السعودية تجبر التجار بالقوة على مقاطعة المنتجات التركية
التغيير
بدأت حملة المقاطعة للمنتجات التركية تأخذ منحى جديدا، بعد إجبار أجهزة الأمن التجار في المملكة، بالقوة والعنف والتهديد على مقاطعة المنتجات.
وبالفعل، بدأت متاجر في المملكة بإزالة منتجات تركية مختلفة بعد دعوات الى مقاطعة هذه المنتجات مع احتدام التنافس بين الرياض وأنقرة.
وقال عدد من التجار لـ”التغيير” إن أجهزة الأمن قامت بالتهديد والوعيد ضد التجار – في حال استيرادنا من تركيا – وأشاروا إلى أن من بين التهديدات: منعهم من التجارة والاعتقال.
ولطالما تنافست المملكة وتركيا على قيادة العالم الإسلامي، لكن التنافس الإقليمي بينهما تعزز عقب مقتل الصحافي جمال خاشقجي في عام 2018 في قنصلية بلاده في اسطنبول.
واشتكى مصدّرون أتراك للمنسوجات وبضائع أخرى مؤخرا من تأخير مبالغ به في الجمارك في المملكة. وأوائل الشهر الجاري، دعا رئيس غرفة التجارة إلى “مقاطعة كل ماهو تركي”، مؤكدا أنها “مسؤولية كل مواطن، التاجر والمستهلك، رداً على استمرار العداء من الحكومة التركية على قيادتنا وبلدنا ومواطنينا”.
وأعلنت سلاسل متاجر كبرى في المملكة بينها أسواق عبد الله العثيم وتميمي وباندا أنها ستتوقف عن استيراد وبيع المنتجات التركية.
وقالت أسواق عبد الله العثيم في بيان عبر تويتر إن القرار جاء “تضامنا مع الحملة الشعبية للمقاطعة”، مؤكدة أن “قادتنا وحكومتنا وأمننا هم خط أحمر لا يقبل المساس”.
وذكرت بعض المحلات التجارية أنها ستواصل بيع المنتجات التركية الى حين نفاذ المخزون الحالي.
وقال أحد التجار إن : “المسألة حساسة للغاية”، رافضا التطرق إلى مصير البضائع التي لم يتم بيعها أو الخسائر التي سيتكبدها المتجر.
كما كشف بيانا مشتركا عن ثماني مجموعات تركية بارزة أن الشركات في المملكة “أُجبرت على توقيع خطابات تلزمها بعدم استيراد منتجات من تركيا”.
والعام الماضي، واجه السياح في المملكة دعوات الى مقاطعة تركيا، وهي وجهة شهيرة في المنطقة لتمضية العطلة. كما صدرت دعوات للتوقف عن شراء العقارات في تركيا.
وليس واضحا السبب المباشر لانطلاق مقاطعة البضائع التركية مؤخرا، ولكن البلدين يتصارعان على النفوذ في العالم الإسلامي، وهناك خلافات بين أنقرة والرياض في قضايا إقليمية من ليبيا إلى سوريا وحتى إسرائيل.
ورأت كارين يونغ من معهد “أميركان إنتربرايز” أن هذا “نوع من الاستعراض السياسي”.
وبحسب يونغ، فإن هذا “تكتيك للاستهلاك المحلي، وإشارة من الدولة للمواطنين لتحديد خصم خارجي”.
ويستبعد مراقبون أن تخضع الحكومة التركية لهذه الضغوط.
و المملكة في المرتبة 15 فقط من بين الأسواق الكبرى للصادرات التركية. وبين المواد الأساسية التي يتم شراؤها في المملكة من تركيا، المنسوجات والمواد الكيميائية والمفروشات والسجاد والحديد.
ورجح الصحفي والاقتصادي مصطفي عبد السلام، فشل حملة المقاطعة للبضائع التركية، عازيا الأمر لعدة أسباب.
