تبخر أحلام ابن سلمان وابن زايد.. وتحالفهما على حافة الانهيار
عاش الثنائي المتمثل بولي العهد السعودي وولي عهد أبوظبي كثيراً من الوهم فقد كانا يحلمان بأن تستسلم اليمن أمام قوتهما الساحقة، وتنهار دولة قطر تحت حصارهم الجائر، وتنحني إيران عندما تواجه أقصى قدر من الضغط الاقتصادي؛ لكن كل ذلك لم يحدث وبات تحالفهما اليوم على حافة التصدّع في ضوء الانسحاب الإماراتي من اليمن، وحتى عرض الجزء الاقتصادي من صفقة القرن في البحرين فشل في جذب مستوى المستثمرين الذي كان متوقعاً»، بحسب الكاتب الأمريكي جاري سيك في مقال بموقع «لوب لوج» الأمريكي.
ويرى الكاتب أن سلسلة الأحداث هذه، تشير إلى أن هناك تحوّلات كبيرة في ميزان القوى الجارية في الخليج، وأن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط شهدت فشلاً غير متوقع.
ويقول الكاتب إن الجوهر الأساسي للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط يتمثل في التحالف مع إسرائيل والسعودية والإمارات، والذي سعى إلى الترويج لصفقة القرن والحفاظ عليها، ومن الواضح أن إسرائيل كانت لاعباً أساسياً في هذه العملية؛ ولكن الغطاء العربي والمال كانا مطلوبين لإضفاء الشرعيّة على العملية.
وأضاف: «إن المصلحة المشتركة الوحيدة التي ربطت هذه الدول معاً، كانت الخوف والكراهية لإيران. وهكذا، فإن الرئيس الأمريكي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، وولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للمملكة، ومحمد بن زايد ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي للإمارات، كانوا على وشك إعادة هيكلة المشهد في الشرق الأوسط».
واستدرك الكاتب: «لكن حدث أن وجد نتنياهو نفسه متورّطاً في فضيحة فساد، وكان مطلوباً منه الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة، بينما كان يحاول تجنّب توجيه الاتهام. كما شنّ محمد بن سلمان حرباً في اليمن أسفرت عن أسوأ كارثة إنسانية في العصر الحديث، وجذبت في نهاية المطاف انتباه (الكونجرس) الأمريكي والبرلمانات الغربية الأخرى التي بدأت في الضغط لإنهاء مبيعات الأسلحة للمملكة العربية السعوديّة».
وأضاف: أيضاً هناك قضية جمال خاشقجي الصحافي والكاتب في «واشنطن بوست»، الذي ذُبح في القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية، وخلصت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والتحقيق الذي أجرته الأمم المتحدة إلى أن ابن سلمان كانت متورّطاً في القتل. وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي قاوم من أجل عدم إلقاء اللوم على ولي العهد، فإن معارضة «الكونجرس» لمبيعات الأسلحة السعودية زادت.
وكان عدد من الدول الغربية قررت مراجعة بيع الأسلحة للرياض، على خلفية قتل خاشقجي. وأعلنت ألمانيا، مدّ وقف بيع أسلحة للسعودية. وأوضحت وزارة الخارجية الألمانية أن القرار لم يقتصر فقط على وقف تصدير أسلحة للسعودية، وإنما حظر بيع الرياض أسلحة كانت برلين قد وافقت على بيعها سابقاً. كما علّق البرلمان السويسري التصديق على اتفاقية لمنع الازدواج الضريبي مع الرياض. وكان البرلمان الأوروبي قد طالب بفرض حظر على صادرات الأسلحة للسعودية، بسبب انتهاكات الحرب في اليمن. كما لاحظ البرلمان الأوروبي أن السعودية لا تلتزم بالمعايير التي يتضمنها الموقف الأوروبي المشترك شروطاً لتصدير الأسلحة، ومنها الالتزام بقواعد حقوق الإنسان والقانون الدولي. ودعا القرار إلى إنشاء آلية لمعاقبة الدول الأوروبيّة التي لا تلتزم بالموقف الأوروبي المُشترك.
ويرى جاري سيك أن دولة الإمارات نأت بنفسها بوضوح عن واشنطن والسعودية، وأعلنت أنها لا تملك أدلة كافية لتحديد الجهة المسؤولة عن تفجيرات الناقلة في الخليج، والأهم من ذلك أنها أعلنت سحب قواتها من الحرب الأهلية في اليمن. وقد أحدث تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن وضعاً مأساوياً صعباً لأغلب اليمنيين، وصفه مسؤولون عن العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة بأنه “الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم”، بدون أن يحقق لهم الاستقرار الموعود. وأعلنت منظمة الصحة العالمية مقتل نحو آلاف يمني منذ بدء التدخل في وقت تشير تقديرات أخرى إلى أن العدد الحقيقي قد يصل إلى خمسة أضعاف ذلك. وفي فبراير 2019، أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن تقديراته تفيد بأن “80 في المئة من السكان، أي نحو 24 مليون شخص، بحاجة إلى مساعدة غذائية أو حماية، بينهم 14.3 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدة بشكل عاجل”.
كما وثّقت منظمة “سايف ذا تشيلدرن” البريطانية وفاة نحو 85 ألف طفل بسبب الجوع أو المرض بين أبريل 2015 وأكتوبر 2018، فيما أعلنت منظمة العمل ضد الجوع الفرنسية أن عدد النازحين داخل اليمن بلغ 3.3 مليون شخص، 72% منهم هم نساء وأطفال بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان. وضرب وباء الكوليرا البلاد مسفراً عن وفاة أكثر من 2500 شخص منذ أبريل 2017، في ظل الاشتباه بنحو 1،2 مليون حالة إصابة، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وختم الكاتب بالقول: إن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن بات يتكوّن اليوم من سلاح الجو السعودي ومجموعة من الميليشيات المحلية والمرتزقة الموجودين هناك للحصول على المال، وهذه هي اللحظة التي يجب أن يعلن فيها ابن سلمان قبول تسوية سلام برعاية الأمم المُتحدة.
ارسال التعليق