انقلاب على "السعودية" في لعبة الغولف
رغم محاولات محمد بن سلمان الحثيثة لتحسين سمعته، يبدو أن جهوده تذهب هباءً، إذ لا يزال الرأي العام الغربي على قناعة بديكتاتورية النظام السعودي بما في ذلك جرائمه المعلنة حيال النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد أو خارجها.
الأمر لا يتعلّق بالرأي العام فحسب، إنما بالرياضيين والمشاهير الغربيين الذين تعمل "السعودية" على استقطابهم، فهم إذا لم يرفضوا، لا يلبثون كثيراً حتى يكشفون أن مشاركتهم كانت بدوافع مالية فحسب، ثم يتراجعون استجابةً للضغوط. هذا باختصار، ما يُروّج له ولي العهد تحت عنوان رؤية 2030 الاقتصادية التي تتضمن تغييرات ثقافية بطبيعة الحال.
سجل حقوق الإنسان سيء الصيت في "السعودية" فتح مجدداً تساؤلات جدّية حول أخلاقيّات الصفقات المربحة التي يتم تسليمها للاعبين المتنافسين. فقد أشارت التقارير الأوليّة من الجولة الافتتاحية الأسبوع الماضي لبطولة LIV للغولف الممولة سعوديًا إلى أن هناك طريقًا طويلًا لنقطعه قبل أن تنطلق بطولة أميركا ماسترز وأميركا المفتوحة، بحسب صحيفة "الغارديان".
في الحقيقة، بدأت "السعودية" بتسجيل عدد من أشهر الأسماء في لعبة الغولف لتتصدّر جولتهم العالمية الجديدة، وإغراء اللاعبين مثل فيل ميكلسون وعدد قليل من الأبطال السابقين الآخرين برواتب مذهلة. إلى أن تمكنّت من استقطاب النوع الذي يمكن لمواهبهم أن تجعل السلسلة منافسة وذات مصداقية للمعيار الذهبي الحالي لمحترفي الغولف، جولة بي جي أي (PGA Tour).
ونتيجة لذلك، ردّت جولة PGA في تصعيد مفاجئ للمعركة المريرة بشكل متزايد للسيطرة على لعبة الغولف المحترفة النخبوية، وقد أوقفت الجولة 17 لاعباً يشاركون في الحدث الأول من الجولة الجديدة، سلسلة LIV Golf International بعد فترة قصيرة من انطلاقهم.
مفوض جولة PGA أكد في بيان أن المحترفين المتمردين ... وأي لاعب آخر انضم إليهم – أنهم "لم يعودوا مؤهلين للمشاركة" في الأحداث، التي كانت لعقود من الزمن أعلى مستوى في لعبة الغولف المحترفة في العالم، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".
فيما لفتت الصحيفة إلى أن العداء الجاري يتميز بوجود لاعبين نجوم، ومليارات سعودية، وملاعب مشذبة ... كل ذلك في عالم غولف النخبة الراقي، وهو منتدى غير متوقع، وربما غير مريح، للخلاف علنا حول المال.
كما نقلت الصحيفة عن مفوضPGA Tour، جي ماناهان قوله: "هؤلاء اللاعبون اتخذوا خيارهم لأسباب مالية خاصة بهم". ثم حذر اللاعبين الآخرين الذين تغريهم العروض السعودية بأنهم سيتعرضون لنفس العقوبات، وأعرب عن أسفه أن "كل هذا الحديث عن المال والمال والمزيد من المال". ورأت "نيويورك تايمز" أن سلسلة LIV Golf Invitational لا تمثل مجرد استثمار خليجي آخر في رياضة شعبية، ولكنها محاولة وقحة ومحسوبة لتحل محل مستوى النخبة في تلك الرياضة، مع اختيار بعض أفضل لاعبي الغولف كجائزة في معركة المليار دولار.
مرد ذلك بحسب مراقبون يعود إلى أن "السعودية" تريد السيطرة على الرياضة. ولذلك، يحاول صندوق الثروة السيادية، الذي يرأسه محمد بن سلمان، اقتناص أفضل لاعبي الجولف في العالم للعب في منافسته الجديدة. هذا العام، كان من المقرّر أن تقام ثماني بطولات، في إنجلترا وأمريكا وتايلاند و"السعودية"، إذ يمكن للاعبين الذين ينطلقون من نادي Royal Greens في "السعودية" المحاط بالبحر الأحمر، تعويض الحدث التالي في المنافسة في صالة السيجار بالنادي أو غرفة البلياردو. خطة الدوري الممتاز أزعجت التقليديين في لعبة الجولف، الذين لا يرفضون تحقيق السعوديين ربحاً في هذا المجال.
في الواقع، لا تزال الرياضة واحدة من مجالات "السعودية" لغسل سمعتها التي تلطّخت نتيجة الجرائم الداخلية والخارجية. فهي بذلك تحاول الظهور أمام الرأي العام الغربي بأنها منفتحة على الآخر ولديها ثقافة حياة. استخدمت العديد من أنواع الرياضة، وأبرزها الغولف، وفي حين أنه ثمة من روّج للصورة السعودية الجديدة ظهر العديد من الرافضين لها الذين أكدوا أن المال لن يغيّر واقع النظام السعودي.
ارسال التعليق