نيوم حلم بن سلمان.. مشروع يهودي قديم لشرق أوسط جديد
التغيير
يعد مشروع مدينة نيوم الذي يشكل أبرز ركائز رؤية مملكة آل سعود 2030 التي روج لها طويلا محمد بن سلمان مشروعا يهوديا قديم لشرق أوسط جديد.
قبل 25 عاما، أصدر الرئيس الإسرائيلي آنذاك شمعون بيرس، وتحديدا عام 1995م كتابا جديدا تحت عنوان “الشرق الأوسط الجديد” وتحدث عن رؤيته حول مستقبل المنطقة مثل: ربط إسرائيل وفلسطين والأردن في “بنلوكس”، وإقامة سوق اقتصادية مشتركة على غرار السوق الأوروبية وخلق تحالف عسكري موحد على غرار حلف الناتو.
منذ صعود محمد بن سلمان الحكم في بلاده، بدأ ينفذ الأحلام اليهودية في الشرق الأوسط بدء من تحالف عسكري مشترك ضد إيران، وإقامة منطقة تجمع دول عربية بإسرائيل.
وفي عام 2016 أطلق بن سلمان مشروع “نيوم” الضخم قرب البحر الأحمر ضمن مربع يجمع بين إسرائيل والأردن ومصر والسعودية، ووافقت مصر على ذلك ومنحته جزيرتي تيران وصنافير، وأضحت مملكة آل سعود شريك في اتفاقية “كامب ديفيد”.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، عين بن سلمان رجل الأعمال كلاوس كلاينفيلد، رئيسا تنفيذيا لمشروع “نيوم” عام 2017.
وعين بن سلماناليهودي ذو الأصول الألمانية، صاحب تجربة تجارية فاشلة وذو سمعة سيئة، في المنصب السابق، ثم قام بترقيته عام 2018 مستشارا خاصة له.
وظهر كلاوس في مقطع فيديو، قائلا: “لدينا سلطة تشريعية كاملة لنيوم وقد طلب منا بن سلمانأن نكتب هذه التشريعات بأكثر طريقة تجذب المستثمرين، وبطريقة تناسب المستقبل”.
والمستشار اليهودي مر بمحطات تجارية فاشلة، فتورط عام 2006م بعملية فساد كبري في شركة “سيمنس” الدولية، وقدم رشاوى بمليون دولار من أموال الشركة التي كان رئيسها التنفيذي.
وأدار مستشار بن سلمان عام 2008م، عملية رشوة بين مسؤلين في البحرين خلال توليه منصب رئيس شركة “ألكوا” الأمريكية.
وأقدمت وسائل إعلام وقتها على حذف خبر قديم يعود لعام 2005، يكشف تورط كلاوس كلاينفيلد بفضائح الفساد.
ويتعلق الخبر باقتحام عناصر النيابة العامة في “ميونيخ” مكتب “كلاوس” وفتشته مع مدراء آخرين وجمدت حسابات الشركة في إطار فضيحة اختلاس قدرت بـ200 مليون يورو وتهريبها للخارج عن طريق فتح حسابات مصرفية في ألمانيا.
ومنذ الانقلاب الناعم الذي نفذه بن سلمان داخل الديوان الملكي عام 2017م، بدأت مؤشرات التطبيع مع إسرائيل، وأطلق الذباب الالكتروني وسم “سعوديون مع التطبيع”، بعد أيام من زيارة قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للرياض في 21 مايو من نفس العام.
وقبل وصول ترامب إلى الرياض جرى الحديث عن بعد في الزيارة يتعلق بمفاوضات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، لا سيما أن محطته الثانية كانت فلسطين المحتلة، من أجل لقاء رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وذهبت بعض الأصوات مملكة آل سعود للمناداة بضرورة أن تبادر البلدان العربية بخطوات تطبيعية تجاه إسرائيل من أجل كسب ود الإدارة الأمريكية.
ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، قبل الزيارة بعدة أيام، تقريراً أشار إلى أن مملكة آل سعود أوصلت لإدارة ترامب استعدادها لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع إسرائيل من دون شروط، وأنها بذلك تسحب من التداول المبادرة التي تقدمت بها للقمّة العربية عام 2002، التي تقوم على إقامة دولة فلسطينية على أراضي 1967، وعودة اللاجئين، والانسحاب من الجولان، مقابل الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها.
ولعل آخر مؤشرات التطبيع تمت إعلاميا في 26 يناير 2020، مع إعلان إسرائيل السماح لمواطنيها بزيارة مملكة آل سعود لأول مرة في التاريخ.
