسلامية لبلاد الوحي والتنزيل بكل حقد وكراهية خاصة في مكة المكرمة والمدينة المنور اللتان باتتا تضاهي مدن الملاهي الامريكية بعد تدمير التراث الإسلامي فيهما، ولنا في هذا المجال مقال آخر.
ربما يصقع القاريء الكريم إذا ما كشفنا من أنه ليس عشرات بل مئات الأحياء السكنية من مكة المكرمة وحتى القطيف والأحساء ومن المدينة المنورة حتى جازان ونجران وحفر الباطن، مروراً بالرياض والطائف وجدة وغيرهما من مدن التراث الإسلامي باتت اليوم مستهدفة من قبل سلطات محمد بن سلمان بذريعة التحديث الوهمية، فيما الهدف منها هو تشريد وتبديد النسيج الاجتماعي الذي يربك سلطة أبو منشار يوما بعد آخر.
وبدلاً من توجه السلطات الحاكمة الى مكافحة الفساد المستشري في جميع منافذها من اعلى القمة الى ادنى القاعدة، وتقديم الخدمات الصحية والبيئية والصرف الصحي لمناطق المملكة خاصة تلك التي تصاب بالنكبات الكبرى خاصة في فصول الأمطار، باتت تتذرع بقدم نسيج الأحياء السكنية التي غالبيتها قائم على الطراز الحديث ويضم وزارات ومراكز حكومية.
ففي مدينة جدة وحدها باتت العشرات من الأحياء السكنية مهدمة بالتجريف والتدمير بأمر مباشر من "بن سلمان" الأرعن وبقوة السلطة والسلاح، ولم يعد سكانها يعرفون مصيرهم ولا مستقبلهم ما دفع الى اعتلاء أصوات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي في هذا المجال والذي ذهب ضحيته عشرات المعتقلين حتى كتابة هذه السطور في شرق المملكة وغربها دون استثناء.
وبكل قباحة ووقاحة باتت السلطات السعودية تطلق على تلك الأحياء المتجذرة من سنوات بانها "عشوائية" لتبرير إجرامها الجديد بحق المواطنين العزل والمغلوب على أمرهم بحد الحرابة والخروج على الولي ليبقوا صامتين كما هو صمت الحجارة.. ومن تلك الأحياء في مدينة جدة هي حي الفهد (29057 نسمة)، وحي بترومين (أكثر من30050 نسمة)، وحي الثعالبة ( 10745)، وحي النزلة اليمانية (49210 نسمة) وغيرها.
حتى أن الكثير من أحياء جدة كما ذكرنا سلفاً تضم مراكز حكومية ووزارات حديثة التأسيس، مثل حي الروابي والذي يحتوي وزارة خدماتية، وحي بريمان (يحتوي وزارة ومقبرة)، وحي البغدادية الشرقية (يضم وزارة الخارجية)، وحي الشرفية (يحتوي مقاراً دبلوماسية)، وحي النزهة (يضم مبانٍ حكومية ودبلوماسية وتربوية فيه).
لقد استنكر مئات الناشطين الأحرار جريمة "بن سلمان "الجديدة ضد المواطن السعودي حيث تهجير السكان قسوة وعنوة وتحت السلاح، وعدم إعطائهم مهلة لإيجاد بدائل للسكن عوضاً عن بيوتهم التي تعرضت للإزالة، وذلك عبر مشاركتهم على وسم #هدد_جدة.. مشددين أن الأحياء التي تعرضت للإزالة تعتبر تراثية، وكان يجب الحفاظ عليها كتراث حضاري، وليس هدمها لإقامة مشاريع استثمارية للأجانب والصهاينة.
وكانت السلطات السلمانية القمعية قد أعلنت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، نيتها إقامة مشروع وسط جدة برعاية ولي العهد محمد بن سلمان، بميزانية تقارب الـ500 مليار ريال، مدعية أن الإزالة انتصار على "العشوائيات والجريمة"، فيما سياستهم هي عشوائية إجرامية حيث الفساد والنهب والسرقات يغطيهم من أعلى رأسهم الى أخمص أقدامهم.
