محمد بن سلمان المسؤول الأول عن تحرشات الكونسرت
بعد أيام قليلة من حكم قضائي سعودي يقضي بالتشهير بمتحرش بامرأة استخدم ألفاظ بذيئة، إلى جانب سجنه ثمانية أشهر ودفع غرامة تعادل 1,330 دولاراً، ومحاولة النظام السعودي توظيفه إعلامياً وسياسياً بأنه لأول مرة في تاريخ المملكة يصدر حكما كهذا، تصدرت وسوم عدة تفضح ممارسات التحرش بالفتيات في فعاليات الترفيه المقامة ضمن موسم الرياض.
فقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي على مدار الـ24 ساعة الماضية، تفاعل واسع على وسوم عدة أبرزها #بنات_الكونسرت_بخطر، #تجمع_متضررين_الكونسرت، #الكونسرت_الحزين، وغيرها من الوسوم الأخرى، التي كشفت فيها فتيات عن تعرضهن للتحرش في كونسرت “حفلة موسيقية” ستراي كيدز في الرياض للفرقة الكورية الشهيرة ستراي كيدز المكونة من 8 أعضاء.
الحفلة كان مقرر إقامتها في بوليفارد بلس في السابعة والنصف من مساء الجمعة 14 يناير/كانون الثاني 2022، لكن هطول الأمطار الغزيرة تسبب في إلغائها، ما تسبب في تزاحم وتدافع الحاضرين تخللها حالات تحرش واسعة استغلالاً لحالة التخبط ومحاولة مغادرة المكان بسبب الأمطار بحسب ما كشفت عنه الفتيات عبر تغريداتهن على تويتر.
الفتيات نشرن شهادات حية مما تعرضن له، واتهمن شباب برشهن بمواد غريبة، واختطافهن في سيارتهم، فيما أبلغ بعضهن عن فقدان أصدقائهن وأقاربهن، واتهمن شبابا يرتدون زي التنظيم بالتحرش أيضا، كما اتهمن منظمين الفعالية بالتقصير والتورط في الأمر والمساهمة في حدوث هذه التجاوزات، وطالبن الجهات المختصة بسرعة التحرك وضبط المختطفين .
ووسط كل ذلك، كان لتركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه ومستشار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، رأي مختلف، إذ كتب عدة تغريدات ساخرة، نقل فيها روايات الفتيات التي كشفن عن تعرضهن للتحرش ومحاولة الاختطاف مستخفا بكلامهن، ومكذبا الروايات في طريقة لا تتناسب مع منصبه ووجوب تحريه الدقة والاستناد إلى تحقيقات معمقة.
وقال “ركبت صاروخ عشان ألحق على الكونسرت المهم لحقت عليه قبل المطر، ولقيت باص كله ناس من الفضاء ومعاهم بخاخات وبخو علي بس سبحان الله قبل توصلني البخه تكونت دائره حولي من جاذبيه وماجتني البخه”.
وأضاف آل الشيخ: “بعدها جلست اقاوم اقاوم ولقيت المنظمين ياكلون كنتاكي ومطنشيين الي في الباص من الفضاء الي يبخون على ناس، وانخطفت فجاءه ولما ركزت لقيت الي خاطفني اخوي وقلت له ليه تخطفني وانا اركض وهو يقول لي لازم اخطفك لنه مطر، وبعد ماهربت من اخوي رجعت ل صاروخ وسافرت مره ثانيه”.
واختتم تغريداته زاعما أن خلاصة قصة الهاشتاجات خارجية ومرسولة للإساءة للسعودية، قائلا: “على الأقل فكرو شوي يا أغبياء قبل ما تسوون هاشتاق! عن أي سخافه أتحدث!!!”؛ وأتبع تغريداته بالمشاركة في مساحة على تويتر كرر فيها نفس المزاعم مع إشارته إلى وقوف إيران وراء تفعيل الوسوم.
رواية آل الشيخ التي تحمل تهربا من المسؤولية وتبني للأكاذيب وترويج لها، وتشكيك في روايات الفتيات عن ما تعرضن له، تبناها ناشطون محسوبين على النظام السعودي، أبرزهم منذر آل الشيخ، وعبدالرحمن اللاحم، في المقابل استنكر ناشطون أن يصدر مثل هذه التصريحات من مستشار لولي العهد، فضلا عن ضعفه في الكتابة الصحيحة للغة العربية.
عضو حزب التجمع الوطني السعودي المعارض عبدالله الجريوي، قال إن أكثر من يدافع عن المتحرشين وينكر ما قد حصل هو متحرش آخر، واصفا الطريقة التي تعامل بها آل الشيخ مع الأحداث وشكوى الفتيات من سوء التنظيم وتعطل الفعالية بالساذجة والطفولية، واللا مسؤولة والمعيبة من مسؤول برتبة مستشار ووزير للترفيه.
واستنكر في حديثه مع الرأي الآخر، زعم رئيس هيئة الترفيه أن الوسوم التي مازالت فعالة حتى كتابة هذه السطور أي بعد ما يزيد عن يوم كامل، مصدرها من الخارج رغم أن التريند السعودي صعد به 3 وسوم تتحدث عن الفوضى التي حدثت في الكونسرت، مستبعدا أن يتخذ موقف ضد آل الشيخ لأنه الصديق المقرب والمحبب لولي العهد.
