التغيير

مع رحيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن سدة الحكم في 20 يناير الماضي، فإن سلاح المال والرشوة بات أقل فاعلية لدى محمد بن سلمان.

لذلك فإن بن سلمان ومع مضي أشهر قليلة على وجود جو بايدن في البيت الأبيض، أصبح يتلمس ضعفه الواضح وبحاجة ماسّة إلى التواصل مع إيران.

كما صار يسعى بشكل أكثر سرية للحصول على دعم إسرائيلي، كما يقول أكاديمي في جامعة جورج واشنطن.

وفي انقلاب على مواقف سابقة ظل يرددها لسنوات، قال محمد بن سلمان، في مقابلة تلفزيونية، مساء الثلاثاء، إن إيران جارة للمملكة، وتأمل أن تقيم بلاده علاقات طيبة معها.

ويعتقد كثيرون أن تصريحات بن سلمان بشأن إيران وحتى أنصار الله في اليمن تظهر تغييرات كبيرة في السياسات العدائية للمملكة على مر السنين.

سيد ترامب!

طالما ظل ترامب في منصبه، اعتقد بن سلمان أنه يستطيع فرض مطالبه على إيران.

لكن مع خروج ترامب من البيت الأبيض ووصول بايدن بنهجه المختلف في قضايا مثل خطة العمل الشاملة المشتركة واليمن، من الطبيعي أن يتغير الوضع، كما يقول حسين العسكري ، أستاذ إدارة الأعمال الدولية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن.

إذ بات -بحسب العسكري- لا يمكن للرياض الاعتماد على السياسات الأحادية الجانب للرئيس الأمريكي الحالي.

ويقول: “عندما كان ترامب رئيساً، شعر محمد بن سلمان أن لديه الدعم الأمريكي الكامل ليفعل ما يشاء، تماماً كما تفعل إسرائيل”.

وأشار إلى أن مغامرته الخطيرة في اليمن والتي تعد بمثابة جرائم ضد الإنسانية، وقتله الوحشي للصحفي جمال خاشقجي وقمعه للمعارضة الداخلية، على سبيل المثال لا الحصر، جزء من تجاوزاته خلال رئاسة ترامب.

لذلك شعر بالأمان والدعم الأمريكي الذي طالما اعتمد عليه حكام آل سعود عموما.

رغم أن دعم ترامب لبن سلمان تجاوز أي حاكم سابق للمملكة منذ نشأة البلاد في عام 1932، كما يقول العسكري.

ونبه الخبير الاقتصادي إلى أن ترامب كان يعتمد إلى حد كبير على المعاملات التجارية السابقة والأهم من ذلك على المعاملات التجارية المستقبلية الموعودة. لذلك شعر من بعض النواحي أنه سيد ترامب!

رشاوي مقابل الحصانة

وقد ألقى التحالف بين إدارة ترامب و بن سلمان بظلاله على السياسة الأمريكية.

فقد تجاهل الرئيس الأمريكي السابق المهلة المقررة لتقديم تقرير إلى الكونغرس حول ما إذا بن سلمان مسؤولاً بصفة شخصية عن مقتل خاشقجي وتقطيع جثته في القنصلية بإسطنبول، حسبما خلُصت أجهزة المخابرات الأمريكية.

وأوضحت أن ما قدمه بن سلمان تضمن رشاوي مالية وعقود بصفقات استثمارية لأقطاب في إدارة ترامب أبرزهم جاريد كوشنير ومايك بومبيو.

وقالت المصادر لـ”التغيير” إن بن سلمان يستهدف تحصينه قانونيا في الولايات المتحدة في الدعاوي القضائية المرفوعة ضد هناك.

وقبل وصول جو بايدن إلى سدة الحكم، كشفت شبكة “CNN” الأمريكية، أن الإدارة الأمريكية كانت تدرس طلبا لتوفير الحصانة لـ”بن سلمان” من الملاحقة القضائية.

وجاء ذلك عقب قضية رفعها ضده ضابط الاستخبارات السابق سعد الجبري المقيم في كندا، والذي حاول “بن سلمان” اغتياله.

واعتبرت الشبكة الأمريكية أن احتمال منح الحصانة لبن سلمان رسالة دعم للطغاة حول العالم.

وقالت الشبكة “ترسل إدارة (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب رسالة دعم واضحة لجميع الطغاة وهي تنظر في منح حصانة قانونية لبن سلمان”.

وأشارت الشبكة إلى أن سلمان هو من أمر بالقتل الشنيع للصحفي خاشقجي، وذلك وفقًا للتقييم الذي خلصت إليه وكالة المخابرات المركزية.

وأكدت الشبكة ضرورة مشاهدة فيلم المنشق (The Dissident) الوثائقي الجديد المؤثر عن مقتل خاشقجي. ثم التساؤل عن كيف يمكن لأي مسؤول من العالم الحر أن يجلس بضمير حي مع بن سلمان.