اتفاقية دفاعية أمريكية مع السعودية: ماذا تعني لواشنطن
لا يُناقش أمر اتفاقية دفاعية بين الولايات المتحدة الأميركية و"النظام السعودي" في الداخل الأميركي من زاوية أبعد من كونها اتفاقية قد تكون اضطرارية لأميركا نفسها ومصالحها في المنطقة، بل أن القراءات بأغلبها تتركز على رفض هكذا اتفاقية عسكرية طُرِحت بداية مع طرح التطبيع "السعودي- الإسرائيلي".
سيُسلّم الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن، منصبه للرئيس المُنتخب دونالد ترامب، دون تحقيق أحد أبرز وأهم ما وعد بتحقيقه في منطقة "الشرق الأوسط"، وهو إتمام صفقة التطبيع بين الكيانين السعودي والإسرائيلي، وهي الصفقة التي تم عرقلتها بشكل أساسي إبّان الهجوم البطولي للمقاومة في غزة على الشبكة الأمنية والعسكرية للعدو، في السابع من أكتوبر العام الماضي.
وأمام ما تقترحه منظمات ومحللون أن تعاوناً دفاعيا مع الرياض من شأنه أن "يقلل من الحاجة إلى التدخل الأمريكي المباشر"، وما يروجه باعتبارها رادعًا محتملًا ضد إيران، فضلاً عن كونها "فرصة لأمريكا لإجبار السعودية على قطع العلاقات مع بكين، مما يمنع الرياض من الانجراف إلى مجال نفوذ الصين"، ردود فعل معاكسة تقول أن اتفاقا أمنيا رسميا بين الولايات المتحدة و"السعودية" من شأنه أن يخاطر بزعزعة توازن القوى في الشرق الأوسط ويزيد من رؤية إيران لأميركا باعتبارها تهديدا".
من بين هذه الأصوات، جنيفر كافاناغ من مؤسسة أولويات الدفاع، رأت أن الشراكة مع "جهات مزعزعة للاستقرار مثل "السعودية" من شأنها أن تزيد من تورط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط". وبالفعل نُظر للولايات المتحدة على أنها تفقد مشروعيتها المُزعمة سيما حين قامت بتسليح التحالف السعودي الإماراتي في عدوانه في عام 2015 على اليمن، وما أفرزته الحرب من مئات آلاف الشهداء من المدنيين.
بالإضافة إلى ما يُحكى عن سوء إدارة المساعدات العسكرية، فيرى مراقبون أن تخصيص المعدات التي قد تحتاجها أو تطالب بها "السعودية" لتمكين قدراتها الدفاعية من شأنه أن ينتقص من المصالح الأمريكية في مسارح القتال الأخرى ذات الأولوية الأهم بالنسبة لأميركا، وهي منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ومع الحرب المستمرة في أوكرانيا والصراع المحتمل مع الصين بشأن تايوان، فإن القدرة الصناعية العسكرية الأمريكية، ستواجه المزيد من الضغوط.
وتفتقر القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية أيضاً إلى القدرة الكافية على مواجهة أي زيادة مفاجئة في أعداد القوات في حالة اندلاع حرب كبرى.
فوفق مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي، فإن القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية تفتقر إلى القدرة الكافية على مواجهة أي زيادة مفاجئة في أعداد القوات في حالة اندلاع حرب كبرى.
يفصّل مركز الدراسات خلفيات هذه الضغوط غير الجديدة ولكن المحدّثة مع تطورات الأحداث: أولا، الحرب في أوكرانيا تشكّل تذكيرا صارخا بأن أي صراع طويل الأمد اليوم من المرجح أن يكون حربا صناعية. ثانيا، ما كشفته الحرب في أوكرانيا عن عيوب خطيرة في القاعدة الصناعية الدفاعية الحالية في الولايات المتحدة.
هذه الضغوط تتمثل في إحدى أهم أوجهها في أن مخزون واشنطن من الصواريخ، سواء الهجومية أو الدفاعية، يتضاءل. فقد كتب مايك فريدينبورج، في معهد كوينسي، المتخصص بدراسات الدفاع الأمريكية، خلال الشهر الجاري، أن أميركا في في حروبها في أوكرانيا والشرق الأوسط كانت تستخدم صواريخها وتوزعها بشكل أسرع مما يمكنها إنتاجها.
من جهة أخرى، يرى أليكس ليتل، المختص بالشؤون الروسية وشؤون آسيا الوسطى، أن "المخاوف من أن تحل الصين محل الولايات المتحدة كضامن للأمن في الشرق الأوسط لا أساس لها من الصحة. فالصين لا تملك القدرة على فرض قوتها في الشرق الأوسط، وهي تعارض بشدة التدخل العسكري والتحالفات وإقامة القواعد، نظراً لأن المغامرات الأميركية في المنطقة تشكل حكايات تحذيرية".
معتبراً أن "بكين سعيدة للغاية برؤية أميركا متورطة فيما تعتبره مستنقعاً. ولا يشكل النهج الصيني القائم على التعامل مع المنطقة أي تهديد للمصالح الفعلية المحدودة لواشنطن في الشرق الأوسط".
ارسال التعليق