انتقادات حادة في لندن لأوضاع حقوق الإنسان بالسعودية
شن معارضون سعوديون وناشطون حقوقيون هجوما حادا ضد القيادة السعودية على خلفية تصاعد انتهاكاتها المتواصلة لحقوق الإنسان في المملكة؛ وطالبوا بتحرك دولي مشترك لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، وحذروا من غض الطرف عن حملة الاعتقالات الممنهجة بالمملكة ، مشددين على أن مخاطر استمرار ذلك على مستقبل الحكم في السعودية ستكون جسيمة.
جاء ذلك في مؤتمر عقدته منظمة "القسط" الحقوقية تحت عنوان: (السعودية..أخطاء الماضي ومخاطر المستقبل). وقال الناشط الحقوقي السعودي رئيس المنظمة يحيى عسيري إن منع حرية التعبير من أبرز المشكلات الموجودة في السعودية. وشدد في كلمته خلال افتتاح المؤتمر الأول للمنظمة على أن نشاط منظمته سيستمر، رغم العوائق التي واجهت، وما زالت تواجه، انعقاد مؤتمرها. ووجه المؤتمر دعوة للسلطات البريطانية والمجتمع الدولي بضرورة التحرك لمخاطبة السلطات السعودية للإفراج عن المعتقلين والكشف عن معلومات واضحة وشفافة عنهم.
(اعتقالات لا حرب فساد)
وناقشت الجلسة الأولى حملة الاعتقالات الجارية في السعودية وانعكاسات التغييرات السياسية الداخلية على السياسة السعودية الخارجية، وحذّر خبراء شاركوا بها من مخاطر جسيمة ستلحق بالسعودية إذا استمرت هذه السياسة.
ولفت المشاركون، إلى أن حملة الاعتقالات الجارية ليست حرباً على الفساد، وإن كانت اعترافا ضمنيا بوجوده، و«إنما تأتي في إطار التصفية السياسية لأعضاء في الأسرة الحاكمة»، مطالبة المجتمع الدولي بالتأكد من قانونية هذه الاعتقالات.
وشارك الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في الجلسة عبر «سكايب»، مؤكداً أن «لب المشكلة في المملكة يكمن في غياب المشاركة الشعبية». وأضاف أن «الحكم في السعودية انتقل الآن إلى حكم مركزي بحت»، لافتا إلى أنه بالرغم من أن السعودية لم تكن يوما نظاما ديمقراطيا، فقد كان في السابق قدر من المشاركة. وقال إنه لا توجد في السعودية أي مساحة للمناقشة، و«باتت السلطة في يد شخص واحد»، مشيراً إلى أنه «لا رابط مباشراً بين المعتقلين، ما يعني أن الكل عرضة للاعتقال في السعودية، فهناك تجار معتقلون ودعاة وأمراء، فالتمثيل الحقيقي للمجتمع هو في السجن فقط.
وقال المحامي الدولي كارل بريكلي، إنه «لا يعتقد أن أمريكا وبريطانيا والغرب أعطوا تصريحا مباشرا للقيادة السعودية والإماراتية بالقيام بما يفعلانه».
مقاضاة الرياض
كما أوضح المحامي الدولي «توبي كادمان»، أن أي ضحية في السعودية أو غيرها من حقه أن يقيم دعوى في بريطانيا؛ ولا يشترط أن يكون مواطنا بريطانيا، مبيناً أنه «ضمن اختصاص الشرطة البريطانية التعامل مع هذه الشكوى، وتوقيف المطلوبين حال دخولهم بريطانيا». ووصف بعض المتداخلين دور السعودية والإمارات بأنهما وكيلان للغرب في مواجهة الربيع العربي.
وقال ان أي شخص تعرض للتعذيب في السعودية يمكنه رفع قضية في بريطانيا، وليس بالضرورة أن يكون المعذب بريطانيا، من يظن أنه آمن في السعودية وهو يمارس الأخطاء، فليس آمنًا خارجها. ومن جانبه شدد الصحفي البريطاني «بيل لاو»على ضرورة التفريق بين قضايا التورط المباشر للغرب مثلما حدث في العراق؛ والتورط غير المباشر.