ولم تنفِ مملكة آل سعود أو تصدر تصريحات على تلك التقارير، وعلى الرغم من أنه رسمياً لا توجد علاقات دبلوماسية بين مملكة آل سعود وإسرائيل فإن السنوات الأخيرة شهدت تقارباً كبيراً بينهما، وزادت العلاقات بشكل أكبر.
وفي 25 يناير 2020، عرضت القناة الـ”12 الإسرائيلية” تقريراً من إعداد المراسل هنريكه تسيمرمن حول “التحديث والانفتاح” الذي يجري في مملكة آل سعود برعاية محمد بن سلمان.
وذكرت القناة أن تسيمرمن هو من “الإسرائيليين المعدودين الذين استطاعوا زيارة السعودية”، وذلك للاطلاع على “مملكة آل سعود المغلقة التي ربما نستطيع زيارتها لاحقاً”، وفق تعبيرهم.
وأشارت القناة إلى أن المراسل تمكن من مقابلة الجنرال السعودي محمد الشريف، الذي أكد أن “السائحين مدعوون لزيارة السعودية، فنحن نريدهم أن يأتوا ليروا دولتنا ويتعرفوا عليها قدر الإمكان”.
وفي 5 ديسمبر الماضي 2019، نشرت صفحة إسرائيل بالعربية التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، على “تويتر”، صوراً تظهر زيارة يهودي إلى مملكة آل سعود ، مؤكدة أن ذلك يأتي “نتيجة كسر حواجز الشك المبنية على مدى عقود”.
وتناقلت وسائل إعلام إسرائيلية، من بينها هيئة الإذاعة الرسمية، مقاطع الفيديو، لافتة إلى أن الزيارة قام بها يهوديان لم تسمهما، في حين تظهر الصور التي نشرتها إسرائيل بالعربية قيامهما بجولة التقطا فيها صورة قرب برج مملكة آل سعود ، أحد أهم معالم العاصمة الرياض.
وكان موقع “أفريكا إنتلغنس”، المختص بنشر الأخبار الخاصة، أفاد بأن “بن سلمان” طلب من رئيس موريتانيا محمد ولد الغزواني التواصل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وذكر الموقع أن بن سلمان خلال لقائه بالرئيس المورتاني، في الرياض، شباط/ فبراير الماضي، حاول إقناعه بضرورة تفعيل العلاقات مع “تل أبيب”.
وتفاجأ الضيف الموريتاني – حسب الموقع – بالعرض السعودي، لكنه رد ببديهة سريعة قائلا: “إن الأمر يتطلب سياسة عربية موحدة تجاه إسرائيل”.
وتتوقع مملكة آل سعود أن تصل الاستثمارات العامة والخاصة في “نيوم” إلى 500 مليار دولار. وستركز المدينة العملاقة على صناعات مثل الطاقة والمياه والتكنولوجيا الحيوية والغذاء والصناعات المتطورة والسياحة.
وينتهج بن سلمان، مساران في سبيل تحقيقه حلمه بروية “2030” وبناء مدينة “نيوم” الذكية غير آبها باقتصاد بلاده الذي يحذو نحو الهاوية بشكل غير مسبوق.
ويسير بن سلمان الذي يواجه انتقادات دولية وعالمية، بمسار تهجير قبيلة الحويطات واعتقال أفرادها وقتلهم لإجبارهم على الرحيل من أراضيهم لصالح “نيوم” في المقابل يدفع ملاين الدولارات خارج مملكة آل سعود للترويج لمدينته التي تواجه أزمات عديدة.
واستأجر بن سلمان، في 10 يونيو الجاري واحدة من أكبر شركات العلاقات العامة في العالم لتحسين صورته الاجرامية والترويج لمدينته التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار أمريكي.
وأفاد موقع “Foreign Lobby” الأمريكي: بأن “نيوم” وقعت عقدًا بقيمة 1.7 مليون دولار مع شركة “Ruder Finn” لتعزيز جهود المسؤولية الاجتماعية للمدينة المخططة على مساحة 10000 ميل مربع في شمال غرب مملكة آل سعود .
وشركة “Ruder Finn Kathy Bloomgarden” تقودها امرأة ولديها مقر مزدوج في نيويورك وبكين وهي من بين أكبر شركات الاتصالات الخاصة في العالم.
