ضابط سابق في CIA: إذا قررنا أن سيادة القانون ليست مهمة بالنسبة لنا في قضية خاشقجي.. فعندئذ سيأتي الدور على المواطنين الأمريكيين
التغيير
في مقابلة مع منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) ناقش روبرت باير وهو ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية (CIA) العلاقة الأمريكية مع المملكة.
يقول باير أنه يجب محاكمة المسؤولين عن مقتل جمال خاشقجي في المحاكم الأمريكية مضيفاً إن سياسة القبضة الحديدية التي ينتهجها محمد بن سلمان ستؤدي إلى عدم استقرار طويل الأمد في المملكة وأن الولايات المتحدة لها اليد الأقوى في أي مفاوضات مع محمد بن سلمان حول حقوق الإنسان والحرب على اليمن.
قضى روبرت باير أكثر من ثلاثة عقود في وكالة المخابرات المركزية (CIA) من عام 1976 إلى عام 1997. خلال الفترة التي قضاها في وكالة المخابرات المركزية، كان باير موظف يتم تكليفه بشكل أساسي في الشرق الأوسط. بعد مغادرته وكالة المخابرات المركزية، ألّف كتاباً بعنوان “See No Evil” والذي تم اقتباسه في فيلم سيريانا (Syriana)، من بطولة جورج كلوني. نشر باير لاحقاً كتابه الثاني، وهو نقد لعلاقة الولايات المتحدة بالمملكة ، بعنوان “النوم مع الشيطان” (Sleeping with Devil).
فيما يلي مقتطفات من المقابلة:
منظمة (DAWN): ما الذي يجب أن يحدث في الولايات المتحدة لمحاسبة محمد بن سلمان على جريمة قتل جمال خاشقجي، لا سيما خلال فترة إدارة بايدن؟
روبرت باير: خاشقجي كان مقيمًا دائمًا في الولايات المتحدة وكان يتمتع بحماية القانون الأمريكي. يجب أن تكون هناك لوائح اتهام في الولايات المتحدة صريحة ضد المملكة بشأن جريمة القتل. يجب أن يحاسبوا مثل إيران. إذا قتلت إيران الناس، فأنت تحاسبهم. إنه نفس الأمر. لا يمكن أن يكون لدينا سيادة قانون منفصلة أو لا قانون بالنسبة للمملكة. الكيل بمكيالين يرسل رسالة مروعة. وعليك ببساطة أن تأخذ الأدلة التي قدمها الأتراك بشأن أشخاص محددين، وتوجيه الاتهام إلى هؤلاء الأشخاص في محكمة أمريكية، وتطلب تسليمهم، وتسعى للوصول إليهم لاستجوابهم. هذا الأمر السهل. إذا قررنا أن سيادة القانون ليست مهمة بالنسبة لنا في قضية خاشقجي، فعندئذ كما تعلم، سيكون موسم مفتوح على المواطنين الأمريكيين. هذا هو الأمر بكل بساطة.
منظمة (DAWN): لماذا لم تقم إدارة ترامب ببعض الإجراءات لمقتل خاشقجي؟
باير: إنه يسمى المال البارد. إنه الباب الدوار. إذا كنت دبلوماسيًا في المملكة وتحتاج الحصول على المال، فاستقل واذهب للعمل لدى آل سعود. لديهم مؤسسات يمتلكونها في جميع أنحاء واشنطن. يأخذون كل أموال النفط تلك ويعيدونها إلى واشنطن. واشنطن أصبحت للبيع.
منظمة (DAWN): ذكرت في إحدى المقابلات أن احتمالية أن يكون محمد بن سلمان قد أمر بقتل جمال خاشقجي هي 100٪. ومع ذلك، رفضت الولايات المتحدة رفع السرية عن التقارير الاستخباراتية بشأن المسؤولية عن مقتل خاشقجي على الرغم من ضغوط الكونغرس ومجموعات المجتمع المدني.
باير: ترامب يعمل لصالح المملكة منذ سنوات. لن يفعل شيئًا ضد نظام آل سعود أبدًا. ونعم، كل ما قرأتُه هو أن هناك محادثات تم اعتراضها عن تورط محمد بن سلمان. ومما سمعته عنهم، هذه المحادثات كافية لتقديم لائحة اتهام وإدانة في محكمة أمريكية. نعم، لن تقوم الحكومة في المملكة بتسليم هؤلاء الأشخاص حتى لو قمنا بتوجيه الاتهام إلى الجناة. هذا الأمر إعاقة لسير العدالة.
