حرب اليمن ومقتل خاشقجي يعكران الجو بين المحمدين
اعتبر موقع «ميديا- بارت» الاستقصائي الفرنسي أن وراء محمد بن سلمان ولي عهد السعودية، يوجد «المرشد» محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي والرجل القوي في دولة الإمارات العربية المتحدة. لكن هذا الثنائي الذي يريد إعادة تشكيل المنطقة بأكملها، بدأ يعاني من بعض الخلافات حول جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي وحرب اليمن.
وقال الموقع الفرنسي ذائع الصيت، إن محمد بن سلمان حاكم عنيف، أصبح معروفاً حول العالم بالإدارة الفوضوية لبلاده وسلسلة النكسات المدوية، من حرب اليمن، وفشل الحصار المفروض على قطر بهدف خنقها، وفقدان أي تأثير حقيقي على الصراعات الإقليمية، بما في ذلك في سوريا والعراق، بالإضافة إلى الشكوك الكثيرة التي تحوم حول برنامجه الطموح للإصلاحات الاقتصادية “رؤية 2030”.
واعتبر ميديا-بارت” فيما يتعلق بمحمد بن زايد “أن ابتسامته تخفي حقيقة مظلمة للغاية، تتمثل في رفض وقمع أي معارضة سياسية وعدم التسامح مطلقاً مع كل ما له علاقة بالإسلام السياسي. كما اختار له لقب “مُحرك الدمى” ، حيث إن المختصين في منطقة الشرق الأوسط يرون فيه “ مرشد” أو “معلم” ولي العهد السعودي.
ويتفق الرجلان في حربهما ضد قطر، وفي قمع أي صوت معارض في بلديهما، ناهيك عن تورطهما في النزاع اليمني، حيث يُكرس الهجوم المشترك الذي أطلقاه في مارس 2015 ضد الحوثيين، التحالف بينهما. لكن تفاهمهما هذا لن يمر على ما يبدو دون مشاكل، إذ ثمة خلافات كبيرة واضحة حول الملف اليمني، لأنهما ليس لهما نفس الأعداء من حيث الأولوية. فبالنسبة لابن زايد يبقى الإخوان المسلمون في اليمن وخارجها العدو الأول، بينما يعتبر الحوثيون العدو الرئيسي لابن سلمان. وقد دخلت الرياض في اتصالات مع حركة الإصلاح ( الفرع اليمني لجماعة الإخوان المسلمين)؛ وهو ما قابلته أبوظبي بإبرام تحالفات سرية مع جماعات سلفية متطرفة أو جهادية، وهو أمر غير مقبول بالنسبة للمملكة.
وقال إن البلدين ليست لديهما نفس الأجندة في اليمن، ولي عهد أبوظبي يطمح للسيطرة على جنوب البلاد ومضيق باب المندب، من أجل مواصلة وتطوير استراتيجية تضمن له تواجداً مباشراً على الممرات البحرية من الخليج إلى البحر الأحمر عبر الساحل اليمني. وهي استراتيجية واضحة بعيدة المدى، وتختلف تماماً عن الاستراتيجية السعودية في المسرح اليمني، والتي تعد غير واضحة المعالم.
ونقل “ميديا-بارت” عن مارك لافيرن، مدير المركز الوطني للأبحاث العملية في فرنسا، قوله إن: “الاستراتيجية البحرية لدولة الإمارات تهدف للبحث عن الأراضي والمواد الخام في إفريقيا. كما أن هذه الاستراتيجية تندرج في إطار النهاية المبرمجة للنفط وتخلي الولايات المتحدة عن المنطقة”.
وعلى هذا الأساس قامت أبوظبي بانتهاك جميع القواعد الدولية بنشر قواتها في جزيرة سقطرى اليمنية ومضيق باب المندب الذي يعتبر مفتاح البحر الأحمر.
وفي الوقت نفسه، تضم أبوظبي الواجهة البحرية الإفريقية أو الساحل الإفريقي، بتواجدها في موانئ الصومال (بربرة)، وإريتريا (عصب، مصوع) وحتى السودان.
وقال لافيرن: “وفي الوقت الذي تنظر فيه الإمارات إلى الخارج، ما زالت السعودية غارقة في مشاكلها الداخلية بخصوص الموازنة أو القضايا الاجتماعية و الثقافية”، مضيفاً أن “السلطات السعودية قامت بتهميش نخبها من التكنوقراط والشيعة، والعائلات التجارية الكبيرة في الحجاز”.
وأكد“ميديا-بارت” أيضاً أن هناك سبَبيْن آخريْن أحدثا فجوة بين محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، الأول، قضية سعد الحريري، حيث دفع ولي عهد أبوظبي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في نوفمبر 2017، للتدخل لصالح رئيس الوزراء اللبناني والذهاب إلى الرياض لإخراجه منها.
وقال إن السبب الثاني، فهو جريمة اغتيال جمال خاشقجي المروعة، التي تلوث سمعة محمد بن زايد كـ”مرشد” وأبرز حليف لمحمد بن سلمان. وقد حاول بن زايد الابتعاد قدر الإمكان عن العاصفة الدولية التي سببتها هذه القضية.
واكتفى بتقديم الدعم البسيط جداً لولي العهد السعودي، في الوقت الذي كان فيه الكثيرون يتوقعون أن يكون هذا الدعم كبيراً.
ويرى مارك لافيرن المتخصص بالخليج والقرن الإفريقي، من المعهد الفرنسي للبحث العلمي أن «النزعة البحرية لدى الإمارات يمكن مقارنتها بالطموحات الصينية» حيث تتبع الصين إستراتيجية «تهدف لتجريف الأراضي في إفريقيا من أجل الاستثمار والأمن الغذائي».
أما الإمارات «فتبحث عن الأرض والمواد الخام. إنه استعمار جديد ليس من السهل حتى الآن إدراك كل أبعاده، فيما يبدو استراتيجية تتعلق بنهاية النفط ومغادرة أمريكا للمنطقة».
ورأى ميديا- بارت أن الإمارات، خاصة دبي والشارقة ورأس الخيمة تبدو جزءاً من السياسة التوسعية الصينية أو ما يسمى «طريق الحرير الجديد» خاصة أنها على المحيط الهندي وفي مواجهة ميناء غوادر الباكستاني الذي أصبح المنفذ الرئيسي بالخليج «لطرق الصين جديدة».
وفي انتهاك لجميع القواعد الدولية -يقول الموقع- انتشر جيش الإمارات عام 2018 في جزيرة سقطرى اليمنية كما احتل مضيق باب المندب بوابة البحر الأحمر، وفي الوقت نفسه بدأت أبوظبي تقضم الساحل الإفريقي، وتدير موانئ في كل من الصومال (بربرة) وإريتريا (عصب، مصوع) والسودان.
وقال لافيرن «الإمارات تتوسع خارج حدودها في حين لم تحل السعودية بعد مشاكلها الداخلية، سواء المالية والاجتماعية والثقافية» مستنتجاً أن ابن سلمان ليست لديه حيوية معلمه الإماراتي ولا ديناميكيته لتحديد إستراتيجية خاصة به.
ارسال التعليق