وقال عبد السلام، في مقال، دعوات حملة المقاطعة تلك لم تجد قبولاً في الشارع العربي وأذاناً صاغية لدى المستهلك، ودليل ذلك الأرقام الرسمية الصادرة من وزارة التجارة ومعهد الإحصاء التركيين.
وأضاف عبد السلام: صحيح أن الصادرات التركية لدول المنطقة تراجعت في عام 2020، لكن التراجع لم يكن بسبب حملة المقاطعة التي خفتت بشدة إلى أن اختفت تماماً.
وتطرق إلى أن الملاحظ أن حملة هذا العام تخلت عن “خجلها وتحفظها الرسمي المعهود”، فقد تبنتها جهات محسوبة على مؤسسات رسمية، منها مجلس الغرف التجارية في المملكة وغرفة الرياض، ووسائل إعلام ومواقع تواصل اجتماعي قريبة من النظام الحاكم في الرياض.
وكذلك مشاركة مقربين من دوائر الحكم وأمراء من الأسرة الحاكمة لا يشغلون مناصب في المملكة مثل الأمير عبد الرحمن بن مساعد.
وتساءل: هل تنجح دعوات مقاطعة السلع التركية هذه المرة، فيما فشلت فيه في ذروة ملف مقتل خاشقجي؟
وأجاب عبد السلام: لا، فهذه الدعوات وغيرها مصيرها الفشل ولن تؤتي ثمارها لسبب بسيط، وهو أن المملكة لا تنتج ما يلبي حاجة المستهلك، وأنها تعتمد على الخارج في تغطية احتياجات أسواقها ومصانعها ومنشآتها التجارية.
وأشار أيضا إلى أن السوق التركي يعد من أبرز الأسواق الخارجية أمام المستورد للمملكة لأسباب عدة منها جودة المنتج التركي ورخص سعره.
وبحسب خريطة الواردات في المملكة تشير إلى أن المملكة تستورد كل شيء. وحسب خريطة الميزان التجاري، فإن المملكة تستورد الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاءها والسيارات والعربات ومعدات النقل والبتروكيماويات واللدائن والمطاط ومصنوعاتهما ومنتجات الصناعات الكيماوية وما يتصل بها والوقود وغيرها.
وقال الاقتصادي: لن أتحدث هنا عن واردات الملابس والسجاد والمنسوجات والسلع الغذائية والزيوت والخضروات والفواكه والحبوب والأثاث وأدوات المائدة والصلب والسيراميك. حتى السبح والسجاجيد والجلباب وفوانيس رمضان والهدايا يتم استيرادها من تركيا وغيرها من دول العالم مثل الصين.
وأكد أن حال المملكة لا يختلف كثيرا عن حال دول الخليج، حيث تشير الأرقام إلى أن حجم واردات الدول الست من الغذاء مثلا يبلغ نحو 53 مليار دولار، منها 20 مليار دولار للإمارات وحدها.
كما تستورد دول مجلس التعاون نحو 90% من احتياجاتها من الغذاء، وتستورد المملكة نحو 70% من تلك الاحتياجات خاصة القمح والزيوت من 160 دولة عبر نصف مليون شحنة سنوية، وفقاً للهيئة العامة للغذاء والدواء.
في المقابل، فإن معظم دول الخليج تصدر منتجاً واحداً هو النفط أو الغاز واللذان يشكلان نحو 80% من صادراتها الخارجية، مقابل استيراد كل شيء، وحسب الأرقام فإن قيمة واردات دول الخليج تجاوزت 458 مليار دولار في العام الماضي.
وفي ظل هذه الخريطة، لا تستطيع المملكة وغيرها من دول الخليج الاستغناء عن السلع والمنتجات الخارجية بما فيها التركية، خاصة أن المملكة تحتل المركز الـ15 في قائمة أكبر أسواق الصادرات التركية.
ارسال التعليق