
رسوم ترامب تكبد السوق السعودي أكبر خسارة منذ خمسة أعوام
شهدت البورصة "السعودية" تراجعاً حاداً بنسبة 6.78%، وهي أكبر نسبة هبوط منذ جائحة كوفيد-19، بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على صادرات "السعودية"، بما في ذلك النفط والأسمدة.
حيث فقد المؤشر الرئيسي "تاسي" نحو 800 نقطة، ليصل إلى 11,077 نقطة، في جلسة وصفت بـ"الدامية" بعد تراجع أسهم 252 شركة، بينما صعد سهم واحد فقط.
وتحملت "أرامكو" الجزء الأكبر من الخسائر، حيث انخفضت قيمتها السوقية بأكثر من 340 مليار ريال (90 مليار دولار)، بينما تراجعت قطاعات المرافق العامة بنسبة 8.4%، والمصرفي 6.9%، والاتصالات 5.9%، والطاقة 5.29%.
وأفقدت هذه التطورات السوق نحو نصف تريليون ريال من قيمته السوقية خلال يوم واحد، وفقاً لبيانات رسمية.
امتدت موجة الهلع إلى الأسواق العالمية، حيث شهدت البورصات الأوروبية والآسيوية افتتاحاً هبوطياً.
يأتي القرار الأمريكي قبل زيارة متوقعة لترامب إلى "السعودية" الشهر المقبل، والتي قد تشمل محادثات حول تعديل الرسوم.
وتُعد "السعودية" شريكاً تجارياً رئيسياً للولايات المتحدة، حيث بلغ إجمالي التبادل التجاري بين البلدين نحو 25.9 مليار دولار في عام 2024. حيث بلغت صادرات السلع الأميركية إلى “السعودية” عام 2024 ما قيمته 13.2 مليار دولار، بانخفاض قدره 4.8% عن عام 2023. وبلغ إجمالي واردات أميركا من “السعودية” 12.7 مليار دولار في عام 2024، بانخفاض قدره 19.9% عن عام 2023. وبلغ فائض تجارة السلع الأميركية مع “السعودية” نحو 500 مليون دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 121.6% عن عام 2023.
وفي حين يميل الميزان التجاري لصالح واشنطن حالياً، أشار محللون إلى أن الرسوم قد تدفع الرياض لفرض إجراءات مماثلة، أو التركيز على تعزيز التعاون في مجالات أخرى، مثل الاستثمارات العسكرية والطاقة.
إلى ذلك، خفّضت “السعودية” أسعار البيع الرسمية لنفطها للشهر المقبل، مسجلة بذلك الانخفاض الأشد حدة على سعر النفط المباع في آسيا منذ أربع سنوات، حيث من المتوقع أن ينخفض سعر الخام العربي الخفيف الرئيسي بمقدار 2.30 دولار للبرميل في مايو.
الإعلان عن تخفيض أسعار النفط وزيادة إنتاجه؛ أتى تزامنا مع الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على جميع الشركاء التجاريين- ولا سيما الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم- وعقب دعوة ترامب للقيام بتخفيض أسعار النفط سابقا بُغيةَ تقليل التضخم وزيادة الضغط على روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا، حسبما أفادَت وكالة “بلومبرغ” في السادس من أبريل الجاري.
أما على الصعيد الداخلي، فيهدد انخفاض الأسعار بحذف عشرات المليارات من الدولارات من الإيرادات السعودية، إلى جانب الانخفاض المخطط له في توزيعات الأرباح من شركة “أرامكو” التي تمتلك “الحكومة السعودية” الجزء الأكبر من أسهمها.
إلى ذلك، وفي حين يُقدّر صندوق النقد الدولي وخبراء اقتصاديون حاجة الرياض إلى أن يتجاوز سعر برميل النفط 90 دولارًا أمريكيًا لتحقيق التوازن في ميزانيتها، انخفض سعر خام برنت القياسي إلى ما دون 65 دولارًا أمريكيًا هذا الأسبوع.
ووفقا لوكالة “رويترز”: بينما تموّل “السعودية” برنامج “رؤية 2030 ” من خارج الميزانية، فإن النظام السعودي يحتاج إلى الإنفاق على مشاريع البنية التحتية الضخمة المرتبطة بالمشاريع، الذي كان هدفه بداية إفطام الاقتصاد عن ” إدمان النفط”.
ويعتمد صندوق الاستثمارات العامة، الذي تبلغ قيمته 925 مليار دولار، والذي يموّل رؤية 2030 بشكل أسياسي، على النفط، بما في ذلك من خلال أسهمه في أرامكو.
يذكر أن ترامب أعلن فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، ورسوم جمركية أعلى على السلع من حوالي 60 دولة أو تكتلًا تجاريًا تعاني من عجز تجاري كبير مع الولايات المتحدة. ويشمل ذلك الصين والاتحاد الأوروبي، حيث ستُفرض عليهما رسوم جمركية جديدة بنسبة 34% و20% على التوالي. وتمثل إجراءات ترامب الأخيرة أكبر تصعيد في الرسوم الجمركية الأمريكية منذ ما يقرب من قرن، منذ قانون سموت-هاولي لعام 1930. لكن الخلاف التجاري لا يتوقف عند هذا الحد. وتقول الدول الأجنبية، بما في ذلك حلفاء الولايات المتحدة القدامى، إن رسوم ترامب الجمركية لن تمر دون رد، مما يُمهد الطريق لحرب تجارية عالمية متبادلة قد تخرج عن نطاق السيطرة بسرعة. ومن شأن هذا التطور أن يُفاقم التضخم ويُثقل كاهل المستهلكين الأمريكيين، الذين يُعاني الكثير منهم بالفعل من ضائقة مالية.
إلى ذلك، أعلن ترامب، أول من أمس، عن تعليق مؤقت لمدة 90 يوما للرسوم الجمركية الجديدة التي فُرضت مؤخرا.
ورغم أن هذا التعليق لقي ترحيبا نسبيا من الأسواق وبعض العواصم الغربية، فإن الصين بقيت مستثناة بشكل صريح من هذا القرار، بل تعرضت لزيادة إضافية في الرسوم الجمركية المفروضة على صادراتها، وصلت إلى 125%
هذا التمييز في التعامل أثار تساؤلات عميقة عن الأهداف الحقيقية وراء هذه المناورة التجارية، وما إذا كانت تمهيدا لتسوية أوسع أو مجرد خطوة تكتيكية لكسب الوقت وتخفيف الضغوط الداخلية والدولية.
ارسال التعليق