آخرها قوات بريطانية.. لماذا استقدمت السعودية قوات أجنبية لتأمين منشآتها؟
التغيير
تعيش المملكة على وقع تهديدات متزايدة بسبب الحرب اليمنية الدائرة منذ ست سنوات من جهة، وبسبب التصعيد المتواصل بين الولايات المتحدة وإيران من جهة أخرى، ما دفعها للبحث عن قوات خارجية لتأمين منشآتها النفطية الحيوية من التهديدات المحتملة.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، أصبحت المنطقة تعيش حالة من عدم اليقين بشأن الخطوات التي يمكن للرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب أن يتخذها ضد إيران خلال الأسابيع القليلة المتبقية له في الحكم.
وبينما يواصل أنصار الله قصف المنشآت النفطية الحيوية للمملكة، ويهددون بمزيد من القصف، فإن الولايات المتحدة تخطو خطوات واسعة باتجاه إشعال نيران الحرب في المنطقة، حتى وإن كانت تهدف إلى الضغط وليس للحرب.
ومنذ 2019، تكررت عمليات استهداف أنصار الله للمنشآت في المملكة، والتي كان آخرها استهداف أحد مواقع أرامكو في جدة غربي المملكة بصاروخ مجنّح، الاثنين 23 نوفمبر، واستهداف سفينة تجارية يونانية بزورق ملغم في ميناء الشقيق، الأربعاء 25 نوفمبر.
هذه المخاوف المتزايدة من احتمال انتقال الاستهداف الأمريكي لإيران من الضغط إلى الحرب، بالإضافة إلى زيادة وتيرة استهداف المنشآت النفطية من حدودها الجنوبية، دفعت المملكة للاستعانة بقوات أجنبية لحماية هذه المنشآت.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أكد، في يونيو الماضي، أن جهات التحقيق الأممية أكدت أن صورايخ "كروز" التي طالت مصفاة أرامكو هي من أصل إيراني.
وتسببت الهجمات التي وقعت منتصف سبتمبر 2019، بواسطة 18 طائرة مسيّرة وثلاثة صواريخ حلقت على ارتفاع منخفض، في زيادة حادة بأسعار النفط. وأوقفت إنتاج ما يزيد على 5% من إمدادات النفط العالمية.
قوات بريطانية
وتحولت المملكة إلى هدف استراتيجي لإيران؛ خاصة أن الرياض دعمت بقوة كافة الإجراءات التي اتخذتها واشنطن ضد طهران منذ وصول ترامب للحكم، وهو ما دفعها للبحث عن حماية خارجية لمنشآتها في ظل تصاعد الخطر.
وفي هذا الصدد أكدت وزارة الدفاع البريطانية، الجمعة 27 نوفمبر، ما كشفته صحيفة "الإندبندنت" بشأن إرسال قوات لتأمين المنشآت النفطية في المملكة. وقالت إن الأمر عقب الهجوم الذي طال مصفاة لأرامكو، في سبتمبر 2019.
وأرامكو هي أكبر شركة لإنتاج النفط في العالم، وهي عماد الاقتصاد في المملكة القائم على تجارة الطاقة بالأساس؛ لكونها أكبر مصدّر للنفط في العالم.
وأوضحت الوزارة البريطانية أنها أرسلت جنوداً إلى المملكة ، في فبراير من العام الجاري، لكنها رفضت كشف عدد هؤلاء الجنود أو مدّة مهمتهم؛ بسبب السرية العملياتية.
وقال متحدث باسم الوزارة لشبكة "الجزيرة" إنه تم نشر قوة للدفاع الجوي في المملكة لحماية منشآت نفطية. مضيفاً أن نشر منظومات جيراف (الزرافة) الدفاعية في المملكة محدود زمنياً، لكنه لم يحدد الجداول الزمنية أو عدد الجنود المشاركين.
وتقول الوزارة البريطانية إن حقول النفط في المملكة "بنية تحتية اقتصادية بالغة الأهمية"، وإنه جرى بحث حماية هذه المنشآت مع شركاء دوليين عقب هجمات سبتمبر 2019.