الأوضاع للأسوأ
وفي الجلسة الثانية للمؤتمر، شارك ممثلون عن منظمة «العفو الدولية»، و«هيومان رايتس ووتش»، وقالت ممثلة منظمة العفو الدولية «أمنستي»، «ماي رومانوس»، إن «السعودية شهدت قبل عدة سنوات مساحة للناشطين للحركة، ورأينا بعض المنظمات المدنية التي سجلت مخالفات حقوق الإنسان، بالرغم من أنها كانت تعمل على أن تمنح تصاريح، ولكن منذ 2013 تغير الوضع للأسوأ». وأضافت: «لا يوجد أحد داخل المملكة قادر على توثيق مخالفات حقوق الإنسان بشكل آمن»، موضحة أن «ظاهرة مثيرة للقلق نشهدها، وهي تزايد استخدام عقوبة الإعدام بشكل أساسي ضد الناشطين».
وأشارت الناشطة الحقوقية، إلى أنه «بعد إزاحة ولي العهد السعودي السابق وقدوم ولي العهد الحالي، تم تركيز جميع السلطات في يد شخص واحد وظهر أثر هذا التغيير في سبتمبر الماضي، حيث كانت الموجة الأولى من الاعتقالات لرجال الدين، ثم الموجة الثانية بالاعتقالات التي قالت السعودية إنها تأتي ضمن برنامج مكافحة الفساد دون معلومات عن حقيقتها».
صعوبات
من جانبها، قالت ممثلة مؤسسة «الكرامة» لحقوق الإنسان «جوليا ليغز»، إن الوضع في السعودية لم يتغير منذ العام 2004، بل زادت الصعوبات التي يواجهها الناشطون في رصد الانتهاكات، ولم تتعد قدرتهم على الرصد نسبة 15% بسبب التضييق الذي تمارسه السلطات. وأوضحت أن حملة الاعتقالات الأخيرة لرجال دين ترجع إلى عدم قيامهم بمدح السلطة وتمجيدها، موضحة أن سياسة الاعتقال التعسفي هي واحدة من الممارسات الممنهجة المنتشرة في السعودية. وأضافت «ليغز»، أن الرسالة الأهم التي يريدون إيصالها هي ضرورة وجود حوار في السعودية، وإتاحة المساحة للآراء المختلفة للتعبير عن نفسها.
وقالت ممثلة منظمة «هيومن رايتس ووتش» هبة زيادين، إن الوضع في السعودية زاد سوءا خلال الشهور الأخيرة. وأضافت أنه «ينبغي الطلب من الحكومات الغربية الضغط على السعودية»، معبرة عن اعتقادها بأن لندن وواشنطن ليس لديهما رغبة حقيقية في ممارسة هذا الضغط. وقالت «زيادين»، إن أهم الانتهاكات التي رصدتها المنظمة تمثلت في ممارسات السعودية في اليمن، إضافة لمسألة حرية التعبير في السعودية، والتمييز ضد الأقليات، وحقوق المرأة.
حكم متسلط
وفي الجلسة الثالثة شاركت الأكاديمية المعارضة مضاوي الرشيد، وقالت إن الصوت المعارض في السعودية اختفى ليس مجازيا ولكن داخل السجون، مضيفة أنه «ليس هناك مؤسسة يلجأ إليها المواطن في بلد كالسعودية لتنصفه من السلطة». واستغربت من أن الرؤية الاقتصادية للسعودية عرضت في الجرائد الأجنبية قبل الداخل، مستنكرة أن يكون القرار السعودي هو أنه على المجتمع أن يطبق دون أن يفهم. وأوضحت أن المشكلة هي أن الشعب بمعزل عن أي قرار قد يتخذ من قبل القيادة، ولا يوجد أي تمثيل شعبي، والحل هو مشاركة جميع أطياف المجتمع من المثقفين والمهنيين في العمل والمشاريع.
وقالت ممثلة منظمة "هيومن رايتس ووتش" هبة زيادين إن الوضع بالمملكة زاد سوءا في الشهور الأخيرة .
وأضافت أنه ينبغي الطلب من الحكومات الغربية الضغط على السعودية، معبرة عن اعتقادها بأن لندن وواشنطن ليس لديهما رغبة حقيقية في ممارسة هذا الضغط. وقالت زيادين للجزيرة نت إن أهم الانتهاكات التي رصدتها المنظمة تمثلت في ممارسات السعودية في اليمن، إضافة لمسألة حرية التعبير في السعودية، والتمييز ضد الأقليات، وحقوق المرأة.
ارسال التعليق