ووفقًا للإيداع ، تتوقع Ruder Finn تحديد موقع اثنين أو ثلاثة في مملكة آل سعود للمشروع “بدعم من فرق” من مكاتبها في الولايات المتحدة وآسيا. وسيشمل عملها تطوير موقع على شبكة الإنترنت واستراتيجية لوسائل الإعلام الاجتماعية لـ”نيوم” بما في ذلك المساعدة في حملات وسائل الإعلام الاجتماعية “المتعلقة بالترويج لنيوم كمدينة المستقبل”.
وذكر الموقع الأمريكي أنه قد يتضمن العمل أيضًا محاولات “للتأثير على أفراد الجمهور الأمريكي أو المسؤولين الحكوميين الأمريكيين فيما يتعلق بمشروع مدينة نيوم.
وبالنسبة لبعض أفراد قبيلة الحويطات التي تسكن مقر “نيوم” منذ قرورن، كان الأمر بمثابة كابوس، ويطالب أفراد القبيلة بحقهم في أرضهم ويرفضون التهجير.
وقالت المديرة السابقة لمنظمة هيومن رايتس ووتش سارة ليا ويتسون: “بدلاً من التشاور مع المجتمع المحلي والسعي لإدماجهم في الخطط الطموحة للمنطقة، عاملت الحكومة مواطنيها مثل الأشياء التي يمكن التخلص منها ليحل محلها مستوطنون عالميون لامعون”.
وأضافت ويتسون أن سلطات آل سعود تريد الأرض فقط ولا تريد أهل المنطقة، واصفة ذلك بأنه يعكس ازدواجية السلطات في مملكة آل سعود ، مشيرة إلى أن “الحكومة في مملكة آل سعود ليس لديها أي احترام للموطنين، فهي ترغب في بناء مدينة مستقبلية على الأراضي ولكن بلا مواطنين”.
وذكر الباحث القانوني عبد الله العودة: “هذا ما يحدث عندما يعلن الحاكم المتشدد أنه هو وحده هو الذي سيقرر مستقبل بلاده”.
وأعلن “نيوم” الأسبوع الماضي عن إطلاق مبادرة مجتمعية لتعليم اللغة الإنجليزية. تعد المبادرة جزءًا من برنامج لتدريب 1000 طالب في مجال السياحة والضيافة والأمن السيبراني هذا العام في أكاديمية “نيوم”، التي افتتحت في يناير.
وقال العودة: “بسبب التغطية السلبية في الخارج ، يريدون إجراء العلاقات العامة ، ولكي يعملوا العلاقات العامة، فإنهم سيجرون بعض التغييرات السطحية هنا وهناك لجعلها تبدو حقيقية”.
وأكد أن القضية الرئيسية هي النزوح ولا تزال هناك. عندما نتحدث عن تعويض عادل، نعني في المقام الأول آلية قانونية واضحة وشفافة يمكنها تعويض القبيلة والأشخاص الآخرين ومعاملة الناس بإنصاف. لا يتعلق الأمر بمشروع واحد. الأمر يتعلق بالآلية القانونية المفقودة هنا.
بالإضافة إلى الضغط من السكان، كان على “نيوم” التعامل مع الأسئلة حول جدوى المشروع. في العام الماضي، استأجرت شركة “نيوم” شركة Teneo الاستشارية التنفيذية لرئيس نيويورك بمبلغ 2.1 مليون دولار لإنشاء “خطة تحديد المواقع الإستراتيجية” لرئيس شركة Neom CEO Nasr والتعامل مع إدارة الأزمات والاتصالات.
وقبل أيام أطلق نشطاء وحقوقيون حملة دولية تحت عنوان “العدالة لضحايا نيوم” بهدف فضح جرائم النظام السعودي وتحقيق العدالة لقبيلة الحويطات مملكة آل سعود التي قمعت سلطات آل سعود أبناءها وتجبرهم على الرحيل من أراضيهم وتعتقل بعضهم لصالح بناء مشروع “نيوم”.
وبدأت قضية قبيلة الحويطات تحديدا في يناير/كانون الثاني 2020 عندما أبلغت القبيلة سلطات مملكة آل سعود رفضها مغادرة أرضها من أجل المشروع.
وكانت قبيلة الحويطات قد احتجت على مشروع المدينة الذي يشكل جزءا حيويا من الرؤية الاقتصادية لمحمد بن سلمان، وتعرضَ عدد من أفراد القبيلة للقتل والاعتقال بسبب شعاراتهم المناهضة للترحيل.
ارسال التعليق