الغارديان إذا لم نتصدى للسعودية فإن السلفية ستنتصر
بعد الكشف عن استخدام القوات السعودية أسلحة عنقودية بريطانية الصنع في عدوانها على اليمن أثيرت تساؤلات عمّا تكسبه بريطانيا من علاقتها بالسعودية.
وقالت صحيفة “الغارديان” البريطانية في مقال “إننا نعرف بدرجة ما نربحه من السعودية بصيغة عقود في قطاع الدفاع، لكن ما نحصل عليه نتيجة التعاون الاستخباري معها يبقى أقل وضوحاً”.
وألمحت الصحيفة إلى وجود شيء من التناقض بين عامل التعاون الاستخباري بين بريطانيا والسعودية، والذي يفترض أن يساعد على مقاومة التطرف، وبين حقيقة دعم بريطانيا للسعودية والسلفية الوهابية التي تعتبر عاملاً أساسياً في ظهور الإرهاب، مشبهة ذلك بضرب شخص على ساقه، ومن ثم تقديم ضمادات لمداواته.
وعلى ضوء معركة الأفكار التي يخوضها العالم مع التطرف أوضحت الصحيفة أنه ربما يكون من الخطأ القول بأن عنصر الأفكار هو جلّ ما ينبغي فهمه، وأن الأموال والعامل الاقتصادي عديما الأهمية قبل أن تعود وتشدد على أهمية العنصر الأول في بلد أو نظام سياسي يجب أن يستند إلى فكرة كما هو الحال في بريطانيا.
وأضافت الصحيفة بأن السؤال الجوهري يتمحور حول ما إذا كانت أفكار تنظيمي “القاعدة” و “داعش” التي تشجع على التعصب والكراهية والقائمة على الفهم المشوّه لمسألة العدالة تتفوق على أفكارنا بشأن الحرية والتسامح والعدالة.
وتابعت الصحيفة بأن المتطرفين يقولون بأن أجسادهم هي بمثابة صواريخ “كروز” وقنابل عنقودية، فإذا لم تكن لدينا الوسائل المناسبة لتغيير هذه الأفكار فإنهم سيواصلون هذا النهج المتطرف وسيفوزون، ونخسر نحن في نهاية المطاف، على حد تعبير الصحيفة.
وأوضح المقال الذي حمل عنوان “حان الوقت كي تقوم بريطانيا بإخبار السعودية بالحقائق المرّة” إن احتساب ما تكسبه لندن من علاقاتها بالرياض يجب أن يقترن باحتساب ما تخسره العاصمة البريطانية بسبب هذه العلاقات.
وتابع المقال بأن “خسارتنا لبعض مصداقيتنا لهو أمر سيء، إلاّ أن خسارتنا لكرامتنا لهو أمر أكثر سوءاً، وربما أشد وطأة وكارثية” في إشارة إلى دعم بريطانيا للقوات السعودية في عدوانها على اليمن.
وأضاف المقال: “لا يمكننا أن نعبر عن استنكارنا لاستخدام الأسلحة المحرّمة ضد المدنيين في حلب، وأن نقوم في نفس الوقت بتوريد مثل هذه الأسلحة إلى اليمن”، موضحاً أنه ليس من الصحيح بشيء أن نأخذ أموال دول مجلس التعاون كالسعودية أو الإمارات أو البحرين، وأن نقوم في المقابل بإخبارهم ما نعتقد أنهم يودون سماعه حول مخاوفهم ومنطقتهم، فضلاً عن غياب الأمن واليقين بشأن استمرار عروشهم.
وأردف المقال بأن السعوديين هم الآن في موقف صعب في الوقت الذي لا يسهم فيه عدوانهم على اليمن بجعل الأمور أفضل، وأنهم بحاجة لسماع بعض الرسائل القاسية، معتبراً أن من واجب بريطانيا إبلاغهم برسائل من هذا النوع”.
كما شدّد المقال على أن مسائل الأفكار والدين تعد هامة إلى حد كبير، وأن المواجهة الطائفية في الشرق الأوسط لن تزيد الأمور إلا سوءاً إذا لم تتظافر جهود المجتمع الدولي لإعادتها إلى مسارها الصحيح، مبدياً إستهجانه من موقف بريطانيا المنحاز في خضمّ هذه المواجهة ومشيداً بالموقف الألماني في هذا المجال.
وعن مدى ثقل النفوذ البريطاني في دول مجلس التعاون رأى المقال أنه “لم يعد كما كان في السابق، وأن الأسئلة الأكثر أهمية تتمحور حول ما إذا كان يتم توظيفه في الاتجاه الصحيح، سواء في اتجاه تثبيت الاستقرار وإرساء حلول طويلة الأجل للصراع القائم، أو في اتجاه تعزيز أجندة وزارة المالية البريطانية”.
واعتبر المقال إن وزير الخارجية البريطاني “بوريس جونسون” يملك الإجابة على هذا التساؤل، مشيراً إلى أن لندن تحتاج في هذه الحالة إلى أن تتحلى بالشجاعة لقول الحقيقة وإخبار السعودية وحلفائها، وإلاّ فإن الفوز سوف يكون من نصيب “داعش” وأعوانه.
ارسال التعليق