ونقلت "إندبندنت" عن الوزارة أن هناك حاجة إلى مدافع من الفوج الـ16 للمدفعية الملكية للمساعدة في الدفاع ضد ضربات الطائرات المسيرة.
وكان الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع قد أعلن، في يونيو الماضي، إرسال بريطانيا قوات عسكرية ومنظومات دفاعية إلى المملكة، دون تفاصيل.
وردّاً على هذه المعلومات قال أنصار الله إن نشر قوات بريطانية أو أمريكية على سواحل المملكة لن يغير شيئاً في الأوضاع.
وقال عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد البخيتي، إن بريطانيا والولايات المتحدة جزء مما وصفه "بالعدوان على اليمن".
وحذر البخيتي -في لقاء مع الجزيرة- شركات النفط الأجنبية من البقاء في المملكة، كما حذر سفن الشحن من المرور عبر موانئ المملكة، مؤكداً أن كل المنشآت في المملكة باتت هدفاً مشروعاً لأنصار الله.
حملة تخويف
وأرسلت الولايات المتحدة 4 قاذفات B52 إلى قاعدة قريبة من إيران، ولاحقاً أعادت حاملة الطائرات "يو إس نيميتز"، ومجموعة سفن حربية إلى مياه الخليج، بعد ساعات من اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، السبت 28 نوفمبر.
وزاد مقتل فخري زاده من التوتر في المنطقة المتوترة أساساً؛ حيث اتهمت الحكومة الإيرانية "إسرائيل" بالوقوف وراء عملية الاغتيال، وقالت إنها اتخذت قراراً بالرد.
المحلل الاقتصادي الأردني نمر أبو كف يرى أن كل التوترات الحاصلة حالياً لا تتجاوز كونها حملة ترهيب ودعاية ممنهجة لإجبار دول الخليج على شراء مزيد من الأسلحة الأمريكية والغربية عموماً.
وفي تصريح لـ" التغيير" قال أبو كف إن هذه القوات البريطانية محل الحديث ليست جديدة، كما أن الوجود الأجنبي لحماية المنشآت في المملكة ليس جديداً هو الآخر؛ لكون المملكة استعانت بقوات من 15 دولة أجنبية قبل بريطانيا لحماية منشآتها، وكان آخرها فرنسا.
لكن الجديد في هذه القوات هو أنها تضم وحدة دفاع جوي متقدمة، وهو ما يعني أن المليارات التي أنفقتها المملكة على الأسلحة لم تنجح في التصدي لمسيّرات أنصار الله وصواريخهم، بحسب أبو كف.
ولفت المحلل الأردني إلى أنه حتى في ظل وجود وحدة الدفاع البريطانية فإن المملكة تعرضت مؤخراً لضربات بمسيّرات من أنصار الله، ما يعني أن القوات الأجنبية أيضاً لم تنجح في مهمتها بشكل كامل.
وأكد أبو كف أن ما يحدث من تصعيد مع إيران ليس حلقة جديدة من حلقات الابتزاز الأمريكي للمملكة، مضيفاً: "اللقاء الذي يقال إنه جمع بن سلمان برئيس وزراء الاحتلال غالباً كان يبحث صفقات أسلحة جديدة".
ولفت المتحدث إلى أن دولة الاحتلال غالباً سيكون لها نصيب من هذه الصفقات؛ لأن هدفها الأول من التطبيع حالياً هو تحقيق مكاسب اقتصادية عبر اختراق أسواق الخليج، ولا سيما من باب بيع الأسلحة.
وفي حال وقعت عملية عسكرية بالمنطقة -يقول أبو كف- فإن ذلك بلا شك سيرفع أسعار النفط بشكل جنوني؛ لكون غالبية صادرات النفط العالمية تمر من مضيف هرمز، ومن ثم فإن توقف حركة النقل ستزيد الطلب بشكل يحدث زيادة كبيرة جداً في الأسعار.
ارسال التعليق