رغم الترويج لها بكثافة.. هل تفشل حملات الرياض وأبوظبي ضد تركيا؟
التغيير
تنفذ أنظمة بعض الدول العربية، وعلى رأسها المملكة والإمارات، مهمّة تشويه صورة تركيا، ليس فقط لدى الرأي العام العالمي، بل أيضاً لدى الرأيين العام المحلي والعربي.
انتقلت الاستراتيجية الإعلامية المناهضة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته، من العداء الرسمي إلى مخاطبة الشارع العربي وكذلك الشعب التركي عبر مشاريع إعلامية ضخمة، غالباً ما فشلت في تحقيق أهدافها.
ولتنفيذ هذه الاستراتيجية، بذلت الرياض وأبوظبي جهوداً كبرى وأنفقت كثيراً من الأموال في أربعة مجالات: السياسة، والإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، والإنتاج الفني.
حملة مقاطعة المنتجات
تشهد علاقات المملكة والإمارات مع تركيا توترات، بسبب خلافات في عدة ملفات مختلفة، نتجت عنها أزمات سياسية، ووصلت مؤخراً إلى إطلاق حملات إعلامية وإلكترونية، كان آخرها المطالبة بمقاطعة المنتجات التركية.
وانطلقت حملة في المملكة شبه رسمية لمقاطعة المنتجات التركية تحت وسم "#الحمله_الشعبية_لمقاطعة_تركيا"، واتخذت طابعاً أكثر وضوحاً بعد تصريحات رسمية أدلى بها في هذا الاتجاه رئيس مجلس الغرف التجارية مؤخراً، وحملات منظمة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بمشاركة مقربين من دوائر الحكم وأمراء من الأسرة الحاكمة لا يشغلون مناصب في المملكة.
وبصفته رئيس مجلس الغرف التجارية في المملكة، رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض، دعا عجلان العجلان عبر تغريدة في 3 أكتوبر 2020، إلى مقاطعة تركيا في مجالات الاستيراد والاستثمار والسياحة، معتبراً المقاطعة مسؤولية كل مواطن، التاجر منهم أو المستهلك، بزعم استمرار عداء الحكومة التركية للقيادة والدولة والمواطنين.
التكرار يعني الفشل
يصف المحلل السياسي التركي علي باكير، مثل هذه الحملات بأنها "تعبّر عن الفجور في الخصومة وعن الطبيعة المتهالكة للأنظمة في البلدين (المملكة والإمارات)".
ويرى أن تكرار مطالبة المواطنين والمقيمين- لا سيما في المملكة - بمقاطعة البضائع التركية "دليل على فشل محاولات إقناع الناس بضرورة مقاطعة تركيا طوعاً".
وطرح باكير في حديثه لـ"التغيير"، مثالاً لمدى فشل تلك الحملات، بقوله: "يحتل مواطنين المملكة المرتبة الثالثة في قائمة أكثر مشتري العقارات في تركيا خلال السنوات الخمس الماضية".
ويؤكد أن الانتقال من الحملات الإعلامية إلى مطالبة الناس بالمقاطعة الاقتصادية "في الوقت الذي تنبطح فيه هذه الأنظمة أمام إسرائيل، يعطي فكرة عن فقدان البوصلة كما هي العادة، وعن سياسة النكايات الطفولية التي دمّرت المنطقة".
وشدد على أن تداعيات هذه السياسة "لن تستثني هذه الدول بالتأكيد".
حملات سابقة فاشلة
وعمدت أنظمة محور المملكة الإمارات مصر، خلال الحملات السابقة، أولاً إلى مقاطعة المسلسلات التركية التي كان لها دور كبير في تعرُّف الشعوب العربية على طبيعة المجتمع التركي وشكلت جسراً ثقافياً لا يستهان به بين الشعوب، لكن سرعان ما عادت كثير من القنوات لبث المسلسلات التركية.
ولم تكتفِ هذه الأنظمة بتدمير هذا الجسر، بل ذهبت إلى إنتاج مسلسلات مضادة، تسعى لإعادة كتابة التاريخ بصورة مشوَّهة، وأحدث الأمثلة على ذلك مسلسل "ممالك النار" الذي تشاركت في إنتاجه كل من المملكة والإمارات ومصر، بما يسيء إلى تركيا.
أما على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أنشئت صحف وحسابات مزيفة تابعة لما يسمى "الذباب الإلكتروني"، تخصص بعضها في إعادة نشر فيديوهات قديمة من مناطق مختلفة من العالم تحتوي على معاملة عنيفة وما شابه ذلك.
ومنحت تلك الفيديوهات إحداثيات متعلقة بتركيا وتصويرها على أنها إساءة معاملة للاجئين السوريين في تركيا، لتصوير الشعب التركي بأبشع الصور، إضافة إلى تخويف السياح، ودفعهم إلى الذهاب لدول أخرى.
اقتصاد وسياحة مستمرة
وعلى الرغم من تلك الحملات، تأتي المملكة في المرتبة الـ17 ضمن أهم الدول المستثمرة بتركيا، حيث يصل حجم الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة إلى 11 مليار دولار، وإجمالي عدد شركاتها العاملة يصل إلى ألف شركة خلال السنوات الأخيرة، وفق التقارير الرسمية.
ويفيد موقع وزارة الخارجية التركية بأن حجم التبادل التجاري بين البلدين في 2015 بلغ نحو 5.59 مليارات دولار، وانخفض في العام التالي إلى 5 مليارات، ثم 4.84 مليارات في 2017، وبعدها 4.95 مليارات في 2018، ثم ارتفع إلى 5.1 مليارات دولار في 2019.
ووفقاً لأحدث أرقام موقع وزارة التجارة التركية، فإن الصادرات التركية إلى المملكة بين يناير وأغسطس من العام الجاري، بلغت 1.9 مليار دولار، بانخفاض 400 مليون دولار عن الفترة نفسها من العام الماضي، والتي بلغت فيها الصادرات التركية إلى المملكة 2.3 مليار دولار.
وفيما يتعلق بأرقام صادرات المملكة إلى تركيا في الفترة نفسها بين يناير وأغسطس من العام الجاري، فقد بلغت 1.1 مليار دولار، بعد أن كانت 1.44 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، بانخفاض بلغ أيضاً 350 مليون دولار.
وبالعودة إلى حجم التضخيم الذي يروَّج له بخصوص تأثير المملكة على القطاع السياحي في تركيا، يتضح أن نسبة السياح القادمين من المملكة والإمارات والبحرين- وهي الدول التي قادت حملات مقاطعة للسياحة التركية- سابقاً لا تتعدى 18% من إجمالي السياح العرب ككل.
كما حلّ مواطنين المملكة بالمركز الثالث في عملية شراء العقارات بين سبتمبر 2015 وأغسطس 2020، بـ13 ألفاً و296 عقاراً، وفقاً لهيئة الإحصاء التركية.
ارسال التعليق