منظمة (DAWN): للولايات المتحدة تاريخ طويل في معاقبة منتهكي حقوق الإنسان. هل تعتقد أن هناك فرصة لأن تضع الإدارة الأمريكية أعضاء من القيادة في المملكة متورطين في مقتل جمال خاشقجي على قائمة العقوبات الخاصة بها؟
باير: دعونا ننتظر لنرى ما سيفعله بايدن. سوف تكون يديه مقيدتين للغاية بجميع الأمور التي تحدث الآن داخل الولايات المتحدة. قد لا يتطرق حتى إلى موضوع المملكة. فآخر ما يريده هو أزمة خارجية. ونحن لسنا في وضع يسمح لنا بذلك. أعني، لا أحد في المملكة في وضع يمكنه من فعل أي شيء مع محمد بن سلمان، ونحن ببساطة لا نملك التواصلات. لا أحد يثق في الولايات المتحدة في المملكة.
منظمة (DAWN): لماذا هذا الانعدام في الثقة؟
باير: حسنًا، أعني، إذا كنت أميرًا من آل سعود وقررت أن محمد بن سلمان يجب أن يرحل، فإن آخر مكان تذهب إليه هو السفارة الأمريكية أو وكالة المخابرات المركزية لأنها ستسرّب الأمر لآل سعود. إذا كانت هناك أي مقاومة داخل المملكة، فستكون الولايات المتحدة آخر من يعلم عنها.
منظمة (DAWN): منذ توليه منصبه الحالي، ارتكب محمد بن سلمان انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان في الداخل والخارج. بالنظر إلى كل ذلك، هل محمد بن سلمان حليف موثوق للولايات المتحدة على المدى الطويل في المنطقة وعلى الصعيد العالمي؟
باير: المملكة غامضة للغاية. لا نعرف. إذا استيقظ محمد بن سلمان ذات يوم وقرر الدخول في حرب أخرى مثل اليمن، فسيؤدي ذلك إلى زعزعة الاستقرار. كيف لنا نعرف أنه لن يستفز إيران في الوقت الحالي؟
منظمة (DAWN): لم تتدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر في اليمن ولكنها قدمت الأسلحة التي يستخدمها نظام آل سعود لقتل الآلاف من المدنيين اليمنيين. ما هي مسؤولية الولايات المتحدة عما يحدث في اليمن؟
باير: نحن مسؤولون للغاية لأننا لا نتتبع ما تؤول إليه تلك الأسلحة. من المفترض أن نتتبعها، لكننا لا نقوم بذلك.
منظمة (DAWN): ما النفوذ الذي تملكه الولايات المتحدة لإقناع المملكة بوقف الحرب في اليمن؟
باير: يمكننا مجرد قطع توريد الأسلحة. يمكن أن نبدأ الحديث مع الإيرانيين بطريقة معينة تخيف نظام آل سعود. يمكننا أن نوازن بين ولاءاتنا في منطقة الخليج. يمكننا التحدث مع الإيرانيين عن العراق. ومن ثم لا يوجد جيش في المملكة. إذا لم يتمكن آل سعود من هزيمة اليمنيين، فلن يتمكنوا من الانتصار على إيران. إنهم بحاجة إلينا. لدينا اليد العليا في هذه العلاقة، لكننا لا نستخدمها. واشنطن مكان فاسد للغاية.
إذا لم نتمكن حتى من إقناعهم بتسليم شهود أحداث 11 سبتمبر، فكيف سنجعلهم يقومون بتسليم أمور خاصة بقضية خاشقجي؟ تلك هي المشكلة. كان لآل سعود رحلة مجانية. لكن ليس على إسرائيل. كما أننا دأبنا على إذلالهم بإسرائيل وتسببت لهم في مشاكل.
منظمة (DAWN): كيف أذلّت الولايات المتحدة المملكة ؟
باير: حسنًا، لو وافق الجميع على خطط المملكة المختلفة لتقسيم القدس، لكان سيخفف قدرًا كبيرًا من الضغط على نظام آل سعود. لأنني أعتقد أنه في نهاية المطاف، بدون وجود أي نوع من التسوية العادلة، سيظل الفلسطينيون دائمًا شوكة في حلق الشرعية السياسية للمملكة.
