ثقافة حقوق الإنسان في السعودية بعيدة المنال
في وقت يحتفي العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان 2024 تحت شعار: “حقوقنا، مستقبلنا، فورًا“، تؤكد أوساط حقوقية أن حقوق الإنسان في السعودية بعيدة المنال في ظل القمع والاستبداد الذي يمارسه نظام آل سعود.
وفي الوقت الذي يعزز فيه هذا اليوم قيم حقوق الإنسان كركيزة أساسية لتحقيق العدالة والمساواة وضمان المستقبل، لا زالت السعودية دولة بلا دستور يحدد القوانين الأساسية لشكلها، ويبين الواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها وهو ما يوسم مستقبل الأفراد بالغموض.
يضاف ذلك إلى قصور القوانين أو غيابها، بما يجعل تجريم ممارسات الأفراد وفقا لمزاجية السلطات التي تخضع بشكل كامل لشخص الملك وولي العهد، وذلك بحسب المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان.
ورأت المنظمة أن الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان في السعودية لا تزال تشكّل تهديدًا مباشرًا للأفراد والمجتمعات، بدل أن تكون أداة لتحسين الواقع. هذه الممارسات تتناقض بشكل صارخ مع مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يحتفى اليوم بذكراه الخامسة والسبعين.
ولا تزال السعودية ترتكب انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، متجاهلة بذلك التزاماتها الدولية ومبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. تُعد عقوبة الإعدام من أكثر الممارسات القمعية دموية، حيث أُعدم أكثر من 300 شخص في عام 2024 وحده، وهو رقم يعكس الاستخدام المفرط لهذه العقوبة.
ويتم تطبيق الإعدام بشكل سياسي، بما في ذلك ضد القاصرين والمعتقلين على خلفيات رأي أو اتهامات غير عادلة، وغالبًا بناءً على اعترافات تُنتزع تحت التعذيب. كما تحرم السلطات عائلات الضحايا من وداع أحبائهم أو حتى المشاركة في دفنهم، مما يزيد من معاناتهم الإنسانية.
إلى جانب ذلك، تواصل السعودية تقييد حرية الرأي والتعبير بشكل صارخ، حيث يتم اعتقال الأفراد لمجرد تعبيرهم عن آرائهم أو مطالبتهم بإصلاحات سياسية واجتماعية.
وتُستخدم المملكة قوانين فضفاضة، مثل قانون الجرائم الإلكترونية وقانون مكافحة الإرهاب، لقمع الأصوات المعارضة وإسكات النشطاء، مما يجعل مناخ الحرية الفكرية والإعلامية شبه معدوم.
علاوة على ذلك، يُحرم الشعب من أي مشاركة سياسية فعلية، إذ لا توجد آليات ديمقراطية أو انتخابات حرة تتيح للأفراد التأثير في عملية صنع القرار، فيما يتم محاسبة ومحاكمة الأفراد الذين ينتقدون المشاريع الاقتصادية بسبب الانتهاكات التي تنطوي عليها لحقوقهم.
وعلى الرغم من الترويج الرسمي لتغير جذري في ملف حقوق المرأة خلال السنوات الأخيرة، لا زالت النساء في السعودية عرضة لشتى أنواع الانتهاكات، من بين ذلك ما أشارت له لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة في تقريرها الأخير، مثل الاعتقال والمنع من السفر الذي تتعرض له المدافعات عن حقوق الإنسان، وانعدام الحماية الفعلية للعاملات المهاجرات واستمرار نظام ولاية الرجل.
وأكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن استمرار الانتهاكات، يظهر انعدام الثقة في الوعود الرسمية، كما أنه يعكس تناقضًا صارخًا مع القيم العالمية لحقوق الإنسان في ظل انعدام أي سبل محاسبة مرتكبيها.
واعتبرت المنظمة أن احترام حقوق الإنسان في السعودية وتعزيزها ليس فقط ضرورة قانونية وأخلاقية، ولكنه أيضًا خطوة أساسية نحو بناء مجتمع أكثر شمولًا وعدلًا واستدامة.
وفيما تروج السعودية لمشاريع اقتصادية واجتماعية كبرى، وتتحدث عن خطط تحول، تؤكد المنظمة الحقوقية أنه لا يمكن تحقيق مستقبل أفضل دون احترام حقوق الإنسان في جميع الظروف والسياقات.
ارسال التعليق