وأضاف الجريوي: “هذا شيء غير مستغرب حينما يكون تكليف الأشخاص بمناصب حساسة ورفيعة مبني على أصدقاء الطفولة لا من هم أكثرهم كفاءة”، موضحا أنه يقصد بكلامه هذا أن بن سلمان هو المسؤول الأول عن ما حدث ويتحمل كذلك تبعاتها، ومن المفترض حتى بعد هذه الحادثة وهذه التغريدات المسيئة أن يقيل آل الشيخ.
فيما استهجنت عضوة حزب التجمع الوطني ترف عبدالكريم، فتح آل الشيخ مساحة صباح اليوم على تويتر، لكي يدعي أن وجود تحرش في الكونسرت محاولة إساءة للملكة وتشويه صورتها، وأن من يدافع ويعيد نفس الكلام ويزيد ويشوه السمعة هم إيرانيون وغيرهم من أهلنا في الدول العربية.
وأشارت في حديثها مع الرأي الآخر، أن آل الشيخ ناقض نفسه بقوله إن الكونسرت غالباً يحضره ذوي الأعمار الصغيرة والخطأ وارد، لافتة إلى أن التحرش موجود في أعلى هرم السلطة التي يجب أن يبدأ تطبيق العقوبات من عندها، ولكن العديد من القوانين تسن ولا يتم تطبيقها إلا في حالات ضيقة.
وأوضحت ترف، أن ما يحدث من تحرش بالفعاليات هو انعكاس لما حدث من تحرش بالمعتقلات، بمعنى أن جميعها انتهاكات بالنسبة للمعتقلات ممنهجة لكسرهن ولردع الناشطات بهن، على أعلى مستوى ومن رأس الهرم، والفعاليات وما يحدث بها من تحرش هو نتيجة لعدم وجود قانون رادع يحمي النساء.
وأكدت أن الكونسرت هو بيئة خصبة لوجود التحرش ومكان جاذب للمتحرشين بالدرجة الأولى وليس لمن ينشد الترفيه الحقيقي، مضيفة: “تلتصق تهمة التحرش بشباب السعودية، وهنا لا نستطيع أن نغطي الشمس بغربال كما يقال، وعلينا أن نعترف أنه يوجد فئة متحرشة من الشباب الذين يجدون مثل هذه الأماكن مثالية لتفريغ شرورهم وإجرامهم”.
ورأت ترف، أن المسؤول الأول عن ظهور مثل هذه الظواهر وتفشيها بقوة هو بن سلمان، لأنه من قام بفتح المجال لها كوننا إزاء ملكية مطلقة لا صوت فيها سوى للحاكم الفرد، مؤكدة أن آل الشيخ وغيره ليسوا سوى أدوات بيديه، وهو الذي أوصل المملكة إلى هذا الحضيض في سمعتها بالترفيه الذي يغص بالمتحرشين والبطالة وتكميم الأفواه.
وأضافت: “بالتالي لا يمكن محاربة الفساد بأدوات فاسدة”، مشيرة إلى أن حقوق النساء تهدر لأن ملفهن أيضا أداة بيد بن سلمان لتلميعه في الداخل والخارج إلى جانب دبلوماسية الدولار التي تنتهجها المملكة لشراء الذمم، فضلا عن أن ملف النساء شائك من جميع الجهات وإغلاقه كله قد لا يكون بصالح أي سلطة قمعية.
وتابعت ترف: “لا بد أن يُبقي بن سلمان على ملف التعنيف والاعتقالات والتحرش بهن داخل المعتقلات بشكل مدروس وممنهج لتخويف الناشطات، وأيضا بالنسبة للفعاليات وما يثار حولها من تشويه سمعة وما إلى ذلك وسيلة لإلهاء المجتمع ولإثارة حفيظته لجعل ما يحدث يكون حديث المجالس، بينما هو يتربص بمن يعارض حتى هذا الترفيه من منطلق ديني”.
وبدورها، استنكرت عضوة الحزب لينا الهذلول، في تغريدات على حسابها بتويتر، الطريقة التي تعامل بها آل الشيخ مع الوقائع والشهادات الحية التي نقلتها الفتيات من خلال ثلاث وسوم على تويتر وصلوا للتريند، واصبحوا الأكثر تفاعلنا، ساخرة من تدشينه مساحة على تويتر تضم أكثر من 5 آلاف شخص.
وأشارت إلى أن الوسوم تدور حول الانتهاكات خلال الحفلات الموسيقية السعودية بما في ذلك التحرش واختفاء النساء، بالإضافة إلى دعوات إلى البحث عن النساء المختفيات وشهادات حية عن الاعتداءات الجسدية، منددة بنفي آل الشيخ وسخريته من الضحايا، ودعوة أصحاب الحسابات المدعومة من الحكومة إلى محاكمة كل من ينشر الأخبار.
ارسال التعليق