منظمة (DAWN): في السنوات العشر أو الخمس عشرة الماضية، رأينا نشطاء داخل المملكة وخارجها يحتجون على سياسات محمد بن سلمان والملك. في الداخل، قمع محمد بن سلمان الاحتجاجات بقبضة من حديد. في رأيك، ما هي العواقب التي تترتب على الولايات المتحدة من غض الطرف عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يرتكبها محمد بن سلمان؟
باير: حسنًا، إحدى الإشكاليات في هذا السؤال هي الجهل بنوع المعارضة الموجودة داخل البلاد لمحمد بن سلمان. كل ما نعرفه أن آل سعود يوافقون على بعض ممارسات القبضة الحديدية. لا أدري، لكن على المدى الطويل، ستؤدي سياسات القبضة الحديدية في نهاية المطاف إلى عدم الاستقرار. وإذا كان محمد بن سلمان في الواقع يقوّض استقرار النظام الذي استمر منذ ثلاثينيات القرن الماضي، فسيكون هناك ثمن يجب دفعه.
إنه بلد يصعب حكمه مع وجود القبائل المختلفة والأصوليين الوهابيين. لكن العائلة المالكة تمكنت من إدارة البلاد لفترة طويلة من خلال الإجماع، وليس القبضة الحديدية. لذلك نحن نراهن هنا على أن الحاكم الاستبدادي سوف يدير الأمور. إنها مقامرة بشكل عام، هذا الأمر لا يستمر إلى الأبد، أعني سياسة القبضة الحديدية.
منظمة (DAWN): هل ترى أي اختلافات كبيرة وذات أهمية بين الديمقراطيين والجمهوريين عندما يتعلق الأمر بالمملكة ؟
باير: من خلال قدوم المسؤولين الجدد في إدارة بايدن، لا. إنهم ينظرون إلى الموضوع بصورة مباشرة: المملكة بركان محتمل. لا تعبث بها. إنها وجهة نظر المؤسسات في واشنطن. لا تعبث بها. هذه طريقة تفكير كل هؤلاء الأشخاص الذين يأتون مع بايدن، بما في ذلك سوزان رايس. لا تلعبوا مع المملكة. لذلك سأكون مندهشًا جدًا إذا أخذ بايدن هذا الأمر على محمل الجد، وسعى للتغيير أو مارس ضغوطًا على المملكة.
منظمة (DAWN): عندما يتعلق الأمر بالقضايا التي تواجهها الولايات المتحدة مع المملكة، من اليمن إلى جريمة قتل خاشقجي، ما هي القضايا التي من المرجح أن تتولاها إدارة بايدن في 21 يناير؟
باير: أعتقد أنها قضية اليمن، لأن أي شيء له علاقة بالسياسة الداخلية للمملكة، سيحارب محمد بن سلمان بكل ما أوتي من قوة من أجله ضدنا. ولكن إذا جئنا وقدمنا حلًا لحفظ ماء وجه المملكة في قضية اليمن، على الرغم من عدم معرفتي كيف سيبدو ذلك الأمر، فسيكون محمد بن سلمان أكثر ميلًا لقبوله وقبول الدور الأمريكي.
منظمة (DAWN): في كتابك “النوم مع الشيطان: كيف باعت واشنطن روحنا مقابل النفط الخام”، ناقشت الجذور العميقة التي تربط الاقتصاد الأمريكي بالمملكة. هل تعتقد أن أي شيء قد تغير في العقد الماضي؟
باير: التكسير الهيدروليكي والطاقة الشمسية يقللان من نفوذ المملكة بالتأكيد. لكنني ما زلت أصر على أنه إذا قمت بإخراج النفط من السوق، فسيكون ذلك ضارًا للغاية بالاقتصاد العالمي وبالولايات المتحدة. لا يمكنك ببساطة أن تأخذ 11 مليون برميل يوميًا من الأسواق ولا تسبب الفوضى. لا يزال هو أرخص نفط في العالم، وهو مهم حقًا.
منظمة (DAWN): انتقد بايدن بشدة نظام آل سعود لقتل خاشقجي وقال إنهم سيدفعون الثمن. هل سيتغير هذا بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض؟
باير: نعم، أعتقد بالتأكيد، لأنه أمر قام باستخدامه أثناء الحملة الانتخابية لضرب ترامب. وأعتقد أن الأمريكيين لا يهتمون الآن بما يحدث في المملكة. يمكن لمحمد بن سلمان أن يفتح معسكرات اعتقال شاسعة مثل الصينيين، ولن يهتم أحد بذلك. وأعتقد أن الرؤساء يتجهون إلى المبادرات الخارجية عندما لا يكون لديهم أي شيء يفعلونه في الداخل.
ارسال التعليق