لقد بدأت شراهة وجشع وشهية محمد بن سلمان الإجرامية المفتوحة نحو دمار بلاد الحرمين الشريفين بمرحلة التهجير القسري لقبيلة الحويطات بذريعة تأسيس مشروعه الذي ولد ميتاً "نيوم" وكان المواطن الشريف عبد الرحيم الحويطي أول قرابين تلك الجريمة البشعة، وسكوت المواطن السعودي هو من سمح لأبو منشار في التمادي نحو المناطق الأخرى في المملكة.
شهية محمد بن سلمان الإجرامية لن تنتهي ولن تقف عند هذا الحد بل ستتواصل حتى تدمير وإبادة آخر تراث اسلامي ونسيج اجتماعي لأبناء الحجاز في كل بقعة من بلاد الحرمين الشريفين’ فهو مأمور كما أسلافه القيام بذلك أسوة بأبناء عمومتهم بني صهيوني في فلسطين المحتلة.
هناك بناء مستوطنات لقطعان المستوطنين الوافدين من أقصى بقاع العالم بذريعة "العودة الى أرض الموعد" كذباً وزيفاً.. وهنا بناء مراكز ترفيه لتفسيق وإفساد المجتمع السعودي وإعداد الأرضية لعودة اليهود الصهاينة الذين طردهم رسول الله صلوات الله وسلامه عليه من بلاد الوحي والتنزيل الى دون رجعة.. وستستمر هذه السياسة مالم نرص الصفوف ونقف بقوة يد واحدة أمامها.
جدة ليست وحدها التي تعاني هذه المجزرة الجديد لأبن سلمان المتغطرس المتفرعن، بل أحياء عديدة مستهدفة في المنطقة الشرقية أيضاً حيث آلاف العوائل تم تدمير أحيائها السكنية واخرى تنتظر ذلك في العوامية والقطيف والاحساء وغيرها من المناطق النفطية، حيث يتم تشريد المواطنين وطردهم بقوة السلاح ومن لم يستجب يواجه عقوبة الخروج على الولي بحد الحرابة.
ثم أحياء جازان ونجران والطائف والرياض هي الاخرى تعاني نفس السياسة البشعة، حيث التهجير شمل آلاف العوائل حتى هذه اللحظة فيما يهد القسم الأكبر الاخر قريباً دون أن يعرف المواطنون الى أين يجب أن يذهبوا ومن الذي يعوضهم عن كل الخسائر التي تصيبهم.. هي على شاكلة تهجير الأسر الفلسطينية من النقب الى الجليل الأعلى ومن أقصى الضفة الغربية الى حيفا ويافا وسائر المدن الفلسطينية على سواحل البحر المتوسط.
المواطنون الأصليون في شبه الجزيرة العربية هم المستهدف الأول والأخير وليس الأجانب، ووجودهم واحيائهم قانونية مهندسية وليست "عشوائية" كما تزعم سلطة محمد بن سلمان، على شاكلة ما تزعمه سلطات الكيان تجاه المناطق الزراعية وأحياء سكان فلسطين الأصليين خاصة في القدس الشريف.
الهدف الحقيقي وراء حملة الإزالات للأحياء السكنية في مكة المكرمة وجدة والمنطقة الشرقية هي لكي يتم تبيض الأراضي وبيعها على مطورين عقاريين ومشاريع يملكها امراء بمليارات الدولارات، عملية فساد سياسي ومالي كاملة الأركان خطيرة جدا التدارك يجب ان يكون سريع، حيث الضحية هم المواطنون الفقراء.
أنه تهجير قسري للأهالي من منازلهم برعب السلاح وقوة السلطة القمعية وقضائها الفاسد، لصالح أصحاب المشاريع الاستثمارية هو ظلم بَين بحق سكان الحجاز الأصليين، تاركتهم في العراء دون مأوى أو ملاذ يحتمون به أو مكان يلوذون اليه، ودون تعويضات حتى هذه اللحظة.
ارسال التعليق