"لا استثمار واستيراد وسياحة".. هل فتحت السعودية نار حرب تجارية مع تركيا؟
التغيير
قال وزير خارجية تركيا في مقابلة مع وكالة الأناضول الرسمية، الخميس 1 أكتوبر 2020: "سمعت عن أنباء كهذه لكنها ليست مؤكدة"، في تعليقه على أنباء حظر المملكة للمنتجات التركية.
وأضاف: إن "المسؤولين في المملكة فندوا تلك الادعاءات، لكننا ننتظر لنرى إن كان الحظر سيُفرض خلال الشهر الجاري".
وأكد أن "حظراً كهذا في حال إقراره لا يتفق مع قوانين منظمة التجارة العالمية والقانون التجاري الدولي". وقال إن بلاده تسعى لحل الخلاف على المستوى الثنائي، مضيفاً أنها "ستضطر لاتخاذ خطوات في حال عدم التوصل لاتفاق وفرض الحظر".
واعتبر أن تركيا "لم تظهر أي عداء للمملكة خلال الفترة الماضية"، وأن موقف بلاده "كان واضحاً للغاية" عقب مقتل خاشقجي بقوله إن هذا الموقف "لم يكن موجهاً ضد الإدارة والشعب في المملكة، إنما بسبب قاتلي خاشقجي وعدم تسليمهم للعدالة، وليس هناك أي موضوع آخر".
ورأى وزير الخارجية التركي أنه "يجب على المملكة وتركيا التعاون لمقابلة تطلعات الأمة الإسلامية بصفتهما من أقوى دول العالم الإسلامي"، على حد تعبيره.
أزمة محدودة؟
ويقول المحلل السياسي التركي فراس أوغلو في حديث لـ"التغيير"، إن الجميع ينتظر القرارات والرد الرسمي التركي، مشيراً إلى أن هذه الخطوات تخالف "قوانين التجارة الحرة".
ويرى أن الأمر قد يزيد سوءاً في حال واصلت المملكة في هذا الأمر، معتقداً في الوقت ذاته أن المملكة ربما تكون "فكرت في مثل هذا الأمر بحيث تقوم بطريقة ما لزيادة الشروط مثلاً أو دعم أصوات شعبوية تدعم القطيعة".
ويؤكد ضرورة أن تبحث تركيا عن "حلول مع المملكة"، مضيفاً: "في حال لم تثمر أي خطوات وحلول تقوم بها فعليها أن تتوجه لتوسيع تجارتها في أماكن أخرى".
وحول ما إن كانت هذه الخطوة قد تدفع إلى أزمة سياسية بين البلدين يقول أوغلو لـ"التغيير" إنه يرى الأمر مجرد "أزمة محدودة ضمن نطاقات معينة؛ لأن المملكة لديها توازنات مهمة ودقيقة من بينها تركيا"، مستبعداً أن تصل الأمور إلى حد القطيعة، و"ما سيحدث سيبقى في إطار الاقتصاد والإعلام".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وجه، في منتصف سبتمبر الماضي، خارجية بلاده للتواصل مع المملكة لكي تتخذ الخطوات اللازمة في سبيل تسوية القضايا العالقة بين البلدين.
تدهور التجارة والسياحة
منذ عام 2015، تراجعت واردات المملكة من تركيا تدريجياً مع تصاعد التوترات السياسية بين البلدين، وتحتل المملكة المركز الـ15 من بين أكبر أسواق التصدير في تركيا، حيث بلغت مبيعات السجاد والمنسوجات والمواد الكيميائية والحبوب والأثاث والصلب في 2020، 1.91 مليار دولار في الأشهر الثمانية الأولى من العام.
ويمثل هذا انخفاضاً بنسبة 17٪ عن عام 2019، ويُعزى بعضها إلى جائحة فيروس كورونا الذي أضر بالتجارة العالمية، لكن الإحصاءات تظهر أن قيمة الواردات التركية كانت تتراجع بالفعل كل عام منذ 2015.
ومنذ 2018، تدهورت العلاقات بين البلدين، ووصلت إلى نقطة منخفضة بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي، كاتب الرأي في صحيفة "واشنطن بوست"، في قنصلية المملكة في إسطنبول.
كما لجأت المملكة إلى التحذير بشكل مستمر من السفر إلى تركيا ومحاولة محاربة السياحة في تركيا، وبدأ هذا الحراك يحمل طابعاً دبلوماسياً رسمياً أيضاً، حيث أصدرت بعثات المملكة في تركيا تحذيرات وتنبيهات عدة لمواطني المملكة الموجودين في الأراضي التركية، تحدثت عن حالات سرقة جوازات السفر والمخاطر من الاستثمار في العقارات وجرائم صغيرة أخرى.
العلاقات بين البلدين
بدأت العلاقات التركية مع المملكة في عام 1932، بعد إنشاء المملكة الجديدة، ولكنها تدهورت في التسعينيات عندما انحازت الرياض إلى جانب سوريا في العديد من النزاعات مع أنقرة المجاورة.
وكانت أفضل أحوال تلك العلاقات حين زار الملك عبد الله بن عبد العزيز، تركيا في 8 أغسطس 2006، وهو ما شكل نقطة تحول مهمة في تاريخ العلاقات، حيث شهد خلالها توقيع 6 اتفاقات بين أنقرة والرياض.
وبحلول عام 2015، زار الرئيس التركي أردوغان الرياض، ووقع البلدان اتفاقية التعاون الاستراتيجي، وبعدها في أبريل 2016 زار الملك سلمان بن عبد العزيز تركيا، ووقع البلدان معاهدة لتأسيس مجلس التنسيق التركي مع المملكة، وعقد المجلس اجتماعه الأول برئاسة وزيري خارجية البلدين، في أنقرة.
أما على الصعيد العسكري والصناعي فأحرز البلدان تطوراً ملحوظاً، حيث شاركت القوات المسلحة التركية في مناورات استضافتها الرياض، فيما تلقّى عناصر من القوات الجوية تدريبات في ولاية قونية وسط تركيا.
وحول العلاقات التجارية فقد وصل التبادل التجاري بين البلدين إلى قرابة 5 مليارات دولار، وتولت شركات تركية مشاريع مهمة في المملكة، ضمن إطار "رؤية 2030"، وسط توقعات بالمشاركة في المزيد من هذه المشاريع.
في السياق ذاته تعد تركيا وجهة مفضلة للسيّاح ، فيما يحتل المستثمرون من المملكة المراتب الأولى ضمن استثمارات العقار في تركيا.
ارسال التعليق