
السلطات السعودية تتخبط بتخفيض أسعار نفطها
خفّضت "السعودية" أسعار البيع الرسمية لنفطها للشهر المقبل، مسجلة بذلك الانخفاض الأشد حدة على سعر النفط المباع في آسيا منذ أربع سنوات، حيث من المتوقع أن ينخفض سعر الخام العربي الخفيف الرئيسي بمقدار 2.30 دولار للبرميل في مايو.
الإعلان عن تخفيض أسعار النفط وزيادة إنتاجه؛ أتى تزامنا مع الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على جميع الشركاء التجاريين- ولا سيما الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم- وعقب دعوة ترامب للقيام بتخفيض أسعار النفط سابقا بُغيةَ تقليل التضخم وزيادة الضغط على روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا، حسبما أفادَت وكالة “بلومبرغ” في السادس من أبريل الجاري.
أما على الصعيد الداخلي، فيهدد انخفاض الأسعار بحذف عشرات المليارات من الدولارات من الإيرادات السعودية، إلى جانب الانخفاض المخطط له في توزيعات الأرباح من شركة "أرامكو" التي تمتلك "الحكومة السعودية" الجزء الأكبر من أسهمها.
إلى ذلك، وفي حين يُقدّر صندوق النقد الدولي وخبراء اقتصاديون حاجة الرياض إلى أن يتجاوز سعر برميل النفط 90 دولارًا أمريكيًا لتحقيق التوازن في ميزانيتها، انخفض سعر خام برنت القياسي إلى ما دون 65 دولارًا أمريكيًا هذا الأسبوع.
ووفقا لوكالة "رويترز": بينما تموّل "السعودية" برنامج "رؤية 2030 " من خارج الميزانية، فإن الحكومة تحتاج إلى الإنفاق على مشاريع البنية التحتية الضخمة المرتبطة بالمشاريع، الذي كان هدفه بداية إفطام الاقتصاد عن " إدمان النفط" .
ويعتمد صندوق الاستثمارات العامة، الذي تبلغ قيمته 925 مليار دولار، والذي يموّل رؤية 2030 بشكل أسياسي، على النفط، بما في ذلك من خلال أسهمه في أرامكو.
قالت كارين يونج، الباحثة البارزة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، في إشارة إلى العجز المالي وعجز الحساب الجاري: "من المرجح أن تعتمد المملكة العربية السعودية على التمويل بالديون، وسيتعين عليها تأخير أو تقليص بعض جوائز العقود المخطط لها نظرًا لأن عام 2024 كان بالفعل في عجز مزدوج".
وقبل إعلان الرسوم الجمركية الأمريكية، قالت الباحثة إن المحللين توقعوا ارتفاع الدين العام السعودي بمقدار 100 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة. وقفز الدين بنسبة 16% ليصل إلى أكثر من 324 مليار دولار في عام 2024، وفقًا للأرقام الرسمية.
وفقًا لحسابات رويترز، من المتوقع أيضًا أن تنخفض أرباح أرامكو بمقدار الثلث هذا العام، مما يعني أن الحكومة ستخسر حوالي 32 مليار دولار وصندوق الاستثمارات العامة سيخسر 6 مليارات دولار.
كان قد شكّل النفط 62% من إيرادات الحكومة العام الماضي، ولم تتوقع الرياض إيرادات النفط هذا العام، لكنها توقعت في ميزانيتها لعام 2025، التي صدرت في نوفمبر، انخفاضًا بنسبة 3.7% في إجمالي الإيرادات.
وفق تقدير "رويترز"، من المرجح أن يسعى صندوق الاستثمارات العامة السعودي لإعادة هيكلة استثماراته إلى الحصول على تمويل إضافي، وفقًا لمحللين. وكان محافظ الصندوق، ياسر الرميان، قد صرّح العام الماضي بأن الصندوق يعتزم زيادة استثماراته السنوية إلى 70 مليار دولار بين عامي 2025 و2030، من 40 إلى 50 مليار دولار.
كانت البورصات “الخليجية” شهدت تراجعات قوية مع إغلاق تعاملاتها، وذلك في مؤشر على تداعيات قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأربعاء، فرض رسوم جمركية جديدة على جميع دول العالم، ما هزّ الأسواق المالية، وأثار موجة من التخوفات الاقتصادية.
وبحسب بيانات كشفت عنها بحوث شركة “كامكو إنفست”، فقد فقدت بورصات “الخليج” من قيمتها السوقية ما يناهز 51.5 مليار دولار أمريكي الخميس. وفي صدارة الخسائر، جاء السوق السعودي بواقع 39.3 مليار دولار، حيث تراجع إثر ذلك بـ1.5 في المئة، تلاه سوق أبوظبي بخسائر 6.6 مليارات دولار وبتراجع نسبته 0.9 في المئة.
إلى ذلك، جاء سوق دبي المالي بما يناهز 3.9 مليارات دولار، حيث تراجع بنسبة 1.6 في المئة، ثم أخيرا أتت بورصة الكويت، وذلك بخسائر 500 مليون دولار وبتراجع نسبته 0.4 في المئة. تعدّ “السعودية” ثاني أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في المنطقة العربية بعد الإمارات. وبلغ إجمالي تجارة السلع الأميركية مع “السعودية” نحو 25.9 مليار دولار في عام 2024. حيث بلغت صادرات السلع الأميركية إلى “السعودية” عام 2024 ما قيمته 13.2 مليار دولار، بانخفاض قدره 4.8% عن عام 2023. وبلغ إجمالي واردات أميركا من “السعودية” 12.7 مليار دولار في عام 2024، بانخفاض قدره 19.9% عن عام 2023. وبلغ فائض تجارة السلع الأميركية مع “السعودية” نحو 500 مليون دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 121.6% عن عام 2023.
ارسال التعليق